من منا لا يعرف الكاتب الكبير محمد شكري ذلك العبقري الخارج من منطقة كانت آنذاك تعيش حالة لا يحسد عليها، وهي منطقة الريف التي أنجبت أمثال شكري وأزيد منه، كفاءات لا نستطيع عدها على أصابع اليد ،منها من هاجرت الريف ومن بقيت خصما لأعداءها ومن تخلت علي البلاد قسرا هربا من الأيادي الحديدية للحسن الثاني وإدريس البصري وأوفقيرنظرا لمحاولاتهم المتكررة للقضاء على أبناء وأحرار المجاهد الريفي عبد الكريم الخطابي . تلك هي مآسي كثيرة من وجه الحياء لا نود الدخول في تفاصيلها ، وليس خشيا من وحشية المخزن ليومنا هذا ، لكن الأحرار لا يدخول رؤوسهم في الرمال لتدس عليها أقدام الإذلال ، وما ارتكبه المخزن المغربي في ريفه لم يفعله فرعون ضد خصومه ، فتركت آثارا أبدية في نفوس المواطنين الأبرياء ، ككلمة الأوباش الشهيرة ، وكان ذنبهم آنذاك عدم الرضا بالذل والهوان... الزواج بالقراءة هو سبب الشهرة لمحمد شكري وهذه من المآسي التي جعلت شكري يبحث عن مأمن آخر بعيدا عن الأيادي التي زعزعت استقرار الريف بعد مأساة عهد الجوع إلى عروبة طنجة التي جعلته يتحلى بالشجاعة في كتابة سيرة ذاتية تجاوز فيها حد الحشمة والحياء لا تليق للمحافظين على قراءتها، ازداد الكاتب محمد شكري سنة 1939 ببني شيكر بالناظور ثم غادر بعد مدة عاشها تهميشا وفقرا ،وكان هناك سياسة الجزرة والعصى من طرف المخزن ، تزوج شكري بعد سنوات من التشرد بين زقاق طنجة وتطوان مع القراءة والكتابة ، وإن كان الأمر ليتزوج مع إمرأة ما ، كان لا يريد أن يكون له ولد خشية أن يتصرف معه كما تصرف معه أبيه في صغره ، فقد حالت هذه العقدة الأبدية أن يعيشها بين أحشاء حياته ، قرأ محمد شكري أربعة آلاف كتاب في حياته ، كان محمد شكري يقول دائما أريد قتل الشهرة التي منحتني إياها الخبز الحافي ، تركت في حياته بصمات لم ولن تمحى ،خاصة أن بعض الأصدقاء والأطفال عندما كانوا يلتقون معه ينادونه بالخبز الحافي ، ولميزته على باقي زملائه بحماقته وبهلوانيته عندما يكون منتشيا بين أحضان مدينة طنجة المحبوبة إليه واستمراريته مع الأصدقاء في قتل فراغ الطفولة العابرة على أوتار الحياة القاسية ولو بالذهاب إلى قاعات السينما أو المسارح، وتركت له محبته للحياة بشكل يحقق مآله وآماله فيها قبل الممات بحسب نظره ، كان دائما ما يحس بالضيق عندما يذكره أحد بالموت لذا لم يكن يغفل من أن الموت ستداهمه يوما ما عندما كان يقول لزملاءه غدا سأموت ،ألف محمد شكري عدة كتب منها الروايات والسير الذاتية ، عاشها وعايشته في زمننا هذا ، ومنها على سبيل الذكر الخبز الحافي الذي فتح له الباب للشهرة العالمية وكتاب الخيمة وبول بوولز وعزلة طنجة التي عزل فيها شخصيته عن عالم الحياء وكتاب ورد ورماد بالإشتراك مع الكاتب محمد برادة ،وقد ولد محمد شكري ولم يرى في الصغر حنان أبيه ولم يلج المدرسة حتى السن 19 من عمره . محمد شكري في الأسواق قبل الكتابة.... بسبب عدم الولوج للمدرسة كان محمد شكري في خدمة والديه رغم أن والده لم يمنحه إلا المعاملة القاسية كسبب قتله لإبنه ، وخروج شكري من المنزل لمدة ،إلا أنه لم يكن يتردد في مصاحبة أمه إلى سوق الطرنكات بتطوان وعين خباز ، وفي فترة ما ين الستينات والسبعينات تعرف محمد شكري على الكاتب العالمي بول بوولز بفضله دخل شكري عالم كتابة السير الذاتية ومنها الخبز الحافي الذي كتب فيه عن حياة الصعلكة حياة ما بين البحث عن أقصى المتعة والتعود على أقسى الحرمان ، ويجلس ليل نهار يتلو سيرته الذاتية الممنوعة لمدة 20 سنة في المغرب ،لم يكن شكري يحتمل أن يرى وجود أبيه في المنزل إذ كان يتمنى له الموت ليذهب في جنازته ويتبول على قبره كما ذكر في سيرته الذاتية الخبز الحافي ، حتى أن أصدقائه كانوا ينبهونه للإبتعاد على سب أبيه والكتابه على أسرار والديه ،لكنه لم يكن يتقبل النصائح بصدر رحب ،وقد أصبح أسلوبه الكتابي بين خفي حنين في بعض الدول العربية المحاف