أكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر علي باكير، أن رد فعل الولاياتالمتحدة الضعيف إزاء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا يرسل رسائل لحلفائها أنها لن تدافع عنهم حال تعرضهم للخطر. جاء ذلك في حوار أجرته الأناضول مع باكير، تحدث فيه عن أبعاد التدخل الروسي في أوكرانيا عسكريًا، والتداعيات الإيجابية والسلبية ذلك على العالم العربي. وقال باكير إن التدخل الروسي بأوكرانيا له تداعيات أمنية واجتماعية على العالم العربي، وتأثيرات إيجابية بالنسبة لمصدري النفط والغاز وأخرى سلبية بالنسبة لمستهلكي القمح والطاقة. وفجر الخميس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إطلاق عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل غاضبة من دول ومنظمات دولية عديدة. وأثارت العملية العسكرية الروسية غضبا دوليًا، وفرض الاتحاد الأوروبي، الخميس، عقوبات على مسؤولين روس رفيعي المستوى، بينهم وزير الدفاع سيرغي شويغو. مخاطر على الحلفاء باكير تحدث عن التأثيرات الأمنية والاجتماعية على العالم العربي جرّاء التدخل الروسي، وقال في هذا الصدد "في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم بسبب الجائحة ستترجم الأزمة على هيئة مشاكل اجتماعية وأمنية، إذا ما استمرت الحرب على أوكرانيا". وأضاف "الدول العربية تبين مواقفها حول الحرب حسب تحالفاتها، ومن الناحية الأمنية والعسكرية الحرب ترسل رسائل سلبية لحلفاء واشنطن مفادها أن الأخيرة لن تدافع عنهم حال تعرضهم لمخاطر". وزاد "هذا ما يستحضر موضوع الضمانات الأمنية المقدمة للدول العربية المتحالفة مع أمريكا ضد المخاطر القادمة من الخارج". مميزات وضغوط اقتصادية الأستاذ الجامعي سلط الضوء كذلك على ما اعتبره مميزات إيجابية اقتصادية للأزمة الراهنة بالنسبة لعدد من الدول العربية، لافتًا أن تلك المميزات لها علاقة بشكل أساسي بأسعار النفط والغاز والقمح. وأضاف في هذا الصدد "في ظل الأزمة سترتفع أسعار الموارد الطبيعية والمواد الاستهلاكية، وكذلك الغاز، الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي على الدول المصدرة للطاقة كالنفط والغاز". وبيّن أن "الدول المعتمدة على تصدير النفط والغاز ستجني أرباحا، وما عداها ستتراكم عليه الديون والأعباء الاقتصادية". وزاد قائلا "وتعتبر قطر واحدة من الدول المستفيدة اقتصاديًا من تلك الأزمة، باعتبارها أكبر مصدر للغاز المسال في العالم بعد أمريكا". وأكمل "والأمر نفسه ينطبق كذلك على الدول المصدرة للنفط حيث ارتفعت أسعاره هو الآخر لأرقام قياسية، وهو ما يعني مزيدا من المداخيل من العملة الصعبة لهذه الدول وعلى رأسها السعودية والدول المصدرة الأخرى". كما شرح الأكاديمي الضغوط المترتبة على ارتفاع أسعار القمح والطاقة بالنسبة للدول العربية المستوردة بالقول "ارتفاع أسعارها سيزيد من حجم مديونية هذه الدول، ويضع ضغوطًا إضافية عليها ويعرقل إعادة تنشيط اقتصادها خلال فترة ما بعد كورونا، وله انعكاسات على عدة مستويات". وأردف "فيما يتعلق بالقمح بعض الدول العربية المستهلكة تعتمد على روسيا وبعضها على أوكرانيا، فروسيا تصدر القمح لسوريا ومصر ولكن الأزمة ليست في الأسعار التي سترتفع، بل بمن يعتمد على القمح الأوكراني، حيث ستكون لديه مشكلة ليس بالأسعار وإنما في البحث عن بدائل ويمكن أن يلجأ لأسواق بعيدة كأمريكا وهو ما قد يزيد الأعباء". وأكد أن "ارتفاع أسعار القمح في العالم ستكون لها تداعيات في العالم العربي، ستكون لها تداعيات اجتماعية كما في مصر مثلا، وبالتالي هناك تأثيرات على العالم العربي من الناحية الاقتصادية". عدوان على دولة مستقلة باكير وصف العمليات العسكرية بأنها "عدوان على دولة مستقلة ذات سيادة، وانتهاك لقواعد القانون الدولي، ولميثاق الأممالمتحدة، وهو عمليا إلغاء لحقوق شعب ودولة موجدين، لأن العدوان لا يقف على العدوان العسكري وإنما الخطاب السياسي الروسي والتحريض على الانفصال والتهديد باستخدام القوة، كلها عدوان على أوكرانيا". وأضاف "العدوان لم يبدأ الآن بل بدأ في العام 2014 ولكن عدم إبداء المجتمع الدولي رد فعل حازم تجاه روسيا شجع بوتين على المضي قدما بسياسته تجاه أوكرانيا". وزاد باكير قائلا "ومن الواضح أن سياسة وأهداف الرئيس الروسي لا ترتبط بحلف شمال الأطلسي (ناتو) كما يتم تداوله، بل هذه مجرد مزاعم ليكمل مشروع سيطرته وقضمه للمزيد من الأراضي سواء في أوكرانيا أو الدول المجاورة الصغيرة والضعيفة". وشدد على أنه "بعد إعلان الرئيس الروسي دعمه لاستقلال دونستك ولوهانسك لم يتوقف الاعتداء على أوكرانيا وبقت القوات الروسية على أهبة الاستعداد وكان ذلك مؤشرا، على جولة تصعيد قادمة لا محالة خاصة أن البرلمان كان قد أعطى الضوء الأخضر لبوتين لاستخدام القوات خارج البلاد". كما اعتبر أن "ما يجري الآن هو عدوان واسع من كل الجبهات سواء من الشرق أو من الأراضي البيلاروسية، وحصل تدخل بري وقصف طال مناطق تقع أقصى مناطق غرب أوكرانيا". وتابع: وهناك قصف شديد للمواقع الاستراتيجية والمطارات والبنية التحتية للدفاعات الجوية، وبالتالي هناك تحضير لغزو كامل يهدف تجريد أوكرانيا لما تبقى لها من أسلحة لتدافع عن نفسها وبالتالي حرمانها من الوجود". ردود فعل غير كافية وانتقد باكير ردود الفعل الغربية بالقول "رد الفعل الأمريكي والأوروبي حتى قبل العدوان كان ضعيفا وهو جزء من الأخطاء التي ارتكبت، لأن الجانب الروسي كان يفترض أن يواجه بشكل حازم، ولكن عندما رأى أنه ليس هناك رسالة قوية موجهة إليه وأنها مجرد عقوبات، هذا ما شجع بوتين على المضي قدما في قراره". واختتم باكير حديثه قائلا "العقوبات لم تكن كافية بل كان يتطلب اتخاذ قرارات قاسية وعزلها ماليا عن العالم تستهدف موارد تمويل العمليات العسكرية ولا سيما قطاع النفط والغاز إلى جانب المؤسسات المالية الرئيسية في روسيا، واعتقد بعد الغزو سيتم تصعيد المواقف وبالتالي لن تكون لردع روسيا بل لعقابها أكثر".