10 ماي, 2018 - 11:58:00 تمّ يوم الخميس، إعلان وفاة العالم الأستراليّ ديفيد غودال في إحدى عيادات "الموت الرّحيم" في مدينة بازل في سويسرا، عن عمرٍ يناهزُ 104 أعوام. وكان غودال قد طلب أن يُمنَح الحقّ في اختيار الموت بعد أن بلغ من العمر عتيًّا، إلّا أنّ القانون الأستراليّ الجديد المُشرّعُ للموت الرّحيم – أو الانتحار بمساعدة الغير- والّذي لن يدخل حيّز التّنفيذ حتّى العام القادم، سيكون مُقتَصِرًا على المرضى بأمراضٍ عُضال، وهي ما لا يشتكي منها غودال، على الرّغم من سنّه الكبير. وهو الأمر الّذي حدا به إلى التّوجّه لجمعيّة "إغزيت" الدّاعمة للحقّ في الانتحار، والّتي وفّرت له دعمًا كبيرًا فتمكّنت من الحصول على موعدٍ لخضوعه للموت الرّحيم، وساهمت في جمعِ المبلغ اللّازم لسفرِهِ إلى سويسرا. وعقد غودال، يوم الأربعاء، مؤتمرًا صحفيًّا أجاب فيه على أسئلةٍ عديدةٍ قائلًا "إنّهُ مستعدٌّ استعدادًا تامًّا للموت". وأعرب عن أمنيَتِهِ في أن تكون حالتُهُ دافعًا لدولٍ أخرى نحوَ إقرار قوانين جديدةً تشرّع وتشرعنُ الموت الّرحيم على غرار سويسرا. وشدّد غودال في المؤتمر الصّحفيّ على الحقّ في حرّيّة اختيار الموت، وطريقَتِهِ وتوقيتِه، خاصّةً لمن هم في مثل عمرهِ أو أصغر سنًّا حتّى. مللت الحياة "مللت الحياة أريد أن أموت" آسف لأنني عمرت هكذا قال العالم الأسترالي دافيد غودول عند الاحتفال بيوم ميلاده الرابع بعد المائة. والعالم غودول العجوز، الذي كرَس حياته من أجل العمل والعلم، وتشبث بعمله كزميل أبحاث في جامعة إديث كوان حتى وقت قريب. ووُلد غودال عام 1914 في لندن، شاهدًا وناجيًا من الحربين العالميّتين. وتوجّه إلى أستراليا عام 1948 لتولّي منصب محاضرٍ في مجال النّبات والبيئة في جامعة ملبورن. واحتفل الشّهر الماضي بذكرى ميلاده الرّابعة بعد المئة. وتدعم عائلته قراره، وخصوصا ابنته الطبيبة النفسية كارين غودول سميث. ويرافقه في رحلته ممثل من مجموعة المناصرة الدولية "إكسيت إنترناشونال" التي جمعت ما يقرب من 20 ألف دولار أسترالي (15000 دولار) للرحلة. سياحة الانتحار وتعتبر سويسرا وجهة المقبلين على الانتحار بشكل قانوني، وتشير بيانات رسمية إلى إقدام نحو 600 شخص على الانتحار في سويسرا سنويا، منهم حوالي 200 شخص من خارج البلاد. وتحولت ظاهرة الانتحار الاختياري إلى نوع من "سياحة الانتحار"، وتم إحصاء نحو 611 حالة انتحار اختياري من 31 دولة سنة 2016. وتوجد في سويسرا 6 منظمات تمنح الحق في الموت في البلاد، ولكل منها معايير خاصة بهم، و4 منهم تقدم خدمات لسكان البلدان الأخرى. وتمنح هذه المنظمات "حق الموت" لحوالي 600 شخص سنويا، ونحو 150-200 حالة من الأجانب، وذلك وفقا لبيانات معدلات السياحة التي اعتمدت عليها دراسة انجزت بين عامي 2008 و 2012. وجاء ما يقرب من نصف "سياح الانتحار" من ألمانيا، بينما احتلت كل من المملكة المتحدة، وفرنسا المراتب التالية. ووصل متوسط عمر المقبلين على الانتحار بين 23 و 97 سنة، ونحو 60% من الحالات نساء. وكانت الأسباب الأكثر شيوعا للرغبة في الانتحار بسبب مرض عصبي 47%، بينما دفع السرطان 37% من مرضاه إلى إنهاء حياتهم بأيديهم. نقاش وتُعتبر سويسرا واحدة من أكثر الدول في العالم التي تتاح فيها المساعدة فيما يتعلق بالموت الرحيم ذلك بسبب انعدام التشريعات المنظِمة للحق في الانتحار في سن الشيخوخة. مع ذلك، يميل هذا الموقف اللبرالي لأن يكون خادعاً بعض الشي، ويُخفي وراءه حقيقة أن التعامل مع مسألة الانتحار بمساعدة الغير ليست بالأمر السهل في سويسرا أيضاً، وإنما هو صراع متواصل حول القيم الأساسية - السياسية والدينية والاجتماعية والأخلاقية. وهناك نقش حول فرض حَظر قانوني لسياحة الموت، ينطلق من التساؤل حول هل تمثل المساعدة على الانتحار حقا أساسيا من حقوق الإنسان يمكن تبريره أخلاقياً، أم أن حق تقرير المصير ينبغي أن يكون خاضعا لحدود أيضاً؟