بينما ترغب الجزائر في عدم عقد قمة مغاربية قبل تطبيع العلاقة مع الرباط، أعلن رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، أن بلاده «تتمسك بشدة باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي، فهي تملك إرادة راسخة في بناء تكتل منسجم يقوم على التكامل الحقيقي». وقال سلال أمس للصحافة قبيل نهاية زيارة نظيره التونسي حمادي الجبالي للجزائر، إن «رؤية الجزائر للبناء المغاربي شاملة يحذوها في ذلك إعلاء صرحه بين المنظمات الجهوية والإقليمية». وفي سياق ذلك يجري في الأوساط الدبلوماسية الجزائرية الحديث عن إبلاغ الرئاسة التونسية «أمنية» الجزائر في عدم التئام قمة مغاربية قبل تطبيع العلاقة مع المغرب. وكان الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، أطلق مساعي العام الماضي باتجاه الجزائروالرباط لإقناع قائدي البلدين بتنظيم قمة مغاربية في تونس قبل نهاية خريف 2012. وفسرت مصادر سياسية موقف الجزائريين من القمة، بكونهم يرغبون في إتاحة الفرصة لنجاح زيارات ثنائية على مستوى وزاري يجري تبادلها بين الجزائر والمغرب منذ أكثر من سنة. وشملت هذه الزيارات قطاعات الطاقة والزراعة والثقافة والتعليم العالي. ويريد الطرف الجزائري أن يبحث مع المغاربة تأمين الحدود المغلقة منذ صيف 1994. وأوضحت ذات المصادر ل«الشرق الأوسط» أن «هناك اتفاقا مبدئيا بين الجزائريين والمغاربة على ترك الخلاف حول نزاع الصحراء جانبا، والاهتمام بالتعاون الثنائي في مجالات كثيرة للتقريب بينهما بعد نحو 20 سنة من الجفاء. بعدها يصبح بعث الاتحاد المغاربي أمرا سهلا». وقال سلال بشأن العلاقة مع تونس إن البلدين «دأبا على سنة حميدة قوامها الحوار والتشاور على أعلى المستويات، والدليل على ذلك أن رئيس الجمهورية (عبد العزيز بوتفليقة) حضر احتفالات الذكرى الأولى للثورة التونسية، وزيارة الرئيس المرزوقي الجزائر في فبراير (شباط) الماضي». يشار إلى أن الخطاب الرسمي بالجزائر يتحاشى في الغالب إطلاق كلمة «ثورة» على انتفاضة التونسيين ضد نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. واتهمت الجزائر في الأحداث التي عرفتها تونس ب«الوقوف ضد الثورة». وأضاف سلال أن الجزائر «تتابع باهتمام بالغ التطورات التي تشهدها تونس، وهي واثقة من أن الشعب التونسي قادر على مواجهة التحديات على درب الديمقراطية، وسيخرج منتصرا بفضل عزيمته وحرصه الكبير على استعادة الاستقرار». على صعيد آخر، ذكر وزير الصناعة الجزائري، الشريف رحماني، أمس خلال لقاء مع وفد من رجال أعمال تونسيين رافقوا الجبالي في زيارته، أن البلدين «حددا القطاعات التي يمكن للشركات التونسيةوالجزائرية تجسيد مشاريع مشتركة فيها، لا سيما في الإلكترونيك والصناعة الميكانيكية والكهربائية». وتحدث رحماني عن «ضرورة إرساء شراكة اقتصادية مربحة لكلا الجانبين، تعكس الإرادة القوية والعزيمة الكبيرة لحكومتي البلدين، من أجل بناء جسور قوية للشراكة الصناعية تكون مبنية على المصلحة المشتركة». ونظم لقاء اقتصادي أمس بالعاصمة، شارك فيه رجال أعمال جزائريون و45 رجل أعمال ومستثمرا تونسيون، من بينهم متعاملون ينشطون في السوق الجزائرية، يمثلون قطاعات الصناعة الغذائية والسياحة والصيدلة والطاقة والسياحة. وشاركهم اللقاء وزير الطاقة والمناجم الجزائري، يوسف يوسفي، والوزير التونسي للاستثمار والتعاون الدولي، رياض بالطيب. وقال رحماني إن الجانب الجزائري «يرغب في بناء شراكة واقعية مع تونس، لا سيما في قطاع الصناعات الغذائية وصناعة السيارات والصيدلة، ومواد البناء وتكنولوجيات الإعلام والاتصال»، مشيرا إلى «عزم السلطات الجزائرية على التكفل بانشغالات رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين العاملين في الجزائر». وقد اشتكى معظم هؤلاء من ارتفاع الرسوم الجمركية الجزائرية، فيما تعهد رحماني بحل كل المشكلات.