تزامنا مع افتتاح الدورة البرلمانية الثانية غدا الجمعة، تتجدد المطالب من أجل محاسبة المتورطين في الفساد من برلمانيين وسياسيين، وتجميد عضوياتهم، وتخليق الحياة العامة. وقال محمد الغلوسي رئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام " إن انعقاد هذه الدورة يأتي في سياق متابعة 30 برلمانيا قضائيا بتهم مشينة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، وهي سابقة في تاريخ البرلمان المغربي، ومنهم من فتحت ضده مسطرة غسل الأموال وتم حجز ممتلكاته وأمواله.
وأضاف أن السؤال المطروح هو ما إذا كان ماتبقى من البرلمانيين سيجعل من هذا الواقع المخجل أرضية للإنكباب بجدية على سن منظومة قانونية لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، وفي مقدمتها تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، أم أنهم سيقفزون على هذا الواقع كأنه يعني بلدا آخر، وسيستمرون في التطبيع مع الفساد والريع وحماية لصوص المال العام. كما توقف الغلوسي في تدوينة له على تفكيك شبكات خطيرة متورطة في جرائم الفساد والرشوة والتزوير في مختلف المجالات، وضمنها ماسمي شبكة اسكوبار الصحراء التي تورط فيها قياديان حزبيان يتوليان تسيير جماعات ترابية مهمة. وأشار إلى تورط بعض القيادات الحزبية في فضيحة أخلاقية وقانونية وسياسية، تتعلق بتبديد وإختلاس المال العام من خلال رفض إرجاع ماتبقى من أموال الدعم العمومي او تقديم وثائق ومستندات غير قانونية لتبرير صرف هذا الدعم، ناهيك عن فضيحة ماسمي زورا بصفقات الدراسات والأبحاث، التي ظلت سرية لحدود الآن. ولفت المتحدث إلى أن هذه القضية شكلت موضوع شكاية للجمعية إلى رئيس النيابة العامة، مجددا له الطلب بإحالتها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. كما أن السياق الذي تأتي فيه الدورة البرلمانية الجديدة، حسب الغلوسي، يتميز بمتابعة بعض القيادات الحزبية على خلفية جرائم الفساد ونهب المال العام، واستمرارها في تحمل المسؤوليات العمومية رغم ذلك، وتمثيل البرلمان في أنشطة رسمية داخلية أو خارجية، رغم الحديث عن مدونة الأخلاقيات التي تحاول الأحزاب المناورة من أجل إفراغها من محتواها لتبقى شكلية دون أي تأثير. وأعرب عن رفضه استمرار صرف الأجور والتعويضات للمتهمين ضدا على القواعد الأخلاقية والقانونية المنظمة لعمل ونشاط المرافق العمومية والعمل السياسي. وانتقد رئيس جمعية حماية المال العام استمرار بعض الأحزاب في معاكسة توجه الدولة المعبر عنه رسميا وعلى أعلى مستوى في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، والتعامل مع ذلك باعتباره مجرد حملة ظرفية اقتضتها طبيعة المرحلة، ومن المفيد الإنحناء حتى تمر الحملة بسلام. وزاد "لايخفى على نواب الأمة أن تقارير قد توقفت عند تفاقم الفساد والرشوة بالمغرب وهو مايشكل تهديدا حقيقيا للسلم والأمن الإجتماعيين، ولذلك فإن المغاربة يتطلعون إلى إرادة سياسية حقيقية للقطع مع الفساد ونهب المال العام والريع وربط المسؤولية بالمحاسبة، ويتمنون أن تستمر المعركة ضد الفساد، وذلك بمحاكمة لصوص المال العام والمفسدين وتحريك مساطر غسل الأموال ضدهم". هذا الواقع، يضيف الغلوسي، يفرض على الأحزاب السياسية قبل فوات الآوان أن تلتقط دقة المرحلة وصعوباتها وخطورة الفساد على الدولة والمجتمع وأن تبدأ من نفسها، وذلك بتجميد عضوية كافة المتهمين في جرائم الفساد، وعدم ترشيحهم لأية مسؤولية عمومية كيفما كانت او تكليفهم بتمثيل البرلمان في أي نشاط، مع اتخاذ البرلمان لقرار نافذ يقضي بوقف صرف أجورهم وتعويضاتهم. ودعا المتحدث الأحزاب إلى إرجاع أموال الدعم العمومي موضوع تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى خزينة الدولة، مع مطالبتها بعقد مؤتمراتها وتجديد هياكلها وإتاحة الفرصة لكفاءات وطاقات جديدة لتحمل المسؤولية بعيدا عن الولاءات ومنطق العائلة.