تطورت طريقة "استهلاك" ومتابعة الرياضة الأكثر شعبية في العالم، كما تغير تعريف المتفرج الحاضر في مدرجات ملاعب كرة القدم، فبعدما انتقل الوضع من "مشجع" يضحي بوقته وماله في أواخر القرن الماضي، ويساند فريقه في الضراء قبل السراء، إلى "مشاهد"، أقرب إلى المستهلك، بسبب الزيادة الكبيرة في أثمنة تذاكر المباريات، ووضع الكراسي في كل مدرجات الملاعب (عكس ما كان عليه الحال سابقا)، واصل هذا التغيير شق طريقه في رياضة باتت تتحكم فيها أموال روسية وقطرية بدرجة كبيرة. ولم يعد المتفرج يكتفي بمتابعة ما يصنعه اللاعبون فوق عشب الملاعب، بل بات ينقل أحاسيسه وانفعالاته، مباشرة وآنيا، عبر المواقع الإجتماعية في الشبكة العنكبوتية، مستعينا بهاتفه الذكي، الذي مكنه من "تقاسم ومشاركة" ما تراه عيناه من أحداث على المستطيل الأخضر. وقامت شركة HTC التايوانية، المصنعة للهواتف الذكية، وأحد رعاة مسابقة دوري أبطال أوروبا، بدراسة بينت أنه خلال أولى جولات المسابقة، كان مصدر أكثر من ثلث "التغريدات" في الموقع الإجتماعي "تويتر"، المتعلق بالمباريات، قادما من الجماهير الحاضرة في الملاعب. وأضافت الشركة في دراستها أن 24 في المائة من التغريدات كانت تهم النتيجة المسجلة في المباريات، مقابل 23 في المائة بخصوص الأهداف، وباقي التغريدات كانت عبارة عن صور شخصية، يلتقطها صاحبها "كتأكيد" على حضوره في المدرجات. وبلغة الأرقام دائما، شهدت مباراة تشيلسي الإنجليزي وضيفه بازل السويسري، 50 ألف تغريدة خلال اللقاء، قام بها حوالي 40 ألف متفرج، مقابل 35 ألف تغريدة، من طرف 75 ألف متفرج تابعوا لقاء برشلونة الإسباني وضيفه أجاكس أمستردام الهولندي. وفسر بوريس هيلو، أستاذ محاضر في جامعة كان الفرنسية، الإقبال الكبير لاستعمال موقع تويتر على الصعيد الرياضي، بكون "تويتر والرياضة متناغمان بشكل كبير"، مضيفا أن الرياضة تحمل بطبعها أحاسيس ومشاعر تحتاج لكي تنقل ويتم تقاسمه على وجه السرعة، وأن تويتر هو الموقع الإجتماعي الذي يمكن له القيام بذلك. هذا التغيير جعل البعض يتحدث عن مفهوم "متفرج – صحافي"، على غرار وصف "الصحافي المواطن"، الذي حملته مواقع التواصل الإجتماعي خصوصا في الثورات العربية وبعض المظاهرات الإحتجاجية في دول الإتحاد الأوروبي. وفطنت كبريات الأندية الأوروبية، لأهمية مواقع التواصل الإجتماعي، وباتت هاته الأخيرة وسيلة معتمدة في الماركوتينغ والعلاقات العامة، في إطار مسلسل تطور مستمر ودائم، بين الرياضة ووسائل الإعلام، خصوصا في شقها البديل.