أخنوش: تقديم دعم مالي يصل إلى 30% للمقاولات الصغرى والمتوسطة سيمنح منظومة التشغيل دفعة غير مسبوقة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    روسيا تتحدى فيفا بمقترح تنظيم مونديال رديف    البوليس العالمي في مراكش.. السيادة, الندية.. وتأمين المستقبل    الإجهاز الفظيع على الصحافة تحت الأضواء!    توضيح بشأن استمرار اعتقال زيان    أخنوش : الحكومة حرصت منذ تنصيبها على الاستثمار في مبادئ القرب    إحداث 81 ألف و 180 مقاولة في 9 أشهر بالمغرب    وضعية التحملات ومداخيل الخزينة.. عجز في الميزانية بقيمة 60,3 مليار درهم عند متم أكتوبر 2025    حادثة سير مميتة تفجع أسرة التعليم بالعرائش وشفشاون    وزارة المالية: حوالي 208.8 مليار درهم.. مداخيل جبائية عند متم أكتوبر 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    العالم يقتل نساءه بصمت: 50 ألف ضحية سقطن على أيدي أقاربهن في 2024 وفق تقرير أممي صادم    برلماني يطالب بتغيير توقيت الامتحانات الجهوية والوطنية بسبب الحرارة    باليريا تصبح الراعي الرسمي لفريق فتح الرياضي الناظور    وفاة الفنانة بيونة إحدى رموز السينما في الجزائر    العدول يرفضون مشروع القانون المنظم للمهنة ويطالبون بسحبه    أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه صلابة تشيلسي في اختبار كلاسيكي وسيتي يتحدى ليفركوزن    مهرجان "أزاما آرت" يعود في دورته الثالثة بأزمور تحت شعار الثقافة والفن    مسرح رياض السلطان يجمع النمساوية سيبا كايان والسوري عروة صالح في عرض يدمج الموسيقى الالكترونية بالروحانية الصوفية    ليلةُ الاستقلالِ والمَسيرةِ فى تونس... حين التقت الضفتان على نغمة واحدة    لقجع يعبر عن استيائه من تحكيم مباراة المغرب والبرازيل ويؤكد الحاجة لتحسين الأداء التحكيمي    مشروع قانون المسطرة المدنية وإعادة تنظيم "ISIC" على طاولة مجلس الحكومة    باتنا يرفض الإجابة بخصوص عدم المناداة عليه للمنتخب المغربي الرديف        جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية السورينام بمناسبة العيد الوطني لبلادها    "الجبهة" تدعو لتظاهرات شعبية تخليدا لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني    في اليوم ال46 للهدنة... قتيل فلسطيني وقصف متواصل وخطة ترامب للسلام تتعثر    "بي دي إس": سفينة جديدة ترسو بميناء طنجة محملة بشحنة متجهة إلى إسرائيل    الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب "مجزرة مساكن" في غزة وتربط الهدم بجريمة الإبادة الجماعية    بعد ساعات من طرحها للبيع.. نفاد تذاكر مباراة الجيش الملكي ضد الأهلي    لبؤات الأطلس يواجهن وديا بوركينافاسو وجنوب إفريقيا    أفغانستان تتوعد بالرد على باكستان    ميزة جديدة لتحديد الموقع على منصة "إكس" تثير جدلا في العالم    عمدة نيويورك ممداني يُظهر عشقه لأرسنال ويستحضر الشماخ في حوار بودكاست    "الصحراء المغربية" تحضر بقوة في أسئلة البرلمان الإسباني الموجهة لألباريس    كاتب جزائري يحذر من ضغوط أمريكية على الجزائر بعد تبني قرار مجلس الأمن حول الصحراء    الاتحاد الوجدي يسقط "الماط" ويمنح جاره المولودية فرصة خطف الصدارة    مجلس المستشارين.. نادية فتاح: مشروع قانون المالية يؤكد أولوية البعد الاجتماعي والمجالي ويرسخ دينامية الإصلاح            قافلة الدعم للمقاولات تحطّ بالمضيق... آليات جديدة لتعزيز الاستثمار وخلق فرص الشغل    صنّاع الأفلام القطريون والمقيمون في قطر يؤكدون على أهمية دعم مؤسسة الدوحة للأفلام والمجتمع الإبداعي في بناء صناعة سينمائية مستدامة    ستيفن سودربرغ في مهرجان الدوحة السينمائي: سرد القصص الجيدة قائم في تكويننا وصفة مشتركة بيننا    إيران تعلن تنفيذ الإعدام بحق مغتصب        آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط        دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي للمدرس
نشر في لكم يوم 07 - 10 - 2023

يحتفل العالم سنويا باليوم العالمي للمدرس في الخامس من شهر أكتوبر من كل سنة، تقليد سنوي يعبر في ظاهره وعمقه عن التشريف والتكريم للمدرس، اعتراف بالجميل والتضحيات الجسام في عملية التنوير والتربية، رغبة في رفع التحديات والصعوبات عن المهنة ومن يزاولها، الرفع هنا بإزالة كل أشكال القهر المادي، وكذا الرفع من معنويات الروح في سبيل نهضة متوازنة، شعلة الأمم في تعليمها ونظامها التربوي، أداء المدرس الإخلاص لذاته من جهة، والرغبة في خدمة وطنه والإنسانية من جهة ثانية، رسالته النبيلة هي بناء العقول وتهذيب النفوس، وتقول اليونسكو إن هذا اليوم فرصة كبيرة لإعادة النظر في مجابهة التحديات، وتعزيز مهنة التدريس بكل ما يخدم المجتمعات الإنسانية . العالم من خلال المدرسة يصارع الاستبداد والغلو، المدرسة نموذجا للتعميم والبناء للذات في بعدها الفكري والنفسي والأخلاقي، ينوب المعلم عن الآباء في التربية داخل الفصول، ويقدم لهم النموذج في الانضباط وحسن الخلق، إننا نرغمهم على الجلوس والإنصات، والامتثال للقوانين، ونقدم لهم السلوك الحسن، ونجعل من التربية والتعليم أولوية في التنمية والنهضة، المدرسة مكان للتحصيل والعبور، إدماج الإنسان في التنمية رهين بالتعليم والتوجيه واكتساب المعرفة. فالشعوب الحرة نالت الاعتراف والتقدير بفعل نموذجها التعليمي والتربوي، امتلكت القوة وزمام القيادة بفعل تعليم هادف وخبرة المتعلمين في مجالات مختلفة، إنهم يستثمرون في الإنسان، والبداية من المعلم، تكريمه وتشريفه احترام وتقدير للعطاء، أما إهانته تعني انتكاسة يُتهم فيها الكل، ويدخل المجتمع في أعطاب لا نهائية، أهما العطب الفكري والأخلاقي .
صورة المعلم في بلدنا تترنح بين صورتين، صورة نابعة من الماضي القريب والتي تعتبر المعلم الكل، وصاحب الفعل والقرار، لا يمكن مصادرة حقه في التربية والتلقين، وصورة أقل في صدور المذكرات والقوانين الملزمة لكل فعل داخل أو خارج نطاق التربية ، لعل في الصورة الأخيرة محاصرة للفعل التربوي بالقانون، حيث انعكس الأمر مباشر على سلطة المعلم الرمزية والمادية، المجتمع بدوره طرأت عليه أشياء جديدة في القيم، المجتمع الميكانيكي والمجتمع العضوي وفق تقسيمات "إميل دوركايم"، المشترك بين الناس من صور ورموز وقيم نابعة من الجماعة، مجتمع الأمس بسيط، وموحد المشاعر والأفكار، أما مجتمع اليوم فهو مركب ومعقد من حيث التخصصات والمهن والعقليات، الثقافة الجديدة حاملة للقيم البديلة، من الحرية الفردية، وعدم المبالغة في السلطة، والحد من قدرة المعلم وإلزامه بالمقاربات البيداغوجية الجديدة، ثقافة تستند على فن التواصل والحوار، القدرة مشروعة ومحدودة، والمتعلم في قلب العناية، والسبب تدخل مجموعة من القوى والفاعلين في الشأن التعليمي أو هكذا نفهم سيرورة التغير في مجال التربية والتعليم بين الأمس واليوم .
أصبح المدرس رهينة بين الجدران، حبيس داخل الفصول، يصارع الأجيال، يُحترق من الداخل، وُيستنزف بدنيا وذهنيا، يترقب راتبه الشهري، يخطط للحياة ويجد نفسه أمام تحديات الاستقرار، وعندما يتكلم، يحتكم للضمير، ويعتبر نفسه صاحب رسالة حتى يهدأ ويتلاشى الغليان، ويبقى مشدودا للواقع، يحلم بالترقية السريعة وسخاء الوزارة، يكرم من قبل زملاء المهنة، ينصرف بهدوء حاملا أمراض المهنة، يُكثر من استعمال الدواء واستشارة الأطباء، ينزوي بذاته ويبحث عن متنفس للعيش بهدوء وسلام . فلازالت الأبيات الشعرية لأمير الشعراء احمد شوقي عن المعلم تلقى الصدى الواسع في عقول الأجيال المتعددة من المتعلمين الذين أصبحوا مدرسين، ولازلنا دائما نردد هذه الأبيات عن رسالة المعلم، والوقوف له احتراما وتقديرا، لإيقاظ النفوس وتحرير العقول من الجهل والتخلف، المدرس ترك فينا انطباعا وأثرا لا يمحى، ذاكرتنا خزان تتذكر صور الأمس من أولئك الذين أيقظوا فينا شعلة المعرفة، لم نعد نعرف عنهم أي شيء، منهم من رحل عن عالمنا، ومنهم من يكابد الشيخوخة والعزلة، وآخرون غادروا المكان ، السؤال الذي يطرح ذاته اليوم هل فعلا عطاء المدرس يقابل بالاعتراف أم بالجفاء ؟ هل صورة المدرس واحدة بين الأمم والبلدان ؟
اليوم العالمي للمدرس يتزامن مع الإضراب الوطني للشغيلة التعليمية من جراء مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، موجة من الغضب والاحتقان يسود هذا الوسط، من نظام في جوهره ليسن منصفا ولا عادلا، ولا يجعل من كل مكونات المدرسة العمومية في تناغم وانسجام، ما يرمي إليه هذا النظام من حوافز مادية للبعض دون أطر التدريس، وما يرغب فيه القائمون على الشأن التعليمي من جزاء ومكافئة للمدرس . يتضمن المرسوم أبواب ومواد تنص في مضمونها العام على أهداف وغايات، منها التكامل والانسجام، والاستقطاب للمهنة، والتكوين، والاستحقاق، المسودة تحتوي على أجزاء من القانون الإطار وأخرى من النموذج التنموي، والخطاب الرنان كما العادة، العناية بالمدرس وجعل المدرسة العمومية في قلب الاهتمام ، من خلال التوحيد والتحفيز، والعمل بالمسؤولية، ناهيك عن الحقوق والواجبات، وعندما يصل النظام الأساسي للمكافئات، ينتقل الحديث إلى معطيات جديدة، في واقعها لا يأخذ المدرس شيئا عن العطاء والجهد في التنوير والتعليم سوى مجموعة من العقوبات وبدرجات متفاوتة، وتقسيم الجسم التعليمي بين منتفع وخالي الوفاض، تقييم الأداء المهني والمردودية يسري على كل الفاعلين في الحقل التعليمي، بل يسري على كل أطر الوظيفة العمومية، أما الإنتاجية والأداء يمكن استحسانهما إذا كان الأمر ممزوجا بالجزاء والتحفيز للمدرس حتى يكون العطاء أفضل .
