حقوقيون نقابيون سياسيون معطلون وطلبة يهتفون بإسقاط الإستبداد حميد المهدوي - من قال إن حركة 20 فبراير قد ماتت، فإن شوارع الرباط أكدت مساء الأربعاء 20 فبراير أن الحركة حية لا تموت. مئات المتظاهرين حجوا من كل فج عميق إلى شارع محمد الخامس. عقارب الساعة تشير إلى الخامسة مساءً."إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر"، على إيقاع هذا النشيد انطلقت الإحتفالات. حشود من مختلف الأعمار، نساء، رجال، شباب شابات جميلات.. الكل يهتف: "الشعب يريد ..إسقاط الفساد، الشعب يريد.. إسقاط الإستبداد"، "حرية، كرامة عدالة اجتماعية". حتى طلبة وزان المعتقلين بسجن "سلا2" ترددت أسماؤهم داخل التظاهرة: "لقمان يارفيق لازلنا على الطريق". انزال أمني كثيف أمام باب البرلمان مباشرة يتحلق 5 أشخاص بشكل دائري حول شخص سادس يشهر ورقة فيما تكلف آخر بقراءة ما كُتب عليها، وهو يهاتف أحدهم، إنهم رجال الأمن إذن. أينما تولي وجهك تجد رجل أمن بزي مدني. إما يكتب الشعارات أو يلتقط بعناية صورا لوجوه المتظاهرين. "راني غادي نهرسها ل... على وجهك" يقول محمد علال الفجري أحد أبرز نشطاء الحركة لشخص وجده يصوب آلة تصوير في اتجاه وجهه. طالبة: لا شيء تغير في المغرب "جئت اليوم لأحتفل بعيد ميلاد حركة 20فبراير، أشعر أن سنتين قد مرتا بسرعة" تقول "منى" (20 سنة) بوجه يطفح حماسا وأملا، لموقع "لكم. كوم"، قبل أن تضيف، وهي طالبة جامعية: " كان طبيعيا أن أخرج اليوم لأن نفس الأسباب التي خرجنا من أجلها قبل سنتين لازالت قائمة، لا شيء تغير في المغرب غير وجوه الوزراء". "ليلى" وهي بدورها طالبة جامعية كانت بصحبة "منى" تؤكد ما ذهبت إليه الأخيرة غير أنها جاءت أيضا من أجل المطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين خاصة منهم معتقلي الحركة الطلابية. " لقد حاولوا اغتيالها معنويا، ولكنها حية كما ترى" هكذا يعلق محمد العوني رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير، على الحضور الكثيف الذي غطى التظاهرة، مشيرا إلى أن من يراهن على موت الحركة فهو كمن يراهن على حصان أعرج لأن حركة 20 بحسبه، مرتبطة بهموم الشعب المغربي وبمعارك ذات نفس طويل. بنعمرو: الحركة لم تمت عبد الرحمان بنعمرو، الكاتب الأول لحزب الطليعة لم يخلف العرس النضالي كعادته، رغم تقدمه في السن، فلازال الرجل مخلصا لقناعاته التي حملها لعقود طويلة. وينتقد بنعمرو بشدة من يسعون لدفن حركة 20 فبراير.، إذ يقول:"الحركة لم تمت ومبررات وعناصر استمرارها لازالت قائمة" ثم يضيف موضحا: " الدستور الحالي لا يلبي الطموحات السياسية للقوى الديمقراطية في أن تكون السلطة بيد الشعب، كما أن لا شيء تغير، الفساد لازال مستشريا وتتسع دائرته، والاستبداد لازال قائما والأعطاب الاجتماعية المتجلية في البطالة والجريمة تتسع نتيجة فشل السياسة الاقتصادية. غلاء الأسعار في ارتفاع"، ليخلص بنعمرو في حديثه لموقع "لكم. كوم" إلى ضرورة الإستمرار في النزول للشارع حتى تحقيق كافة المطالب. عضو المكتب المركزي لأشهر وأقوى جمعية حقوقية بالمغرب حسب مصادر متطابقة، وهي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الطيب مضماض، يتفق مع بنعمرو على أن لا شيء تغير في البلد منذ ظهور حركة 20 فبراير ويؤكد على أن الشباب المغربي لن يترك الشارع حتى يحقق مطالبه العادلة والمشروعة. المعطلون والنقابات في التظاهرة خلف لافتة طويلة اصطفت حشود غفيرة من المعطلين، أحدهم يقرع طبلا محدثا جلبة كبيرة مما يثير انتباه كل المارة والمتواجدين بمحيط البرلمان. "هل قررتم الالتحاق بحركة 20 فبراير؟ يسأل موقع "لكم. كوم" أحد قادة المعطلين، فيجيب: " حركة 20 فبراير تناضل من أجل الكرامة الاجتماعية ونحن نناضل من أجل التوظيف، إذن فنحن بشكل طبيعي نتقاطع مع الحركة الشيء الذي يجعلنا في قلبها بشكل أو بآخر". حتى النقابات لم تخلف موعدها مع الحدث. عشرات العمال محسبون على "الجناح الديمقراطي" داخل الإتحاد المغربي للشغل كما صرح أحدهم للموقع، ساروا في صفوف متراصة خلف لافتة حمراء تعلن عن هويتهم. وحسب الطاهر الدريدي، عضو الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي داخل "UMT" فإن مسيرة اليوم تؤكد على أن الشعب المغربي مصر على إسقاط الفساد والإستبداد، مشيرا الدريدي لموقع "لكم. كوم" إلى أن المطالب التي خرجوا من أجلها قبل سنتين لا شيء تحقق منها حتى الساعة. لا أثر ل "العدل والاحسان" لم تظهر الوجوه المألوفة في تظاهرات الحركة، أسامة الخليفي، نجيب شوقي، عبد الحميد أمين، وعبد العالي حامي الدين.." أمين في مهمة حقوقية بالخارج، أما حامي الدين فربما يواجه عراقيل أو له حاسباته الخاصة بعد أن بات حزبه في الحكومة" يعلق مضماض، قبل أن يضيف ووجه يطفح غضبا "الصحافة للأسف الشديد تركز على بعض الوجوه المعروفة سابقا بقيادتها للحراك والتي اختارت طريقا آخر بعد ذلك"، وكل ذلك بحسب نفس المصدر "للنيل من مصداقية الحركة ومحاولة التأثير السلبي عليها". حتى أنصار جماعة العدل والإحسان لا أثر لهم في التظاهرة، " غياب العدل والإحسان كان مؤثرا في البداية، لكن الحركة من طبيعتها أن تتجاوز كل من يتخلى عنها" يقول بنعمرو مضيفا" أن العدل والإحسان إذا رجعت للحركة فهي مصيبة في قرارها وإذا لم ترجع لها فنحن المصيبون". "العدل والإحسان لا يمكنها أن تناضل إلى جانب الجماهير الشعبية فهي مرتبطة بمشروعها، أعضاؤها كمجموعة أفراد تنتمي للشعب المغربي حضورهم ضروري في الحركة ولكنهم كفكرة سياسية صعب أن يتواجدوا داخل حركة 20 فبراير لهذا تركوا الجماهير الشعبية تواجه لوحدها مصيرها ضد سياسة النظام اللاشعبية واللاديمقراطية"، هكذا يعلق عبد الله مجدي، رئيس الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المجازين بالمعرب، على غياب الجماعة وعدم رجوعها لحضن حركة 20 فبراير. أما الدريدي فيتمنى عودة الجماعة للحركة لأنه بحسبه جميع القوى الحية مطالبة بدعم حركة 20 فبراير والانخراط في معركة محاربة "الفساد والإستبداد". "البوليساريو" في التظاهرة " البوليساريو تشكر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وحركة 20 فبراير على دعمهما للمتهمين في أحداث إكديم إزيك" هكذا تفيد لافتة يحملها شاب في عقده الرابع، ظل يتقدم بها مسيرة الحركة، وبجانبه يسير شخص نحيف الجسم أبيض البشرة يرتدي قميصا أحمرا وبداخله نجمة خضراء، وهو معروف وسط نشطاء حركة 20 فبراير ب"البلطجي" كما يحلو لكثير منهم أن ينادونه. لم يهدأ صاحب اللافتة أو يركن، حيث ظل على طول الوقفة يتموقع بالأماكن المثيرة والواجهات الأمامية للتظاهرة، وهو يردد شعارات تنال من حركة 20 فبراير ومن حزب النهج الديمقراطي خاصة: " حزب النهج الديمقراطي خائن للوطن وعبد الله الحريف قال في الجمعية الفرنسية سنة 2010، بأن الشعب الصحراوي شعب مضطهد ومستعمر" يقول صاحب اللافتة قبل أن يتساءل وهو يتوجه بخطابه لمرافقه: "هل يمكن لهذا الخائن وحزبه أن يصلحا الوطن؟". فيأتي الجواب من الطرف الآخر: "لعنة الله عليك يا المخزني المرتزق" يعلق عليه أحد نشطاء الحركة وهو يسير إلى الأمام بخطى ثابتة وواثقة...