قدم وزير العدل السيد محمد الطيب الناصري، اليوم الجمعة، بالرباط الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال الذي أعدته وزارة العدل بهدف تعزيز عمل خلايا التكفل بالنساء الأطفال المحدثة بمحاكم المملكة. وأكد السيد الناصري لدى تقديمه للدليل، أن المملكة المغربية تعتبر من بين البلدان التي أولت اهتماما خاصا لقضايا المرأة والطفل ووضعت الحقوق الخاصة بهذه الفئات ضمن أولوياتها الاستراتيجية. وأوضح السيد الناصري أن هذا الاهتمام يجسد التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي مافتئ يوصي في كل المناسبات بالنهوض بوضعية الطفل وتنشئته النشأة السليمة لكي يكون عنصرا فاعلا في مجتمعه وتمكين المرأة من كافة الحقوق التي يخولها لها القانون لتتبوأ المكانة التي ينبغي أن تحظى بها داخل المجتمع. وأشار في هذا السياق، إلى أنه انطلاقا من التوجيهات الملكية السامية، قامت وزارة العدل بإعداد دليل عملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال، موضحا أن هذا الدليل يرمي إلى وضع مسار عملي متكامل للتكفل القضائي بهذه الفئات خلال كافة مراحل المسطرة القضائية وتوحيد المساطر وآليات التدخل وتبسيطها على مستوى المحاكم وتوفير مرجعية لهذه الآليات وتعميم الإجراءت بهدف مأسستها . وأضاف أن الدليل يهدف أيضا إلى توخي السرعة والنجاعة والفعالية في التطبيق وكذا تأطير الممارسة العملية في الميدان وتقييم الأداء في مجال التكفل القضائي بالنساء والأطفال. وبعد أن ذكر بارتباط موضوع التكفل بقضايا النساء والأطفال بالمنظومة الحقوقية كما هي متعارف عليها في المواثيق الدولية، أشار السيد الناصري إلى أن الدليل يهدف أيضا إلى وضع خطة موحدة ومتناسقة يستأنس بها القضاة وأعضاء النيابة العامة وباقي الفاعلين والمتدخلين في التكفل بقضايا المرأة ضحية العنف بكافة أشكاله. وأوضح في هذا الصدد أن ذلك من شأنه تحقيق التوازن بين المرأة والرجل في التمتع بالحقوق وحماية النساء وصون كرامتهن وجبر الضرر المادي والمعنوي الذي يلحق بهن من جراء الاعتداءات التي قد يتعرض لها، من خلال سائر مراحل المسطرة القضائية، بدءا بمرحلة ماقبل المحاكمة ومرورا بفترة المحاكمة ثم انتهاء بتنفيذ الأحكام الصادرة. كما يروم الدليل -يضيف السيد الناصري- التكفل بقضايا الأطفال المحتاجين ووقايتهم وحمايتهم وتمكينهم من العلاج والتربية والإدماج في مختلف الأوضاع، سواء كانوا ضحايا أو في وضعية مخالفة للقانون أو في وضعية صعبة أو مهملين وجعلهم صالحين لأنفسهم ولمجتمعهم. ولملاءمة عدالة الأحداث مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال، أبرز السيد الناصري أن الدليل وضع أهم المبادئ التوجيهية التي يتعين الاعتماد عليها في عدالة الأحداث والتي تتمحور حول المصلحة الفضلى للطفل واختيار التدبير الملائم لشخصية الحدث تبعا لتطور حالته وسلوكه. وسعيا نحو إرساء منظور جديد يتوخى توفير تكفل حقيقي بقضايا النساء والأطفال، ذكر السيد الناصري بإحداث خلايا للتكفل القضائي بهذه الفئات على صعيد المحاكم، موضحا أن هذه الخلايا تشكل نقطة الاتصال الأولى بين القضاة والضحايا وكذا المخاطب المباشر لباقي المؤسسات الشريكة في هذا المجال، كما تشكل أيضا نقطة ارتكاز لتفعيل التنسيق بين مختلف المتدخلين. وأشار السيد الناصري إلى أن عدد خلايا التكفل القضائي بالنساء والأطفال على المستوى الوطني بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، يبلغ 86 خلية تتواجد مقارها بالنيابات العامة. وأشار إلى أن هذه الخلايا تتألف من مختلف مكونات الجسم القضائي داخل المحكمة، بالإضافة إلى توظيف مساعدات اجتماعيات يتكفلن باستقبال الضحايا وهو ما من شأنه لأن يدعم عمل هذه الخلايا. وخلص الوزير إلى أن وزارة العدل وضعت في إطار تصورها لإعداد الدليل العملي للمعايير النموذجية لحماية المرأة والطفل، العمل على تبسيط هذا الدليل وتقريبه من مستعمليه، خاصة بالنسبة للضحايا، مضيفا أن الوزارة أعدت في هذا الإطار مطويات حول التكفل بقضايا النساء والأطفال ضحايا لعنف سيتم وضعها رهن إشارة المتقاضين بالمحاكم وكذلك رهن إشارة كافة شركاء التكفل بالمرأة والطفل. يذكر أن الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال أعدته وزارة العدل بتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) وصندوق الأممالمتحدة للإسكان والبرنامج المتعدد الأطراف حول محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي.