على خلاف باقي المدن المغربية حيث تحظى كرة القدم بشعبية كبيرة ، نجد مدينة ورزازات تشذ عن هذه القاعدة لتحتل رياضة ألعاب القوي مكان الصدارة ضمن اهتمامات الشباب، وكذا في الأوساط المهتمة بالشأن الرياضي سواء في المدينة أو على صعيد الإقليم ككل. ففريق كرة القدم المعروف على صعيد الإقليم وهو " الإتحاد البلدي لكرة القدم بورزازات" يصارع من أجل البقاء ضمن الفرق المتنافسة في إطار القسم الثاني هواة لعصبة الجنوب، بينما الفريقان الصاعدان مؤخرا "نهضة ورزازات" و"شمس أمرزكان" لازالا بدورهما يبحثان عن موطىء قدم لهما ضمن الفرق المتبارية في بطولة القسم الوطني الثالث. وتتجلى الشعبية التي تحظى بها رياضة ألعاب القوي على صعيد مدينة ورزازات وإقليمها من خلال تواجد العديد من الجمعيات والأندية الرياضية المهتمة بألعاب القوى، والتي تستقطب العديد من الشبان والشابات الممارسين لهذه الرياضات. كما تتجسد هذه الشعبية في استضافة المدينة للعديد من الملتقيات الرياضية على امتداد أشهر السنة الواحدة. وعلى الرغم من قلة الإمكانيات المادية، وانعدامها في أحيان عديدة، فإن أندية وجمعيات ألعاب القوى في ورزازات استطاعت أن تتحدى عامل العوز المادي، وتنجح في تنظيم ملتقيات، البعض منها ذو بعد دولي. كما استطاعت في ظل هذه الظروف المادية الصعبة أن ترفع تحدي الاستمرارية في ما يتعلق بتنظيم هذه الملتقيات الرياضية التي غالبا ما لا تحظى بما تستحقه من المواكبة الإعلامية، ولاسيما من لدن وسائل الإعلام السمعية البصرية. ومن ضمن الأندية التي دأبت منذ سنوات على خلق الحدث الرياضي على الصعيد المحلي والوطني "نادي ألعاب القوى ورزازات" الذي تأسس سنة 1996، وظل يشتغل إلى حدود سنة 2000 دون منحة مالية من أي جهة كانت، حسب تصريحات مسؤولي النادي. وتمكن هذا النادي الرياضي ،على الرغم من ذلك، من أن يستثمر الصحوة التي عرفتها رياضة ألعاب القوى الوطنية خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي لاستقطاب عدد هائل من الشبان والشابات وتأطيرهم وخلق مشتل يزخر بالطاقات الواعدة التي تمكن البعض منها من الالتحاق ببعض الأندية الوطنية التي تتوفر على الإمكانيات المادية والتقنية الضرورية لتأطير العدائين ، كما هو الحال مثلا بالنسبة لناديي الأولمبيك المغربي والكوكب المراكشي. ويقول رئيس نادي ألعاب القوى بورزازات ، الحسين داودة، أن بداية هذا النادي كانت مع سباقات العدو الريفي، حيث استطاع في وقت قياسي أن يصبح واحدا من ضمن الأندية العشرة الأوائل على الصعيد الوطني في فئة الشبان بفضل النتائج التي حققها خلال مشاركته في مختلف البطولات الوطنية وكذا الجهود التي بذلها كل من عبد الله الزعيم، والإطاران التقنيان عبد الكريم ملين وهشام بندادة خلال الأربع سنوات الأولى من عمر النادي. وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن النادي استمر في التنقيب عن المواهب وتأطير الطاقات الرياضة المحلية التي برزت في مختلف المنافسات ،حيث برز من ضمنهم مثلا البطل عبد العاطي إكيدر ، الحائز على بطولة المغرب الشتوية للفتيان في سباق 1500م ، والتي جرت منافساتها سنة 2003، لينضم إثر ذلك إلى صفوف نادي الأولمبيك المغربي الذي وفر لهذا العداء الظروف المناسبة التي جعلت منه اليوم واحدا من الأبطال المغاربة البارزين في المسافات المتوسطة حيث توج على الخوص بطلا للعالم لفئة الشبان عام 2004 ووصيفا بلبطل العالم داخل القاعة عام 2010 وحل مؤخرا في المركز الخامس في بطولة العالم في دايغو بكوريا الجنوبية . ويراكم نادي ورزازات في الوقت الراهن تجربة غنية في مجال ألعاب