وجّه بنكيران الأمين، العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعين مؤخرا من لدن الملك، تعليماته إلى المنتمين إلى حزبه والمتعاطفين معه لعدم الاستجابة بأي شكل من الأشكال لأي احتجاج بخصوص وفاة الشاب محسن فكري، الذي قضى مساء الجمعة المنصرم؛ وهو القرار أو التوجيه الذي أثار العديد من ردود الأفعال. واكتفى بنكيران بالتعبير عن "أسفه للحادث المؤلم لوفاة بائع السمك بمدينة الحسيمة، المرحوم محسن فكري"، بعدما رمى بالحادث في ملعب وزارة الداخلية قائلا إنه جرى فتح تحقيق من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. توجيه بنكيران، الذي نقله عنه موقع حزبه، جاء في الوقت الذي تنتشر فيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي دعوات إلى تنظيم وقفات تضامنية مع الشاب فكري في جل المدن الكبرى للمملكة؛ وهو التوجيه الذي ينضاف إلى توجيهات أخرى مماثلة وجهها بنكيران إلى المنتمين إلى حزب "المصباح" وإلى المتعاطفين معه بعدم الانخراط في الاحتجاجات كما سبق أن فعل خلال الحراك الشعبي لسنة 2011. موقف بنكيران اعتبره عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قراءة متمعنة لرئيس حكومة تصريف الأعمال محاولا في ذلك تفادي الانزلاقات الممكنة في تدبير هذا الحدث الخطير بحسبه؛ وهو "وهنا يتحدث من موقعين الأول كرئيس حكومة يصرف أعمالها، والثاني كأمين عام حزبي ويدفع بقواعد حزبه لعدم الخروج للاحتجاج وهي ليست المرة الأولى التي يقوم بالموقف نفسه". وحسب المتحدث ذاته، فإن تقييم بنكيران قد يرى فيه إمكانية توظيف الحدث سياسيا؛ "وهنا سنكون أمام ما وقع خلال ال5 سنوات الماضية، عندما كانت كل الأحداث السياسية توظف للصراع مع الحكومة. وكانت العديد من الأحزاب توظف الشارع كذلك للصراع نفسه. وأعتقد أن بنكيران ما زال يفكر في ما وقع خلال الخمس سنوات الماضية"، مردفا أن الخطورة تكمن في إذا لم ينتبه عبد الإله بنكيران وفي الوقت نفسه أطراف المعارضة وتم توظيف حدث وفاة المواطن البسيط سياسيا وآنذاك ستكون تكلفته كبيرة على المغرب". وزاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط بالقول إن المسؤولية مرتبطة بالأساس بأشخاص يمثلون الإدارة، أي الأداة المرتبطة بالحكومة، "وهم يتخذون قرارات خطيرة جدا تكون تكلفتها كبيرة لا على الحكومة ولا على الدولة"، على حد تعبيره. السليمي شدد بالقول إن الواقعة الأخيرة لوفاة شاب بين آلة ضغط شاحنة للأزبال تؤكد أن مشاكل المغرب كلها، وخاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، تأتي من المسؤولين الإداريين الذين يرتكبون أخطاء كثيرة ومتعددة، موضحا أن الخطاب الذي يروج سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى أجهزة الدولة لا يصل إلى مسؤولين موجودين في مناطق جغرافية معينة كما وقع مؤخرا. عن هسبريس