أعاد الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له طفلة ذات ست سنوات بإقليم طاطا، للواجهة النقاش حول جريمة اغتصاب الأطفال والإفلات من العقاب في المغرب، خاصة بعد قرار محكمة الاستئناف بأكادير متابعة المتهم في حالة سراح بكفالة مالية، وهو ما أثار سخط مجموعة من الفعاليات الحقوقية والمدنية. وفي هذا السياق قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بجنيف، اليوم الثلاثاء، إن عدم فرض عقوبات مشددة على مرتكبي جرائم الاغتصاب للأطفال القاصرين في المغرب أمر مشين، ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفولة، ويفتح المجال أمام تصاعد هذه الجرائم.
واعتبر المرصد في بيان له، حول حادثة تعرض الطفلة لواقعة اعتداء جنسي بهتك العرض والاغتصاب في إقليم طاطا، بداية يونيو الجاري، أن إعفاء الجناة من إيقاع العقوبة بتنازل ولي الضحية يفتح الباب أمام ازدياد حالات الاعتداء على النساء، لا سيما القاصرات منهن، ويرسّخ مبدأ الإفلات من العقاب في مثل هذا النوع من الجرائم. وأضاف بيان المرصد أن المستشفى الإقليمي لطاطا بعث في رسالة سرية شهادة طبية بشأن الطفلة القاصر للمحكمة الابتدائية في الإقليم، تم على إثرها وضع الجاني “تحت الحراسة النظرية”، ثم أُحيل ملفه إلى محكمة الاستئناف في أكادير التي قررت يوم السبت الماضي إطلاق سراحه ومتابعته في حالة سراح مؤقت بكفالة وضمانة مالية. كما لفت البيان إلى أن والد الضحية صرح للسلطات المحلية بأنه وقع تنازلًا كتابيًا لصالح المتهم “تحت الضغط والإكراه”، وأنه يعتزم التنازل عنه صونًا وحفاظًا لحقوق ابنته القاصر. واستنكر المرصد بشدة الفعل الشنيع الذي تعرضت له الطفلة القاصر، مؤكدًا أن جريمة الاعتداء على الطفلة واغتصابها من الجرائم التي لا يجوز التنازل عنها لتعلقها بشخصية المعتدى عليه “الطفلة”، إذ يجب على المحكمة بحث القضية وفقًا لحجم الجريمة الواقعة على الطفلة والمجتمع في نفس الوقت، ولا يجوز أن تغلق القضية بمجرد تنازل والدها، وحتى في حال تنازله، فإنه لا يمكن للنيابة العامة التنازل لأنها تدافع عن الحق العام الذي لا يمكن التنازل عنه. ونبّه المرصد الحقوقي الدولي إلى أنّ القانون الجنائي المغربي اعتبر جريمة الاغتصاب من الجرائم الماسة بالآداب العامة، والتي تعني أنها جرائم تمس المجتمع، وبالتالي يقع عبء توقيع العقوبات على عاتق الدولة، وبشكل أخص السلطات القضائية لحماية المجتمع من التمادي في تلك الجرائم. وارتباطا بالموضوع، أثار المرصد حادثة اعتداء جنسي واغتصاب لطفلة تبلغ ثلاث سنوات بمراكش في شهر ماي الماضي، والتي لم يتم توقيف المتهم بها رغم شكوى عائلتها. وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات المغربية بضرورة تطبيق الاتفاقيات الدولية في مجال حماية الطفولة أمام الاعتداءات المتزايدة على الأطفال، وتشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم لضمان حماية قانونية للأطفال وحماية للمجتمع.