القوى ليس على الصعيد المحلي فقط، ولكن على الصعيد الوطني، حيث بات ينظم سنويا منافسات يتعدى صيتها الحدود الوطنية وفي مقدمتها "نصف الماراطون الدولي "قصبات ورزازات" المعروف والذي نظمت منه لحد الآن سبع دورات، ثم سباق العدو الريفي الذي يحمل اسم أحد الفعاليات الرياضية المحلية وهو "المرحوم محمد آيت رحو"، حيث بلغ هذا السباق دورته ال 14. كما أصبح النادي ينظم سنويا سباق العدو الريفي بالجماعة القروية غسات المجاورة لمدينة ورزازات، وملتقى ألعاب القوى الذي يحمل إسم البطلة سعيدة الأملود، وهي من الطاقات الرياضية المحلية التي حازت على لقب البطولة العربية في رمي القرص ( تونس 1988)، كما نالت لقب البطولة الإفريقية في المنافسة ذاتها بالجزائر سنة 1988. وقد حفزت هذه الدينامية الرياضية التي كان وراءها نادي ألعاب القوى بورزازات مجموعة من الطاقات الرياضية المحلية التي بادرت من جهتها إلى خلق أندية أخرى، أعطت قيمة مضافة للممارسة الرياضية لألعاب القوى على صعيد مدينة ورزازات وإقليمها. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى تأسيس "جمعية ماراطونيي ورزازات"، التي تنظم "ماراطون التحدي"، و"نادي ألعاب القوى بالجماعة القروية لتارميكت"، و"جمعية الإخلاص لألعاب القوى بورزازات" ، التي تنظم سباقات الحلبة، وسباق العدو الريفي. وعلى الرغم من قلة الإمكانات المادية، فإن الوعي بتوفر منطقة ورزازات على أحد أحسن مطافات السباقات على الطريق التي تستجيب للمعايير الدولية التي تضعها "الجمعية الدولية للسباقات على الطريق"، جعل المشرفين على الأندية الرياضية المحلية يصرون على رفع التحدي والاستمرار في التنقيب عن مصادر للتمويل تضمن لورزازات إمكانية البقاء ضمن صدارة المدن المغربية الحريصة على ممارسة وتشجيع ممارسة رياضة ألعاب القوى. وبفضل هذا الإصرار المنقطع النظير، تمكن نادي ألعاب القوى بورزازات مؤخرا من التعاقد مع إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في تدبير شؤون وكلاء أعمال أبطال ألعاب القوى، حيث ستتولى هذه الشركة مهمة جلب عدائين عالميين متخصصين في سباق نصف الماراطون قصد المشاركة في الدورة الثامنة لنصف الماراطون الدولي قصبات ورزازات التي من المقرر تنظيمها في العشرين من شهر نونبر القادم. ويراهن المنظمون خلال هذه الدورة على تحسين التوقيت المسجل بالنسبة لهذا الملتقى الرياضي الدولي والذي يوجد في حوزة العداءين عبد الرحيم حجي (دورة 2006)، و بوشتى العبدوني (دورة 2009) بتوقيت 1 س و6 د و22 ث. أما بالنسبة للإناث فإن أحسن توقيت يوجد في حوزة البطلة مليكة أسحساح وهو ساعة واحدة و16 دقيقة و12 ثانية. ومن أجل ضمان مزيد من الفرص للرقي برياضات ألعاب القوي على صعيد منطقة ورزازات، يرى الفاعل الرياضي والمؤطر الحسين داودة أن هذا الهدف يمكن بلوغه عن طريق إنشاء مجلس إقليمي للرياضة يمثل فيه المسيرون للأندية الرياضية، إلى جانب الهيئات المنتخبة والسلطات المحلية والمستشهرين ،حيث سيتولى هذا المجلس السهر على تنفيذ وتتبع استراتيجية محلية لتطوير ألعاب القوى تتعهد الأندية بتنفيذها من خلال الالتزام بدفتر تحملات لفترة زمنية محددة. ومن شأن تنفيذ هذه الاستراتيجية ، التي تم وضع تصور متكامل لها، أن يكون له وقع إيجابي ليس فقط على الممارسة الرياضية في ورزازات، وإنما سيكون لها أيضا انعكاس إيجابي كبير على النشاط السياحي، وعلى التنمية البيئية، مما سيساهم لا محالة في الإشعاع الحضاري لورزازات الكبرى وللمغرب برمته لاسيما إذا ما تمت مواكبة عملية تنفيذ هذه الاستراتيجية الرياضية بما تستحقه من مواكبة إعلامية.