قالت الجمعية المغربية لحماية المال العام إنها تقدمت بعدة شكايات إلى الجهات القضائية المختصة لها صلة بالفساد ونهب المال العام، بأدلة وقرائن تؤكد حصول تبديد واختلاس لأموال عمومية، وظهور ملامح الثراء الفاحش على بعض المسؤولين والمنتخبين، معبرة عن قلقها من مسار هذه الملفات التي تشكل امتحانا حقيقيا للعدالة ولسيادة القانون. ووجهت الجمعية رسالة إلى كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محمد عبد النباوي، ورئيس النيابة العامة الحسن الداكي، نبهت فيها لوجود ملفات أمام البحث التمهيدي لمدة طويلة دون أن تظهر نتائجها لحدود الآن، وملفات أمام بعض النيابات العامة والتي انتهى فيها البحث التمهيدي دون اتخاذ أي قرار بخصوصها لحدود الآن.
وأوضحت أن هناك ملفات أمام غرف الجنايات الابتدائية والاستئنافية وأيضا أمام محكمة النقض لمدة طويلة وغير معقولة وهو ما يشكل هدرا للزمن القضائي. وأعطت الجمعية المثال لملف كازينو السعدي الموجود أمام محكمة النقض لمدة ثلاثة سنوات دون أن يتم الحسم فيه، وهو الملف الذي استغرق ما يفوق 15 سنة أمام القضاء، وملف رئيس المجلس الإقليمي لوزان والموجود لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمدة تقارب خمس سنوات، وملف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية والذي استغرق أربع سنوات من البحث التمهيدي أمام الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط. وسردت في ذات الرسالة سلسلة من ملفات الفساد التي عمرت طويلا أمام المحاكم، من بينها ملف معارض الجديدة أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بالدار البيضاء، وملف تبديد الرصيد العقاري العمومي بجهة مراكش في عهد الوالي عبد الفتاح البجيوي، والذي أحيل على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمدة تفوق سنة دون أن يتخذ بخصوصه أي قرار لحدود الآن. إلى جانب ملف رئيس المجلس الإقليمي للصويرة والمعروض على غرفة الجنايات الاستئنافية بمراكش، وملف الجامعة الملكية للشطرنج أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وملف تذاكر المونديال والذي قيل بخصوصه إن الأبحاث بشأنه لم تنته بعد، و ملف الرئيس السابق لبلدية المرسى العيون ومن معه من المتهمين، والذي أحيل على محكمة النقض للبت في طعن جزئي بالنقض ضد قرار الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، وملف بلدية كلميم والمرتبط بالمرحوم عبد الوهاب بلفقيه والذي يتابع على خلفيته مجموعة من المتهمين أمام غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش. وأشارت الجمعية أن هذه فقط نماذج من الملفات ذات الصلة بالفساد والرشوة ونهب المال العام، والتي تشكل عنوانا لهدر الزمن القضائي وتعاكس خطاب مسؤولي السلطة القضائية حول النجاعة القضائية والتخليق والحرص على سيادة القانون على الجميع. وطالبت عبد النباوي والداكي بالتدخل العاجل وطبقا للقانون من أجل الحرص على سواسية الناس أمام القانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة ورفع كل العراقيل والصعوبات التي تعترض الحسم في ملفات الفساد ونهب المال العام، والتي استغرقت وقتا طويلا تجاوز الآجال المعقولة والموضوعية، حتى سار الناس يعتبرون ذلك مقدمة لطي هذه الملفات وإفلات المتورطين في نهب الأموال العمومية من العقاب. وأكدت أن تكلفة الفساد باهضة ومقلقة ولها تداعيات على مستقبلنا جميعا، وعلى كل البرامج الاجتماعية، وهو ما يقتضي التدخل الحازم لتجسيد دور السلطة القضائية في مكافحة الفساد والرشوة والإثراء غير المشروع عبر استغلال مواقع المسؤولية العمومية، فضلا عن المساهمة في تخليق الحياة العامة. وشددت على أن المجتمع تحمل كثيرا آثار ونتائج الفساد الواضحة للعيان في قطاعات التعليم والصحة والشغل، وإجهاض حلمه في التنمية والعدالة، لذلك لابد من عدم تركه يفقد الأمل ويكفر بكل شيء. وسجلت أن ملفات الفساد تتطلب الشجاعة والجرأة الحازمة في التصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام، وتبييض الأموال وتهريبها إلى الخارج وإصدار احكام رادعة ضد لصوص المال العام والمفسدين.