نظام التعويضات خير مثال على التمييز والمفاضلة بين العاملين في القطاع ، سخاء الوزارة مع الأطر الإدارية، وأطر التدريس لا نصيب لهم من هذا السخاء سوى ما يتعلق بالشواهد التقديرية والعقوبات المختلفة، وهناك منحة مالية صافية تبلغ قيمتها 10000درهم، وبالمقابل هناك أعباء جديدة تبدأ من التدريس والضبط إلى تنشيط الحياة المدرسية، أعمال إضافية تثقل كاهل المدرس وتنال من جهده الفكري والجسدي، أنشطة تحتاج للتقدير والتحفيز المعنوي والمادي ، كل نشاط يمكن إدراجه في ملف الأستاذ ويكون مفيدا في الترقية السريعة والتقاعد، يمكن تغيير السلالم الاستدلالية، إضافة درجة جديدة ، وكذلك أفضل الأمور الزيادة في الأجور .
النقابات باعتبارها شريكا في التفاوض والحوار، انتهت بالتوقيع والتزكية، عجزت أن تجعل من هذا النظام بالفعل منصفا وعادلا، خطاب النقابات ظل صامتا وخافتا، تخرج علينا النقابات في آخر المطاف بعدم علمها إنزال الوزارة للمسودة والمصادقة عليها بالبرلمان، أمر لا يستسيغه رجل التعليم، وهو الذي ظل يتابع عن كثب مخرجات الحوار والجديد منه، استشعر رجل التعليم من البداية أن هناك شيء يطبخ كما يقال على نار هادئة، لكن لم نكن نتوقع أن الجزاء والمكافئة سيكون من نصيب فئة على أخرى، الكل في الميدان يؤدي وظيفة معيارها التكامل والانسجام في السهر على السير الطبيعي للمؤسسة التعليمية، لا نقلل من عمل الإدارة التربوية، ولا ننتقص من دور التفتيش، وهيئة المفتشين، لكننا نعتبر هذا النظام غير منصف، لأنه ببساطة يكرس للمفاضلة، ويجعل من دور المدرس ثانويا ولا قيمة له، إنهم يعرفون خبايا الأقسام، يدركون أي الأجيال ندرس .
ترسل الوزارة رسائل التقدير والاعتراف في حق المعلم من كل سنة ، يعترفون بالأدوار والوظائف، وعندما يتعلق الأمر بالحقوق يتنصلون بذريعة العدد أو ترك المسألة للحوار الاجتماعي. نحن نعاين الغضب الشديد والسخط العارم من قبل رجل التعليم في بلدنا، نهضة البلد في العمران والبنية التحتية تعززها نهضة البلد في مجال التعليم والتربية، لا بد أن تكون المدرسة في قلب الحدث، ولا بد أن يكون المدرس من أولويات السياسة التعليمية ، إهماله يقلل من العزيمة ويرخي الهمم، تكريمه ضرورة ملحة، تشريفه مسألة لا تحتاج الانتظار. الحكومة الحالية بقيادة الأحرار بدأت بالنوايا الحسنة، فكانت الوعود كاذبة، وغير واقعية في تحسين شروط العمل وتحسين الأداء والمردودية من خلال العناية بالمدرس، صاغت برنامجها الانتخابي بإصلاح التعليم مع التشديد على الربط المتين بين المدرسة والمدرس والمجتمع، فالسيد الوزير شكيب بنموسى اعتبر النظام الأساسي بصيغته الحالية مكسبا قويا في التوحيد والمردودية، وركيزة من ركائز الدولة الاجتماعية، فإننا نقول وببساطة من خلال قراءة في المشروع أن الإنصاف غير وارد لرجل التعليم ، فلا تفاوض في الأمر إلا على قاعدة التحفيز المادي والمعنوي، ولا نحتاج أن نذكر الكل بالوضعية الاقتصادية والمادية التي يعيشها الكل جراء الغلاء والجفاف، إنه وضع صعب في واقع الجفاء والسخاء . إضراب اليوم مناسبة للتذكير بالمسؤولية المشتركة للنقابات والوزارة معا .
إن التفاوض والحوار على أساس التشارك انتهى للنتيجة المحسومة، ولد النظام الأساسي ولادة غير طبيعية، مبتور وغير منصف للعاملين في القطاع. فمن الواضح أن يترك أثرا نفسيا، وصعوبات جمة على نفسية رجل التعليم ، ونأمل من الوزارة الوصية الاعتراف بالضرر وجبره خصوصا ونحن نستقبل اليوم العالمي للمدرس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.