قال محمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن السلطات المغربية حريصة على حماية الاقتصاد الوطني من جرائم غسل الأموال، ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية، لما لذلك من تداعيات على سمعة وشفافية ومصداقية المؤسسات الرسمية لدى الهيئات المالية الدولية، وذلك من خلال تبني المملكة لعدة تدابير إجرائية في مستويات متعددة تشريعية وتنظيمية وقضائية. وجاء كلام عبد النباوي خلال أشغال دورة تكوينية، عقدت اليوم الاثنين، وتهم تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال، ينظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشراكة مع رئاسة النيابة العامة وبتعاون مع مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. وأكد عبد النباوي خلال ذات الدورة أن عمليات غسل الأموال بالعالم تقدّر بما يقارب 2200 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 3 في المائة من الناتج الخام الدولي (المقدر بحوالي 85000 مليار دولار). وأبرز ذات المتحدث أن خطورة هذا الرقم تصبح أكثر دلالة إذا عرفنا أنها تقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار) وفرنسا (2775 مليار دولار) والهند (20716 مليار دولار)، وتتجاوز الناتج الداخلي الخام لاقتصادات كبرى أخرى كإيطاليا (2072 مليار دولار) والبرازيل (1868 مليار دولار)، وكندا (1711 مليار دولار)، وروسيا (1619 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (1425 مليار دولار). وأشار عبد النباوي أن رقم المعاملات العالمي لهذه الجريمة يبلغ 2200 مليار دولار، الأمر الذي يكفي للقضاء على المجاعة التي يعاني منها حوالي 800 مليون شخص بالعالم، يُتَوفى من بينهم 25000 شخص يوميا بسبب الجوع. وشدد على أن التأسيس لثقافة مكافحة غسل الأموال في بلدنا يتم وفق مقاربة تشاركية وتراكمية تنم عن دينامية حيوية تستجيب للمتطلبات الدولية مع مراعاة الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لبلادنا. ولفت إلى أن هذه الرؤية التدريجية المتبصرة والمتفاعلة مع توصيات فريق العمل المالي، هي التي شكلت خلفية لمختلف التعديلات القانونية الموضوعية والشكلية التي أدخلت على قوانين مكافحة غسيل الأموال. وسجل أن ملاءمة التشريع المغربي مع توصيات مجموعة العمل المالي والمعايير الدولية المنظمة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر إدخال تعديلات على مقتضيات القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، بموجب القانون رقم 12.18 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 8 يونيو 2021، يشكل مناسبة سانحة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية للاضطلاع بدوره التأطيري والتكويني للقضاة المعنيين بتطبيق هذا القانون، خاصة بعدما تم توسيع دائرة الاختصاص المحلي للمتابعة والتحقيق والمحاكمة عن جرائم غسل الأموال، لتشمل إلى جانب المحكمة الابتدائية بالرباط، كلاًّ من محاكم الدارالبيضاء ومراكش وفاس. وأكد أن هذا ما سيؤدي بلا شك إلى مزيد من النجاعة الأمنية والقضائية في مكافحة أشكال غسل الأموال، وحماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على نظافة الدورة الاقتصادية للمملكة.