يعدالفساد ظاهرة من ظواهر المجتمع لأنه يعمل على تدمير الوطن واذلال المواطن، وخلق الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقصادية والثقافية والامنية، ولا يمكن لأي مجتمع ان يتقدم ويرتقي طالما انتشر الفساد به. أما الفاسدون فهم أشد خطرا على المجتمع لما يقوموا به من نشر للفساد مستغلين مناصبهم ونفوذهم، او الثغرات الموجودة سواء بالقانون او اللوائح، او من خلال سيطرتهم على المخازن والمناقصات الحكومية من خلال شبكات من الفاسدين تعمل معهم ولصالحهم . ويتعدد اوجه الفساد واساليبه المتنوعة،وتساهم جميعها مع الفاسدين في صناعة الفساد مثل: حجب المعلومات ،وانعدام الشفافية ،والتدخلات الرسمية ،وتغليب المصالح الشخصية والتنظيمية، والاستثناأت الممنوحة في القوانين والانظمة، والواسطة والمحسوبية، وتراجع الاخلاق و القيم والمبادئ، وعدم التمسك بالشريعة السماوية ،وكذلك الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها المسؤول حيث يصبح الناهي والآمر، وتعيين بعض المسؤولين ليسوا على مستوى الكفاءة والامانة. ان الفساد لا يرتبط بالمنصب مهما كبر او صغر، فجامع القمامة حين يقصر في عمله فهو فاسد، والطبيب عندما يهمل في آداء واجبه ويحول مرضاه الى عيادته الخاصة فاسد،والمعلم الذي يعلم الطلبة ادبيات تنظيمه في المدرسة فاسد ، والوزير الذي لا يخاف ربه ولا يراعي شعبه في عمله فاسد . فالفساد مرتبط بكل انسان لا يؤدي عمله بامانة واخلاص، ومما يزيد الطين بلة عدم قدرة المجتمع والمواطن على مواجهة الفساد والفاسدين . ويرتبط الفساد بالإنسان خاصة حين تكثر مصالحه وتتوسع علاقاته، فيدخل في صراع ما بين مصالحه ومبادئه، ومن هنا يبدأ الامتحان الحقيقي والجاد لهذه القيم التي يؤمن بها ،وربما كان يصارع من أجلها في الماضي. ففي الظروف العادية والطبيعية تكون المبادئ والقيم محافظا عليها، وهي المقياس الذي يتبناه الانسان قبل مصالحه، أما في عصرنا الحالي،عصر الانحطاط والتخاذل والتحالف وبيع النفس والضمير، نجد صاحب القيم والمبادئ يتنحى عن قيمه ومبادئه ودينه، ويبدأ في البحث عن المصالح الشخصية والمكاسب الذاتية التي سيحققها مثلما يحصل في تجارة الأنفاق، ومن هنا يبدأالفساد. ان سوء الأحوال الاقتصادية، وازدياد أعباء الحياة، وارتفاع نسبة البطالة لدى غالبية الشعب، وازدياد عدد الفقراء، يوفر المناخ الصالح للفاسدين وللفساد الأخلاقي والاجتماعي والسلوكي، وهكذا تكون التربة صالحة لانتشار الفساد، حيث يبدأ الفاسدون بنشر سمومهم وتجنيد الناس، لذلك فالمشاكل الاجتماعية والأخلاقية وغيرهما، أساسهما بيئة اقتصادية سيئة تدفع الناس الى الفساد، وتجعل هدفهم الوحيد هو الكفاح والصراع من أجل البقاء وبأي ثمن؛ ان هذه الظروف الصعبة التي تنطبق على مجتمعنا المغربي، عندما تصبح أوضاعا ثابتة ودائمة، تؤدي الى تغيير كبير وحاد في السلوك والأخلاق، وتصبح الأجيال الجديدة هي الضحية0