يعيش القطاع السياحي ببلادنا أحلك أيامه، نتيجة لتداعيات فيروس الكورونا المستجد، الذي شل الحركة التجارية للقطاع بالكامل، مهددا الاف المشاريع السياحية بالافلاس، وملايين مناصب الشغل بزوال، وكما هو معلوم بحسب تقارير رسمية، فان القطاع السياحي في المغرب يساهم بحوالي 7% من الناتج الداخلي الخام، وبلغت عائدات القطاع من العملة الصعبة برسم سنة 2019 ما مجموعه 78.6 مليار درهم، كما يوفر القطاع مليون ونصف منصب شغل، بحسب البيانات الصادرة عن مرصد السياحة المغربي. وقد أشارت تقارير رسمية ذات صلة بالموضوع، على أن معدل توافد السياح على المغرب، شهد ارتفاعا ملحوظا خلال سنة 2019، حيث زار المغرب ما يناهز 13 مليون سائح، كما أن حوالي 9 ملايين أسرة تعتاش من مداخيل القطاع، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعديد من المجالات الاخرى، كالصناعة التقليدية والنقل السياحي، والمطاعم وغيرها، ممن يعيش بشكل غير مباشر من عائدات السياحة. غير أن أزمة جائحة الفيروس التاجي كورونا، التي ارخت بظلالها على الحياة بكوكب الأرض، وعرفت جل المجالات جمودا واضحا، بالنظر الى الاجراءات التي اتخذتها حكومات الدول، حماية لمواطنيها من هذا الفيروس المستجد، الذي بالرغم من الاحتياطات الكبيرة، فقد أودى بحياة الملايين. ولم يكن القطاع السياحي في المغرب في منأى عن تداعيات، هذا الفيروس، حيث توقف النشاط الاقتصادي المرتبط بالسياحة بشكل كلي، كما هو الشأن العديد من النشاطات الاقتصادية. وبلغت خسائر القطاع السياحي بالمغرب، حوالي 64 مليار درهم، بحسب احصائيات قدمتها الكونفدرالية الوطنية للسياحة، وتوقف 3500 شركة مقاولة للايواء السياحي، و 500 شركة للتموين السياحي، و 1450 وكالة للاسفار، و 1500 شركة للنقل السياحي، و 1500 شركة لكراء السيارات، مع فقدان اغلب مناصب الشغل داخل القطاع. ومع انخفاض معدل الإصابات والتحكم التام في الوضعية الوبائية بالمغرب، وانحصار دائرة انتشار الفيروس، أطلقت اغلب القطاع الحكومية بالمغرب، مخططات للانتعاش الاقتصادي أو الاقلاع الاقتصادي ما بعد فيروس الكورونا. وفي سياق ذلك، صرحت نادية فتاح العلوي وزيرة السياحة والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، بأن معدل توافد السياح على المغرب انخفض بحوالي 45% خلال الأربعة أشهر الاولى من سنة 2020، واضافت في تصريح لها بالغرفة الأولى للبرلمان الاسبوع الماضي، أن 95% من الوحدات السياحية والفنادق مغلقة. كما عرجت المسؤولة الحكومية على التدابير التي اتخذتها وزارتها خلال فترة الطوارئ الصحية، حماية للمهني القطاع من الافلاس، وذلك بسن القانون 30.20 لتجنب افلاس المقاولات السياحية، وضمان حقوق المستهلك من خلال اصدار الاحكام الخاصة بعقود الأسفار والمقامات السياحية، الى جانب تعليق أداء المساهمات الاجتماعية، وتأجيل سداد القروش البنكية، وارجاء المراقبة الضريبية وتأجيل وضع التصريحات المتعلقة بها. كما صرحت المسؤولة على القطاع السياحي، بأن حوالي 70% من شغيلة القطاع السياحي المسجلين بالضمان الاجتماعي استفادوا من دعم الصندوق المخصص لتدبير جائحة كورونا. وأصدرت الوزارة دليلا للصحة والسلامة للاستئناف النشاط السياحي، حمل توضيات السلامة ذات صلة بالوقاية من فيروس كوفيد 19. بمقابل ذلك نتساءل عن جدوى، ما قامت به الحكومة من اجراءات، علي سبيل المثال لا الحصر، اصدار الدليل الصحي للسلامة، يعتبر اجراء لا محيد عنه، من اجل استئناف امن للنشاط التجاري، غير أن مثلا تكاليف تطبيق تعليمات هذا الدليل، تعتبر باهظة ومكلفة، واصغر وحدة سياحية، لا تكفيها عشرين مليون سنتيم من اجل توفير مستلزمات الوقاية التي جاء بها الدليل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية الوضعية المالية لأغلب المستثمرين شبه كارثية، ان لم تكن في وضع لا يسمح لهم باستئناف النشاط التجاري بالنظر الى التكاليف التي ستصاحب عملية استئتاف النشاط، من أجور المستخدمين، وفواتير عالقة منذ فبراير، وغيرها من الامور التي قد تبدو للمسؤول او الانسان العادي، امور بديهية الا انه وفي غيابها، لا يمكن ان يتم اسئتناف النشاط الاقتصادي. وهنا تتضح الأهمية البالغة للإجراءات الموضوعية والواقعية من لدن الحكومة، والتي تستوجب أولا، ايجاد صيغ معقولة لإعادة تمويل المستثمر السياحي، الذي يعيش حالة افلاس واضحة، وذلك عبر عروض قروض بنكية بسعر فائدة معقول، يدفع بعجلة هذا القطاع المتوقف عن العمل الى الدوران، ومنه انتعاش العديد من القطاعات المرتبطة به. وكما ان مقترح دعم السياحة الداخلية، لا يعدو كونه مجرد ذر الرماد في العيون، بحيث انه اذ ما فحصنا القدرة الشرائية للمواطن، فانه من سابع المستحيلات جدا، ان يتوفق في حجز غرفة داخل فندق لا تتعدي 300 درهم، وذلك راجع بالأساس الى ثقافة المجتمع المغربي، فالعائلات المغربية تتجه نحو كراء الشقق المعدة لذلك، بالنظر الى عدد الافراد، وهو ما لا يستطيع اليه سبيلا المواطن المغربي، دون استحضار المرحلة الراهنة، التي اتسمت بالجمود وكيف للاسرة المغربية، التي تغرق الى أخمص القدمين في الديون، وعيد الأضحى على الابواب، ان تفكر في السياحة، وعليه فان فكرة السياحة الداخلية كحل يمكنه انقاد القطاع السياحي من أزمته، هو مقترح سريالي لا أكثر. وزارة السياحة مدعوة أكثر من أي وقت مضى الى التفكير في حلول واقعية وملموسة من شأنها حلحلة مشاكل مهني ومستثمري القطاع، والا فان اغلب الوحدات الفندقية، لن تستأنف نشاطها التجاري، الا في متم شهر شتنبر او أبعد من ذلك، أما تقديم حلول تدخل في مضمار الأحلام الوردية، التي ما ان تشرق عليها شمس حقيقة وواقع القطاع السياحي في المغرب، ما أن تختفي كخيط دخان، ومعه تختفي مداخيل بالمليارات من عائدات العملة الصعبة، وفقدان ملايين مناصب الشغل، وهو الامر الذي لا يخدم مصالح المغرب الاستراتيجية المتعلقة بالقطاع السياحي، ورؤية 2020 وطموح المغرب الكبير في اعتماد السياحة كمحرك التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.