بسبب رفض الدولة لإقرار الضريبة عن الثروة ولو في حدود 2./. على الأغنياء، لازال الجزء الأكبر من فقراء الشعب المغربي وبؤسائه، يؤدون الثمن غاليا اجتماعيا، في الوقت الذي تنعم فيه الأقلية داخل البلد، بالجزء الأكبر من خيرات وثروات هذا الوطن التي لا تعد ولا تحصى! الديون الخارجية تزداد سنويا، والهشاشة الاجتماعية تنذر بالاسوأ، والفساد لا تستطيع أي جهة وقف مده الجارف، ومع ذلك، هناك مقاومة شرسة لمطلب إقرار الضريبة عن الثروة، تقف خلفها لوبيات وجماعات ضغط أنانية، لا تريد الخير لهذا الوطن، وكل ما يهمها هو مراكمة الثروة سنويا، ولو كان ذلك على حساب آهات الملايين من المواطنين المغاربة، الذين تعرضوا لكل عوامل التعرية! تقرير منظمة اوكسفام الاخير، توقف عند مسألة الضريبة عن الثروة، ووضح أثرها على نمو الاقتصاد الوطني، ولكن المؤسف أن الجزء الأكبر من الجرائد في المغرب، لم تتوقف عند هذا التقرير بالشكل المطلوب، وحتى من اهتموا به ركزوا على أرباح (ملايرية) الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تزايدت بعشر ملايير دولار مند بدء جائحة كرونا، عوض التركيز على ما جاء في التقرير بخصوص الأوضاع في المغرب! لماذا ترفض السلطة الحاكمة في المغرب الدفع في اتجاه إقرار ضريبة عن الثروة؟ من هي الجهات التي تقاوم هذا المطلب وتجعل السلطة الحاكمة مترددة على فرض هذه الضريبة للضرورة الوطنية؟ لماذا تضيع الدولة على الشعب فرصة تغيير أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية بإجراء بسيط للغاية؟ لماذا الإصرار على تفقير المغاربة وعلى زيادة الاقتراض من المؤسسات الدولية في الوقت الذي يمكن للدولة وقف كل هذا النزيف بإقرار الضريبة عن الثروة في حدود 2./. وهي النسبة التي من شأنها أن توفر للدولة سنويا 6 مليار دولار حسب تقديرات الخبراء؟ المغاربة لا يطالبون الآن بالتقسيم العادل لثروات وطنهم، بل يطالبون فقط بإقرار الضريبة عن الثروة، ومع ذاك هناك مقاومة غريبة لهذا المطلب العادل والمشروع، بل هناك توجه لزيادة (الشحمة في ظهر المعلوف) كما يقال في المثل المغربي! أن تسيطر أقلية داخل البلد، عن الجزء الأكبر من الثروة، وتاكل القسط الأكبر منها، وترفض إقرار ضريبة عنها، فهذه جريمة مكتملة الاركان في حق المغاربة، وقمة الإمعان في بؤس هذا الشعب الطيب الذي صبر عن الكثير من المحن. على الدولة أن تفكر بطريقة عقلانية في توفير كل متطلبات الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي في البلد، لاسيما، وأن الظرف الاستثنائي الذي يمر منه اليوم العالم بأسره، بسبب تفشي جائحة كرونا، ظرف صعب للغاية، الامر الذي يفرض على السلطة الحاكمة في المغرب، اتخاذ كل ما يلزم من تدابير واجراءات، يكون من شأنها تكريس السلم الاجتماعي. فرض الضريبة عن الثروة خيار يخدم مصلحة الدولة والمجتمع معا، وعلى الجهات التي تقاوم هذا المطلب الوطني المسروع، أن تفهم بأن استمرارية الدولة، واستقرار الأوضاع فيها، أولى من جشعهم ومن لهفتهم التي لا حدود لها في الإفتراس!