أتوقع أنه بعد 4 /0 ربما تأخذ الأدرينالينا في الانخفاض في الجسد المغربي. الشعب يريد أن يسمع أخبارا غير محبطة. في الاحتفال بتقديم كتاب بنددوش، « رحلة حياتي مع الميكروفون « توقف كل من م.القباج الذي أطل على النص من حقل الفلسفة، وزكي مبارك، من حقل التاريخ، عند لحظة من حياة المؤلف، هي لحظة إبلاغه قرار عزله من إدارة الإذاعة بشراسة على لسان وزير الداخلية شخصيا. كان ذلك يعني الحكم بالإعدام على مهني لا يتصور لحياته طعما بعيدا عن الميكروفون. وكما بينت في تقديمي للكتاب، فإن قرار العزل كان ينطوي على ظلم، لأن مبرر تلك العقوبة القصوى، كانت هي « خطأ مهني « كان يمكن أن يحسب على التلفزيون ولكن الذي دفع الثمن هو مدير الإذاعة. ولكن هي كلمة خرجت من فم الحاكم بأمره ولا راد لها. وهي نازلة تذكر بعزل أول مدير مغربي لراديو المغرب. فبسبب انعدام مبرر منطقي لقرار عزل المرحوم الزهيري، كانت الصحافة قد أوردت قصة من التراث اقترنت ببيت شعري خطر لحاكم بأمره، فقرر عزل قاضيا في مدينة اسمها « قم «. وشاء الوزن والقافية أن يقول لسان الحال: أيها القاضي بقم قد عزلناك فقم. غير أن حالة بن ددوش لم تكن نتيجة قرار مزاجي محض. فقد أراد الوزير القائم على رأس أم الوزارات في ذلك العصر والأوان أن يذهب بن ددوش وبلعربي وبديعة ريان وم. مولين، وذلك بغرض محو أسماء مرتبطة في الذاكرة الجماعية للمغاربة بفترة التأسيس، وإحلال أسماء جديدة تقترن بالعهد الجديد. إذ عقب كل فترة من الزمن يحل عهد جديد يريد أن يكون له رجاله هو. ومنذ وقت قريب عشنا شيئا من هذا القبيل شمل الإذاعة والتلفزيون ومرافق عديدة. وكان الفرق فقط هو أننا انتقلنا من « الحزب السري» إلى حزب الإدارة بالطاي طاي. وتم إحلال إيقونات هنا وهناك، مثل ما اختفت الأغنية المغربية العصرية وموسيقى الآلة من الأمواج المغربية، وأخذت تشنف أسماع المستمعين والنظارة الكرام نغمات جديدة وأسماء جديدة وألوان جديدة من صنع نخبة جديدة. فالأمر إذن يتعلق بعادة منسجمة مع الأصالة والمعاصرة تظهر بعد مرور كل فترة. ويكون الرهان على «فرمطة « ذاكرة العامة، وذلك عبر برمجة حركات لإحداث الشعور بوجود تغيير. وغالبا ما يتعلق الأمر ببهلوانيات مزاجية، تقتصر على تغيير في الديكور وفي الخطاب وفي الأشخاص، والإتيان بديكور وخطاب وأشخاص غيرهم، لكن بنفس الفرجة، وبنفس الخدع البصرية. وغالبا ما يكون ذلك لإعاقة التغيير المطلوب حقا. ولكن في هذه المرة هناك انتباه مرهف، يوجب أن يحدث بالأساس تغيير واحد وهو أن تكون للمغاربة في نهاية الأمر حكومة نابعة من صناديق الاقتراع نستطيع أن نسائلها عما تبقي وما تذر.