"تقجوين" اسم طائر أسود يشبه الغراب ولكنه أصغر منه، إلا أن التطير و التشاؤم بسماع صوته قد يكون أشد من الغراب كما توحي بذلك أوضاع هذه المنطقة من المغرب العميق، القابعة وراء قمم جبال الأطلس المتوسط، المكسو بالثلوج، والتي لا تسر عدوا ولا حبيبا . نَحْس يطارد هذه الجماعة و الدواوير التابعة لها على جميع المستويات في تجاهل و عدم اكتراث من طرف المسؤولين القابعين و راء المكاتب المكيفة يضربون ألف حساب و حساب ليوم يشدون فيه الرحال لهذه المناطق ليس لمعاينة أوضاعها المزرية بل لاستغلال هذه الأوضاع و التبضع ("الشوبينغ" بلغتهم) ببعض الاصوات التي تضمن لهم الخلوة في مكاتبهم وعدم الاكثرات بما يعانيه هؤلاء المنسيون. و ما أزمة فرعية "أومزا" التابعة لمجموعة مدارس أيت حنيني نيابة إقليم ميدلت إلا دليل على ما يعيشه هؤلاء السكان من إقصاء و تهميش . بدأت معاناة سكان دوار "أومزا" التابع لجماعة "تقجوين" إقليم ميدلت منذ ثلاث سنوات حيث قرروا تعليم أبنائهم مهما كلفهم ذلك فضحوا بغذاء البطن من أجل غذاء العقل، أخذوا من قوت أبناءهم ليدفعوا 2000 درهم شهريا لمدة سنة كاملة كمستحقات لكراء مقر للدراسة، طامعين في أن تجد الدولة حلا لهم ببناء مدرسة تثبت من خلالها حسن النية لإصلاح المنظومة التعليمية غير أنهم يجدون أنفسهم مضطرين للسنة الثانية على التوالي "لمساعدة" الوزارة في تدبير الأزمة على حساب قوت عيالهم فدأبوا على دفع مبلغ 1750 درهم شهريا ، لعل الوزارة تقف إلى جانبهم في السنة المقبلة . وتحل هذه السنة والشعارات الرنانة حول التغيير و الإصلاح و إعادة الإعتبار للمدرسة العمومية تصدح في كل الأرجاء، وسكان دوار أومزا "يتعشمون" خيرا و يتمسكون بالمقاربة التشاركية ليوفروا للدولة أرضا من أجل بناء مدرسة معترفين بجميل توفير أستاذتين من أجل تدريس أبنائهم ، ضانين أن معاناتهم ستنتهي خصوصا بعد تصريحات نائب الوزارة بالإقليم في برنامج تعده القناة الأمازيغية حول المنطقة،حيث وعد بدفع أجرة المقر كاملة هذه السنة و البالغة 3000 درهم إلى حين بناء المدرسة و ذلك بعد تهديد صاحب هذا المقر بتهجير التلاميذ و الأستاذتين . وبمجرد انطفاء أضواء الكاميرات انطفأت وعود النائب عفوا خفتت فقرر الإكتفاء بدفع 1000 درهم فقط ليتحمل السكان باقي المبلغ . وقبل خوض أي شكل من الأشكال الإحتجاجية أرسلوا مُنتدبين عن دوار "أومزا" لمقابلة السيد النائب مؤازرين بفرع ميدلت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وذلك يوم 18 شتنبر 2012 ، غير أن تواجد السيد النائب بتونفيت لحل أزمة من أزمات قطاعه التي لا تنتهي حال دون ذلك . ليتم ترك رسالة في الموضوع لدى الكتابة الخاصة للسيد النائب الذي لم يكلف نفسه حتى الساعة عناء السؤال عن حيثيات الموضوع . وقبل مغادرة سكان "أومزو" لمقر النيابة أكد لهم فرع ميدلت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه سيدعم جميع أشكالهم النضالية للدفاع عن حق أبنائهم في التعليم .