أعلن الطيب الشرقاوي وزير الداخلية المغربي في مؤتمر صحافي بعد ظهر السبت بتوقيت الرباط أن النتائج المؤقتة أكدت فوز التيار الإسلامي ممثلا في حزب العدالة والتنمية ب80 مقعدا من إجمالي 395 مقعدا في مجلس النواب، وبلغت نسبة المشاركة 45.40 في المائة، وستعلن النتائج النهائية غدا الأحد. هذه الأغلبية العددية تجعل العدالة والتنمية على رأس تحالف حزبي لتشكيل الحكومة القادمة. وفور إعلان النتائج أكد عبدالإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية استعداده لإدارة حكومة وفق المعطيات التي تحافظ على استقرار المغرب وعلاج مشاكله، وكذلك استعداده للتحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل الحكومة، ردا على ما أعلنه حزب الاستقلال الذي حصد 45 مقعدا عن اتجاهه للائتلاف مع "العدالة والتنمية"، فيما حل التجمع الوطني للأحرار الذي يسمى بحزب الحمامة ثالثا وفاز ب38 مقعدا، وكان قد دخل في مشادات وتجاذبات عنيفة مع الإسلاميين أثناء الحملات الانتخابية. وجاءت النتائج كالتالي: حزب العدالة والتنمية 80 مقعدا، حزب الاستقلال 45 مقعدا، حزب التجمع الوطني للأحرار 38 مقعدا، حزب الأصالة والمعاصرة 33 مقعدا، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 29 مقعدا، الحركة الشعبية 22 مقعدا، الاتحاد الدستوري 15 مقعدا، حزب التقدم والاشتراكية 11 مقعدا، الحزب العمالي مقعدان، حزب التجديد والإنصاف مقعدان، الحركة الديمقراطية الاجتماعية مقعدان، حزب البيئة والتنمية المستدامة مقعدان، حزب العهد الديمقراطي مقعدان، جبهة القوى الديمقراطية مقعد واحد، حزب العمل مقعد واحد، حزب الوحدة والديمقراطية مقعد واحد، حزب الحرية والعدالة الاجتماعية مقعد واحد، حزب اليسار الأخضر المغربي مقعد واحد. وكشفت النتائج عن صمود الأحزاب الأخرى بتعدد توجهاتها، وقدرتها على المنافسة أمام "تيار ديني" يعد هو الأقرب لمجتمع محافظ بخطابه المطروح. ففي حالة حصول حزب العدالة والتنمية على 100 مقعد كما أعلن زعيمه بن كيران فذلك يعني أنه فائز عدديا بنسبة ربع المقاعد تقريبا، وأن ثلاثة أرباع البرلمان تسيطر عليها تيارات أخرى. وهذا يطرح بدوره الشكل النهائي للفسيفساء السياسية والاجتماعية لمجتمعات المغرب العربي. فحزب النهضة الفائز في تونس لم يستحوذ على أغلبية مطلقة وتقاسم السلطة في النهاية بترويكا ثلثاها لصالح الحداثيين والليبراليين، وإن كان هو على رأس الحكومة. المقاعد التي حققها "العدالة والتنمية" القريب من نهج النهضة ووسطيته قد تضعه على رأس الحكومة، لكنها كشفت عن واقع جديد، وهو أن خطاب التيار الإسلامي السياسي بلغته التقليدية لم يعد يدغدغ مشاعر المجتمع كالعادة، وأن الأمر تغير عن آخر انتخابات حقق فيها هذا التيار فوزا كاسحا، وهو الذي حصل في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي. ولهذا صارت اللغة متقاربة للغاية بين الإسلاميين والليبراليين في المعترك السياسي، والرهان في النهاية يكون لصالح من يقدم برنامجا واقعيا لحل المشاكل الاقتصادية وأبرزها البطالة وجلوس كثير من خريجي الجامعات بلا عمل. وفي نظر الراصدين لذلك التغير في المزاج الانتخابي لا يستطيع الإسلاميون البقاء في الحكم وحوز الأغلبية دائما اعتمادا على التوابل الدينية إن لم يتوج وصولهم إلى إدارة الحكم بنتائج ملموسة.