هناك خطر وجودي يتهدد علاقة المغاربة بالسياسة ... والسبب طبعا زمرة من الساسة جاؤوا في الزمن الخطأ ليجهزوا على ما تبقى من أ مل المغاربة في غد أفضل... أكبر كذبة لحكومة بنكيران هي كذبة الإصلاح...الإصلاح ببساطة معناه الإنتقال من حالة معينة غير مقبولة إلى حالة أخرى أفضل وأحسن منها على الأقل ،لكن مرور أكثر من سنة على عمر الحكومة أثبت بما لا يقبل الجدل أن الوضع الإقتصادي والإجتماعي للمواطن يسير نحو الهاوية ... عراب البيجيدي وراسم سياسة الحكومة أعرب هو والعديد من وزرائه أكثر من مرة أن درب الإصلاح طويل ،وكأنه يريد أن يقول للمغاربة : لا تزعجوني من فضلكم فأنتم قاصرون و لا تفهمون ما أنا بصدد فعله لكن في الأخير ستقتنعون أنني حققت ما كنت عاهدتكم عليه . بنكيران يريد ممارسة السياسة دون معارضة من أحد ،والمقعد الذي كان يستعمله بالأمس للتسويق لخطابه وممارسة الضغوط على الحكومات السابقة يحبذه الان شاغرا . قال إنه سيحارب الفساد . لكنه لم يفعل ذلك لحد الان .بل لم يخط أية خطوة من شأنها إقناعنا أنه جاد في قوله .ولإبعاد المسؤولية عنه وتبرير عجزه و كذبه يظفي صفات غريبة على المفسدين ... في زمن المعارضة كانت الفرصة لا تفوته للتنديد بالقروض الربوية ولجوء الدولة إليها ،لكن وجوده في الحكومة قلب المفاهيم رأسا على عقب .فهاهو المغرب في عهد " حكومة التغيير " يغرق في بحر من الديون وفي ظرف قياسي ... صندوق المقاصة الذي أثار الكثير من التساؤلات حول دوره الحالي في تكريس اللامساواة وما يسببه من خسارة مالية مجانية للدولة ،أثبت عقم سياسة الحكومة وعدم قدرتها على بلورة خطة إصلاحية من شأنها وقف هدر المال العام وحفظ السلم الإجتناعي .... إصرار بنكيران على ضرورة تحرير الأسعار دليل على قصر النظر وجهل بالمخاطر القصوى التي يمكن أن تنجم على هذه الخطوة ،لأنه سيؤدي لامحالة إلى استهداف القدرة الشرائية لعموم أبناء الشعب المغربي الفقراء ، الذين يستثنيهم قاموس بنكيران الشارح للفقر ويصنفهم عنوة ضمن الطبقة المتوسطة ... أوصد بنكيران كل الأبواب في وجه الشباب العاطل .تركهم في يأس وإحباط ولم يقدم لهم حلولا .بدل أن يتصرف كرجل دولة مسؤول عن تدبير الشأن العام يخاطب الأفواج العاطلة بكلام غريب ولا يتفوه به سياسي عاقل مثل : الرزق عند الله وليس عند الدولة... لكن المفاجأة الصادمة التي أذهلت الجميع وكشفت الكذب المفضوح للحكومة كانت حين أكد رئيسها نفسه خبر توظيف عدد من العاطلين الصحراويين بشكل مباشر ،في تناقض صارح مع كل ما كان يصرح به سابقا ، وضاربا عرض الحائط مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ... كذب الحكومة إمتد إلى قطاع التعليم ...أكثر من شهرين مرت على الوعد الذي قطعه الوزير محمد الوفا على نفسه بكشف لائحة الأشباح في وزارته .تصريح الوفا المثير جذب انتباه الكثيرين اعتبارا لحساسية الموضوع وخطورته ،ومازاد من رغبة المغاربة في معرفة الحقيقة الكاملة تأكيد الوزير على أن الموضوع سيفاجئ الرأي العام وسيثير نقاشا واسعا ...بمعنى أن " القضية حامضة بزاف أوماتعجبش". لم يف الوفا بوعده رغم أنه أكد حينها أن كشف اللوائح سيتم قريبا . إنتظرناه طيلة ما ينيف عن الشهرين لنعرف وجها بشعا من أوجه نهب المال العام ، لكن الوفا بدل نشر لوائح الأشباح ، وفي خطوة مثيرة للسخرية أقدم على نشر لوائح التلاميذ الغشاشين في امتحانات البكالوريا ... أن تكذب على شخص ويكون في كذبك إساءة إليه فذلك أمر فظيع ومشين ، أما أن تكذب على شعب بأكمله ويكون من نتائج هذا الكذب تضييع فرص حقيقية للتغيير فتلك بالتأكيد جريمة لا تغتفر ...