رفض عمار سعداني الأمين العام ل «جبهة التحرير الوطني» (حزب الغالبية) في الجزائر، التنازل عن مشروع تعديل الدستور على رغم عدم الحماسة البادية على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لهذا التعديل الذي يتضمن استحداث منصب نائب للرئيس ويعزز صلاحيات رئيس الوزراء بما يعيد الثنائية إلى رأس السلطة. وقال سعداني إن «الفرصة ما زالت متاحة والوقت ما زال كافياً لتعديل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية». و على رغم أن مجلس الوزراء لم يتطرق إلى ملف تعديل الدستور يوم الإثنين الماضي في آخر اجتماع له في 2013، فان الأمين العام ل «الجبهة» رفض الإقرار بالتخلي عن فكرة التعديل بشكل نهائي، وقال في تصريحات أمس، إنه بإمكان الرئيس بوتفليقة تعديل الدستور، لاستكمال عملية الإصلاح السياسي. لكن مصادر مطلعة أبلغت «الحياة» تراجع بوتفليقة عن مشروع التعديل ل «غياب جدواه». وسبق أن ذكرت مصادر جزائرية أن التعديل الدستوري الذي كان ينوي بوتفليقة إحالته على البرلمان ويتضمن استحداث منصب نائب للرئيس وتقييد عدد الولايات الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، ألغي بشكل نهائي. وكانت فكرة التعديل راودت الرئيس نفسه حتى قبل بروز جبهة رافضة للفكرة تضم أكثر من عشرين حزباً سياسياً. لكن رفض سعداني التخلي عن المشروع يدخله في معارك سياسية مع رئيس الوزراء عبد المالك سلال. و كان سعداني يأمل في أن تؤول رئاسة الوزراء لحزبه قبل الرئاسيات المقبلة، ما يعني إشرافه على التحضيرات ودعمه للمرشح المفضل. وكان يتوقع أن يحيل الرئيس الجزائري مسودة تعديل الدستور خلال الشهر الماضي، ما يستلزم جلسة لمجلس الوزراء للتوقيع على مسودة المشروع، على أن يتم استدعاء البرلمان بغرفتيه (مجلس الأمة و المجلس الشعبي الوطني) للالتئام في جلسة واحدة تزكي المشروع برفع الأيدي أو ترفضه دون مناقشة، لكن اجتماع مجلس الوزراء الأخير قطع الشك باليقين، لخلوه من هذا الملف نهائياً. ورأى مصدر مطلع أن تراجع بوتفليقة عن التعديل الدستوري، لا يعني عزوفه عن الاستمرار في قيادة البلاد، إذ كان ألمح إلى أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها المحدد، ما دعا الحكومة إلى تحضير كل الإمكانات استعداداً للاستحقاق. وأبلغ مصدر بارز «الحياة»، أن بوتفليقة قال لمعاونيه في لجنة تعديل الدستور، وهما رئيس اللجنة عزيز كردون والعضو فوزية بن باديس لدى اطلاعه على مسودة التعديل: «ليس هذا ما كنت أريد»، ولم يوضح المصدر ما الذي كان ينتظره بوتفليقة من التعديل، علماً أنه تضمن إنشاء منصب للرئيس وتقييد عدد الولايات واختيار رئيس الوزراء من حزب الغالبية ومنحه صلاحيات أكبر من مجرد «منسق حكومي» كما هو الحال عليه. ويبدو أن التعديل الذي عرض على بوتفليقة يعيد «الثنائية» إلى رأس السلطة التنفيذية، عبر إعادة صلاحيات إلى رئيس الوزراء (الذي يحمل حالياً صفة الوزير الأول)، علماً بأن تعديل 2008 سحب الصلاحيات من رئيس الوزراء لمصلحة رئيس الجمهورية، فلم يعد بإمكانه عقد مجلس الحكومة أو توقيع مراسيم التعيينات والإقالة للمسؤولين الكبار في الدولة.