اعتبر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي تحركات المعارضة السياسية والنقابية، بأنها محاولة لعزل الحكومة عن شركائها عند محاولة إطلاق أي إصلاح هيكلي. وأكد الخلفي في مداخلة له، أثناء تقديم وزراء حزب العدالة والتنمية حصيلة أدائهم الحكومي أمام القيادات المحلية للحزب، بأن الهدف من هذه التحركات هو إرباك مسار الإصلاح وجعل ولادته معاقة ومشوهة. وقال: "في مشروع إصلاح الإعلام يتم تحريك الإعلام، وفي مشروع إصلاح القضاء يتم تحريك القضاء، وعند الاقتراب من ملف الجمعيات يتم تحريك بعض الجمعيات، وفي عالم الأعمال نرى تحرك بعض رجال الأعمال وفي الحوار الاجتماعي تتحرك بعض النقابات..". ودعا الخلفي أعضاء حزبه إلى الانتباه حتى لا ينقل خطاب المعارضة إلى صفوفهم، في إشارة ضمنية للانتقادات التي وجهت في هذا اللقاء للوزراء المحسوبين على حزب العدالة والتنمية، أو تلك الصادرة عن تنظيمات موازية للحزب، ومن ضمنها نقابة الاتحاد الوطني للشغل. في هذا السياق، صعّد محمد يتيم رئيس النقابة المذكورة لهجته تجاه عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة، مطالبا إياه بتفعيل لقاءات الحوار الاجتماعي بالرفع من وتيرته وتحديد سقف زمني لكل دورة من دوراته، وبإعطاء الأولوية لمطالب الشغيلة المادية والمعنوية. واستنكرت نقابة يتيم، في بيان لها، حصلت "العربية.نت" على نسخة منه، ما أسمته بتواصل الإجهاز على الحريات النقابية بالمؤسسات العمومية وشبه العمومية وبالقطاع الخاص، وكذا مسلسل الطرد الجماعي لأعضاء المكاتب النقابية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. وقال عبد العزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، في مداخلة له إن الاحتجاجات ستكثر، وإنه لا يجب أن تزعزعهم، معتبرا بعض الاضرابات القطاعية بأنها سياسية ولا علاقة لها بالمطالب النقابية، في حين وصف مطالب مستخدمي الطرق السيارة بالمغرب، المنادية بالإدماج في الوظيفة العمومية بأنها ستفتح باب جهنم على البلاد. وحاولت "العربية.نت" الاتصال برئيس الحكومة عبد الإله بن كيران لمعرفة ما إذا كان موقفه المتهكم من "مسيرة الكرامة" التي دعت إليها مؤخرا بعض المركزيات النقابية، مؤشرا على انسداد باب الحوار، وبالتالي الدفع بتعميق الاحتقان الاجتماعي، لكنه لم يكن يرد. ففي تعليقه على خروج نقابتين في مسيرة وطنية علمت "العربية.نت" حسب المنظمين مشاركة 100 ألف شخص فيها، قال بن كيران أمام أطر حزبه، متهكما: "ربما ظنوا أن السنة مرت بسرعة وحل فاتح ماي". وعبر المحلل السياسي والاقتصادي محمد الصالحي عن تخوفه من أن ينقلب السحر على الساحر، في تعليق منه على سخرية رئيس الحكومة من "مسيرة الكرامة"، لكونها غير مقبولة . وقال بأن مرور ستة أشهر على حكومة بن كيران، كافية لإصدار حكم قطعي حول عجز هذه الأخيرة عن تنفيذ الالتزامات التي وعدت بها الناخبين، كتحقيق نسبة نمو في 7 بالمائة، ليبدأ الحديث أثناء إعداد قانون المالية، عن حصر هذه النسبة في 4,5 بالمائة، ثم 3,5 في المائة كما هو رائج تبعا له في الأوساط الرسمية، وإذا ما بلغ التضخم نسبة 3 بالمائة، فإن النمو الحقيقي سيكون 0 بالمائة أو ما دون ذلك يقول الصالحي. وأبرز بأن الاقتصاد الوطني غير خاضع للشفافية، وأن مجمل الثروات والطاقات الاقتصادية محتكرة ومحمية بقرارات سياسية مركزية تخدم مصالح وامتيازات المنتفعين من نظام الريع، وبالتالي فهو لا يساعد في نظره على تقديم حلول اجتماعية وفق الظرفية الوطنية والعالمية، بقدر ما سيتم الاكتفاء بتقديم بعض المهدئات للتعايش مع الأزمة. وأكد على أن الحكومة عملت على دغدغة عواطف المغاربة من خلال إلقاء تصريحات لما يريد أن يسمعه الشعب، وليس لما يريد أن يتحقق، وساق نموذجا لذلك بشعار محاربة الفساد الذي لم يتعد حسبه، نشر لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل، دون التصريح بالمسؤولين الذين أشروا عليها، أو العمل على استرجاع هذه الرخص والمال العام المهدور، هذا دون أن يكشفوا تبعا له عن رخص المقالع والصيد في أعالي البحار. وأضاف أن تنصل الحكومة من الالتزامات الموقعة مع النقابات برسم السنة الماضية، وكذلك العاطلين من حاملي الشهادات العليا، ونهج أسلوب القمع المتمثل في الاختطافات والمحاكمات والاعتقالات التي تطال مناضلي اليسار والعمال ومناضلي حركة 20 فبراير، مشيرا إلى أن الحكومة لم تتوفر على القدرة لإنزال وتفعيل مضامين الدستور. وتساءل الصالحي في هذا السياق، كيف يعقل أن رئيس الحكومة لم يستطع أن يفرض دفاتر التحملات المتعلقة بالمؤسسات العمومية، مع أنه هو من سيحاسب على هذا الأمر في آخر المطاف، كما أن الحكومة عجزت تبعا له عن تدبير العديد من القرارات داخل القطاعات التابعة لها، مبررة ذلك بجيوب المقاومة. وزاد الصالحي متسائلا، هل قدر هذا الشعب أن يبقى محكوما بنفس الخطاب الذي كانت تردده حكومة عبد الرحمن اليوسفي، فهل جيوب المقاومة هي التي نزلت بعصا القمع على أكثر من حركة احتجاجية، حسب وصفه.