في السنوات الأخيرة، أصبحت تقارير المندوبية السامية للتخطيط في المغرب مرآة عاكسة للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي في البلاد، حيث تبرز الأرقام والبيانات فشل الحكومة في تحقيق التزاماتها التي وعدت بها في إطار برامجها الانتخابية. وبينما تعيش فئات واسعة من الشعب على وقع الفقر والبطالة وغلاء المعيشة، يبرز جلياً أن المشاريع التنموية الكبرى التي تعرفها المملكة ليست ثمرة لعمل الحكومة، بل نتيجة مباشرة لتوجيهات ملكية سامية. وعود انتخابية خاوية دخلت الحكومة الحالية المشهد السياسي بتعهدات كبيرة وأحلام براقة، لكن واقع الحال يكشف عن عجزها في تحقيق الأهداف التي وعدت بها. من توفير فرص عمل، وتحسين ظروف العيش، إلى تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، لم يتم تنفيذ سوى القليل، إن لم نقل لا شيء. بدلاً من ذلك، تتكرر نفس الأعذار: ظروف اقتصادية دولية صعبة، وأزمات خارجة عن السيطرة، بينما الواقع يعكس سوء تدبير وغياب إرادة سياسية حقيقية. المشاريع الملكية: شريان الحياة الوحيد رغم إخفاق الحكومة، لا يمكن إنكار أن المغرب يشهد مجموعة من المشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط، برنامج "مدن بدون صفيح"، ومبادرة "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية". لكن اللافت للنظر أن هذه المشاريع كلها جاءت بتوجيه مباشر من جلالة الملك محمد السادس، في إطار رؤيته الاستراتيجية للنهوض بالمملكة. وهذا ما يطرح تساؤلات عميقة حول دور الحكومة الحقيقي، إذ يبدو أنها عاجزة عن تقديم حلول مبتكرة أو قيادة مبادرات مستقلة تخدم المواطن. ضعف التنفيذ وانعدام المحاسبة أحد أبرز مظاهر إخفاق الحكومة هو ضعف تنفيذ السياسات وعدم المحاسبة. لا توجد رؤية واضحة أو خطط عملية قادرة على مواكبة تطلعات المواطنين. إضافة إلى ذلك، يغيب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مما يعمّق شعور المواطن بعدم الثقة في المؤسسات. الحاجة إلى حكومة قوية ومسؤولة ما تحتاجه المملكة اليوم ليس فقط مشاريع ملكية تمثل عصب التنمية، بل أيضاً حكومة قوية ذات رؤية واستراتيجية قادرة على تنفيذ سياسات تخدم مصالح الشعب وتواكب التحديات الحالية. يجب أن يكون هناك توازن بين توجيهات الملك ودور الحكومة، بحيث لا يقتصر الأمر على تنفيذ التعليمات الملكية، بل يشمل مبادرات ذاتية تعكس كفاءة وفعالية الجهاز التنفيذي. ختاماً بينما تستمر الحكومة في خذلان المواطن المغربي، تظل المشاريع الملكية النور الوحيد الذي يضيء طريق التنمية في البلاد. لكن هذا الوضع غير قابل للاستمرار، إذ يجب أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها كاملة وتفي بوعودها الانتخابية، فالتنمية ليست فقط أرقاماً ومشاريع، بل هي أيضاً ثقة مواطن في حكومته ومستقبل بلده.