قالت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” إنه تم حرمان عشرات الصحفيين والمحتجين، وغيرهم من المعتقلين بسبب الاحتجاجات السلمية في “حراك الريف” من حقهم في محاكمة عادلة أمام المحكمة الابتدائية في الدارالبيضاء. و نشرت المنظمة تحليلاً يكشف عن وقوع عيوب جسيمة في المحاكمة، مع انطلاق جلسات الاستئناف. ويكشف تحليل منظمة العفو الدولية للمحاكمة عن العديد من الانتهاكات للمحاكمة العادلة، ومن بينها أحكام الإدانة المستندة إلى “الاعترافات” المنتزعة تحت وطأة التعذيب. كما يسرد التحليل أسماء المحتجزين والتهم الموجهة إليهم، والأحكام الصادرة بحقهم. وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “لقد أدت إجراءات المحاكمة الأولى إلى وقوع أخطاء قضائية جسيمة. واستخدمت الحكومة المغربية هذه الإجراءات القانونية الخاطئة لمعاقبة وإسكات صوت المحتجين السلميين البارزين في مجال العدالة الاجتماعية، وترهيب الآخرين من التعبير عن رأيهم”. وأضافت هبة مرايف: “يجب على السلطات القضائية المغربية ضمان عدم انزلاق محاكمة الاستئناف إلى مهزلة أخرى تشوبها شكاوى التعذيب وغيرها من انتهاكات المحاكمة العادلة، ولكي تثبت السلطات المغربية أنها جادة في تحقيق العدالة، فعليها اتخاذ خطوات ملموسة لاستبعاد أي اعترافات تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب أو التهديد بالتعذيب، وضمان احترام حق الجميع في المحاكمة العادلة خلال الاستئناف “. وأوضحت المنظمة “بما أن المحاكمة كانت مرتبطة بالاحتجاجات ، بعضها ينطوي على مصادمات مع قوات الأمن ، فقد وجهت النيابة تهم مشددة وغير متناسبة في كثير من الأحيان تحمل بعضها أقسى العقوبات في القانون الجنائي المغربي، بما في ذلك “التآمر للمس بأمن الدولة” الذي يمكن أن يعاقب عليه بالإعدام. وأشارت المنظمة أن المحكمة استندت في حكمها إلى “الاعترافات” الموقعة على أنها الدليل الوحيد المقبول، على الرغم من تراجع المتهمين عنها بأكملها أثناء المحاكمة. وأضافت المنظمة أن المتهمين في القضية وصفوا ظروف احتجازهم بأنها غير إنسانية، واحتُجز بعضهم قيد الحبس الانفرادي المطول. واحتُجز ناصر زفزافي في الحبس الانفرادي لما يزيد عن 15 شهراً، في ظروف تصل إلى حد التعذيب، أثناء التحقيق معه في تهم تتعلق بأمن الدولة. كما احتجز حميد المهداوي قيد الحبس الانفرادي لما يزيد عن 470 يوماً، وهي فترة من الحبس الانفرادي طويلة إلى حد أنها تشكل تعذيباً. كما تقاعست المحكمة عن إتاحة أدلة رئيسية قدمتها النيابة بما في ذلك مقاطع فيديو وتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي لمحامي الدفاع قبل المحاكمة التي بدأت في شتنبر 2017. كما رفضت المحكمة قبول شهادات من أكثر من 50 شاهد دفاع؛ فمن بين 34 شاهداً عموماً، لم تقبل المحكمة سوى 12 شاهداً للدفاع. وفي المحكمة، احتُجز المتهمون في قفص اتهام مرتفع ذي زجاج داكن، وهي ممارسة مهينة من شأنها أن تقوض قرينة البراءة. واستندت المنظمة في تحليلها على مقابلات مع ستة محامين لكل من فريقي الدفاع والادعاء، فضلاً عن ست عائلات من المحتجزين، وحللت لوائح الاتهام، ودفوع النيابة العامة، وحكم المحكمة، والتقارير التي قدمتها المنظمات الوطنية والدولية ووسائل الإعلام بشأن القضية. وأكدت “أمنيستي” أن إجراءات المحاكمة كانت معيبة إلى حد كبير مع ملفات استندت على أدلة مشكوك في صحتها.