أعلن اليوم الأربعاء في العاصمة المغربية الرباط عن قيام أول تحالف سياسي يجمع 7 أحزاب تنتمي إلى كل من المعارضة والائتلاف الحكومي، في خطوة يراها المراقبون استباقية للانتخابات التشريعية المرتقبة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك من أجل تكوين جبهة في مواجهة الإسلاميين ممثلين في "العدالة والتنمية" المعارض، وفق ما تسرّب من المطبخ الداخلي للتحالف الجديد. وفي كلمة تقديمية للحدث أكد صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية في الحكومة المغربية الحالية الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار اليميني، والذي كان يتحدث بنبرة فيها ثقة، أن هذا التحالف هو من أجل الأمل في المغرب ومن أجل مواجهة المشككين في الإصلاحات التي تبناها الشعب المغربي، ملمحاً إلى أن هذا التحالف يهدف إلى قيادة الحكومة المغربية لما بعد التشريعيات. ويتكون التحالف الجديد الذي حمل اسم "التحالف من أجل الديمقراطية" من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية اليمينيين المشاركين في الحكومة، بالإضافة إلى كل من حزب الأصالة والمعاصرة المعارض الذي يترأس مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان، والحزب العمالي والحزب الاشتراكي وحزب اليسار الأخضر والاتحاد الدستوري وحزب النهضة والفضيلة، وهذه الأحزاب بدورها تنتمي إلى المعارضة السياسية للحكومة الحالية. ويحمل المشروع السياسي للأحزاب المتحالفة - كما أعلنت عن ذلك - هدف التحول النوعي لعمل الأحزاب السياسية المغربية، والارتقاء إلى مستوى التحديات الحقيقية التي تواجهها البلاد والانتصار للأمل والثقة بالمستقبل. تجاوز التنافس وداخل إحدى قاعات الطابق الخامس لأحد الفنادق، تم الإعلان عن أول تحالف سياسي يكشف عن مكوناته قبل أسابيع قليلة على موعد الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، وبين الحضور في الصفوف الخلفية، جلس 5 من الوزراء في الحكومة الحالية، ويتعلق الأمر بكل من أنيس بيرو، وزير الصناعة التقليدية، وياسين الزناكي، وزير السياحة، وأمينة بنخضرا وزيرة الطاقة والمعادن، ومنصف بلخياط وزير الشباب والرياضة، ومحمد أوزين، كاتب الدولة في الخارجية، فيما جلس في المنصمة الرسمية كل من الوزيرين صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، وامحند العنصر، وزير الدولة. ولم يتوقف المصورون عن توثيق اللحظة إلى أن بدأ الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار في الإفصاح عن أن هذه الندوة الصحافية ليست للإعلان عن الانسحاب من الحكومة ولكنها لتأكيد مواصلة العمل داخل التشكيلة الحكومية إلى آخر يوم. وفي الوثيقة الرسمية لإعلان التحالف الثماني تشير الأرضية السياسية إلى أن إرادة العمل المشتركة لدى هذه الأحزاب تنطلق من وعي بدقة وأهمية المرحلة التاريخية التي يجتازها المغرب دولة ومجتمعاً، في ظل التحديات الداخلية، الاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية، والتحديات الخارجية المتمثلة في الأزمة الاقتصادية العالمية الجديدة والحراك العربي والتحولات التي يعرفها العالم على كافة الأصعدة. وتبين الوثيقة التي حصلت "العربية نت" على نسخة منها، أن هذا السياق الاستثنائي يتجاوز في حمولته حدود التنافس الانتخابي من أجل تعزيز أو تحسين الموقع السياسي لكل حزب في حد ذاته، بل يرمي لتشكيل تحدّ حاسم يسائل الفاعلين السياسيين مجتمعين، تنظيمات حزبية وقيادات ونخب، حول مدى قدرة الجميع على الارتقاء إلى مستوى هذا التحدي، وتمكين المغرب من كسب رهانات ثورة حقيقية جديدة، للملك والشعب، بحسب الأرضية السياسية للتحالف الذي يقدم نفسه على أنه يرمي لبناء "تحالف وطني واسع يضم القوى المتبنية والمناصرة للمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي"، والمفتوح على كل آفاق التجديد والتغيير، دون جحود بالمكتسبات أو إنكار للنواقص، ودون تفريط في الأسس والثوابت الوطنية للمملكة المغربية، عقيدة وهوية ومؤسسات، ومن ثم يأتي السعي السياسي من أجل خلق تيار مجتمعي حامل لقيم هذا المشروع. 7 أهداف ووضع التحالف السياسي الأول من نوعه في المغرب منذ اعتماد العمل بالوثيقة الدستورية الجديدة، 7 أهداف تتمثل في إتمام البناء المؤسساتي الوطني بالتنزيل الديمقراطي للدستور الجديد، وتنزيل مشروع الجهوية والتسريع باعتماد كل الآليات القانونية والمؤسساتية اللازمة لنجاحها، مع العمل على تعزيز مقومات دولة القانون والمؤسسات التي كرسها الدستور، ومواصلة النهوض بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً وحمايتها ضمن استراتيجية متكاملة. وكذلك تنزيل القرار التاريخي بجعل الأمازيغية لغة رسمية ومكوناً أساسياً من مكونات الهوية الوطنية، وتكريس الحقوق المدنية والسياسية للنساء، وتحرير كافة الديناميات المهيكلة بقصد رفع وتيرة النمو الاقتصادي والسعي من أجل مواصلة وتدعيم السياسات الرامية إلى محاربة الفقر والهشاشة وكل بؤر الإقصاء والتهميش، وتقليص الفوارق داخل المجتمع عبر ابتداع الميكانزمات الضامنة للتوزيع العادل للثروة، وإدماج الجميع في الحركية الاقتصادية والتنموية، وتوفير الخدمات الاجتماعية الضرورية لكافة المواطنين مع تدعيم وسائل انفتاح المغرب على المحيط الخارجي بمواصلة الالتزام ببناء الفضاء المغاربي وتمتين الشراكة المغربية والأورومتوسطية، والالتزام الدائم بالتضامن والتكامل العربي والتعاون جنوب جنوب والمساهمة في بناء نظام عالمي جديد يخدم السلم والاستقرار والاحترام المتبادل بين الشعوب. وتشير الترجيحات إلى أن هذا التحالف سيثير ردود فعل قوية لدى باقي الأحزاب المتواجدة داخل الحكومة خاصة الاستقلال الذي يقود الائتلاف وحليفاه التاريخيان في ما تسمى يالكتلة الديمقراطية، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكبر حزب يساري في المملكة، والتقدم والاشتراكي الممسك بحقيبتين في الحكومة المغربية. وعلى الجهة الأخرى لا تستبعد التحليلات لدى المراقبين أن يكون رد فعل العدالة والتنمية الإسلامي المعارض قوياً حيال تكتل من 8 أحزاب تسرب أنه يريد أن يكون سداً ضد وصول الإسلاميين، رفاق عبدالإله بن كيران الأمين العام العام للعدالة والتنمية، إلى الحصول على المرتبة الأولى في التشريعيات المقبلة ما سيؤهله للحصول على رئاسة الحكومة. العربية