حالة من الذعر تعم فئة من مغاربة هولندا بعد توصل عدد منهم باستدعاءات من مصالح الإعانات الاجتماعية للتحقيق معهم حول "ممتلكاتهم" في المغرب. "الانتقاء بني على أساس عرقي"، يقول فؤاد بنصديق محامي مجموعة من المشتكين. وقع الصدمة في غضون الأسابيع القليلة الماضية توصل كثير من المغاربة القاطنين في مدينة روتردام باستدعاءات ظاهرها 'بريء‘ تطلب منهم الحضور إلى مكتب الإعانات الاجتماعية بصحبة زوجاتهم والبطاقة الوطنية المغربية للزوج والزوجة (إثبات الهوية) مع وثيقة تأمين نقل الأموات، وهي أيضا وثيقة مغربية تمنحها البنوك المغربية لزبنائها بمجرد فتح حساب لديها، وهي كلها وثائق لا علاقة لها بالإدارات الهولندية. والصدمة حدثت حينما شرع 'محققون‘ في التحقيق معهم على انفراد. محمد طراز من مؤسسة 'أبو رقراق‘ للعمل الاجتماعي في روتردام أكد أنباء هذه التحقيقات 'الغريبة‘. وأضاف في اتصال هاتفي مع إذاعة هولندا العالمية أن كثيرا من المواطنين الهولنديين من أصل مغربي هالهم خبر "العشوائية" في انتقاءات التحقيق والأهداف الحقيقية من وراء هذه الإجراءات التي يبدو أن بلدية روتردام التي يرأس عمادتها هولندي من أصل مغربي هو أحمد أبو طالب، هي أولى البلديات التي شرعت في تطبيق هذه السياسة "الانتقائية". ولأجل مزيد من الاستيضاح نظمت مؤسسة 'أبو رقراق‘ يوم الأحد 31 مارس الماضي اجتماعا كبيرا حضره أكثر من 100 شخص فضلا عن حضور سياسيين من أصل مغربي ومحامين. المغاربة أولا اعتبر محمد طراز لقاء الأحد "ناجحا" لأنه أولا أكد "الإشاعات" التي كانت تنتقل بسرعة داخل أفراد الجالية المغربية، ودفع ثانيا السياسيين الحاضرين في الاجتماع إلى مساءلة المسؤولين في البلدية عن مغزى هذه الإجراءات. كان حاضرا أيضا المحامي فؤاد بنصديق الذي تلقى عددا من الشكاوى من المغاربة. يؤكد المحامي بنصديق أن المغاربة هم أول من طالهم التحقيق حتى الآن، ولكنه لا يستبعد أن تتوسع الدائرة لتشمل الأقليات الأخرى مثل الأتراك والسوريناميين وهم سكان المستعمرة الهولندية السابقة في المحيط الهادئ. وشدد الأستاذ بنصديق على أن هذا القرار يحتاج إلى "توضيح أكثر" من البلدية خاصة وأنه يستهدف فئة معينة دون غيرها من المجتمع الهولندي "دون الاستناد على قرائن ملموسة عن وجود غش" أو تحايل في الحصول على التعويضات الاجتماعية؛ الأمر الذي يعني أن "الانتقاء بني على أساس إثني". أسس مبهمة وفق المحافظ القانوني (بمثابة وزير محلي) للعمل والشؤون الاجتماعية في البلدية، فإن هذه العينة الانتقائية تشمل 20 أسرة فقط، غير أن المحامي بنصديق أكد لإذاعة هولندا العالمية أنه اطلع شخصيا على حالة 120 أسرة مغربية. ومما يثير الاستغراب أن الأسس التي اعتمدتها البلدية ليست واضحة تماما، بحسب الأستاذ بنصديق الذي أورد بعضا منها مثل: معلومات ميدانية من المغرب والعطل الطويلة (أكثر من 28 يوما) وأن يكون المعني بالأمر قاطنا في المناطق الحضرية التي تعمل وفق نظام التحفيظ العقاري، كما أنها تهم البالغين من العمر 50 سنة فما فوق. مع المراقبة ولكن فؤاد الحاجي عن حزب العمل ونور الدين الوالي عن حزب اليسار الأخضر، وجها بتاريخ 2 أبريل الجاري مساءلة كتابية للمجلس المسير لبلدية روتردام (تتوفر الإذاعة على نسخة منها) استنكرا من خلالها طريقة تعامل مصلحة المساعدات الاجتماعية مع المغاربة، والتي تشبه في نظرهما "الاستنطاق"، كما تساءلا عن جدوى طلب إبراز الوثائق الثبوتية المغربية التي لا تتوفر على أية صفة قانونية في الإدارات الهولندية. وأضاف السياسيان الهولنديان من أصل مغربي في تساؤلهما أنهما ليسا ضد تشديد المراقبة ومحاربة الغش والتلاعب وفق القوانين المعمول بها في هذا البلد، ولكنهما يطالبان بأن يعامل المواطنون الذين يحصلون على الإعانات الاجتماعية "معاملة لائقة". ماذا بعد أسفر اجتماع 'أبو رقراق‘ يوم 31 مارس الماضي عن تشكيل لجنة مصغرة لمتابعة هذه القضية وتنظيم المزيد من اللقاءات الهادفة إلى التوعية والإرشاد مع إمكانية فتح "خط أخضر" لاستقبال الشكاوى وطلب المعلومات. ومن جانبه ينتظر المحامي فؤاد بنصديق رأي المحكمة في الموضوع عما قريب، كما أنه ربط الاتصال مع محامين هولنديين من أصول أثنية أخرى تركية وغيرها، لتوحيد الجهود وتدارس الأوجه القانونية لهذه السياسة الانتقائية التي بدأت في روتردام أولا وفي بلديات أصغر منها مثل بلدية سخيدام المجاورة وبلدية دن بوش في إقليم برابنت، جنوب البلاد. وشدد كل من بنصديق وطراز على أهمية دور المساجد والجمعيات المغربية في إيصال المعلومات الدقيقة للمغاربة. وبحسب المعلومات المتداولة فإن هذه السياسة الانتقائية اتفق عليها عقب اجتماعات بين أربع بلديات كبرى، واختيرت روتردام لتجريبها. وفي جالة نجاحها يتم تنفيذها على الصعيد الوطني، كما يحدث عادة مع أي مشروع تجريبي.