أضحى مشروع قانون قانون 20.22 المتعلق بتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح الجبل الذي يخفي وراءه البركان الذي يُهدد بنسف قلعة حزب الإتحاد الإشتراكي، بعدمَا جاء به وزير العدل الإتحادي محمد بنعبد القادر وانتهى المطاف إلى صدام بين مكونات الحزب الداخلية وتطاحنات بين أعضاء مكتبه السياسي وصلت إلى المطالبة باستقالة وزير العدل بينما اختار الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر الاصطفاف إلى جانب محمد بنعبد القادر. يبدو أنَّ الغليان والغضب الذي تناثر على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بسبب مشروع القانون 20.22 انتهى نسبيًا حاملا معه صفعة تلاقها حزب الإتحاد الإشتراكي، بسبب حدة الإنتقاذات التي وجهت للحزب والتي اعتبرها الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر في حديثه لموقع “لكم” بأنها “رجة انتهت والنقاش فيها مؤجل” غير أنَّ قيادات وسط الحزب تُصر على مسائلة إدريس لشكر ووزير العدل محمد بنعبد القادر بتهمة محاولة التبرؤ من تهمة التواطؤ ومن القرارات التي أُريدَ لها أنَّ تمحي تاريخ الإتحاد” كما يقول أحد معارضي لشكر.
وعلم موقع “لكم” أنَّ عددًا من أعضاء المجلس الوطني والمكتب السياسي ورئيسي الفريقين بمجلسي البرلمان وجهوا مراسلة لإدريس لشكر حول “ما آلت إليه أوضاع الحزب أمام الرأي العام” ويُطالبون من خلالها بعقد اجتماع للمكتب السياسي للتداول في استقالة وزير العدل محمد بنعبد القادر ومحاسبته على ماحدث في الأيام الأخيرة، وتضم المراسلة التي وقعها 11 عضو، كل من "عبد الحميد فاتحي، يونس مجاهد، محمد ملال، السعديةً بنسهلي، عبد المقصود الراشدي، جواد شفيق، رحاب حنان، شقران امام، صلاح الدين المانوزي، وحسن نجمي”. ومن جهته قال إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب لموقع “لكم” إنَّ المكتب السياسي لحزبه لا يجتمع بناءًا عن املاءات الأشخاص أو بناءًا عن كتابات معينة أو رسائل من أشخاص، مشيرًا إلى أنّ المكتب السياسي في اجتماع دائم”. وجاءَ حديث لشكر كرد مبطن على ماكتبه حسن نجمي، عضو المكتب السياسي للحزب، الذي اتهم إدريس لشكر بالتعنت في الدعوة لعقد اجتماع للمكتب السياسي بعدمَا طالبه ثلث أعضاء المكتب السياسي للحزب غير أنه لحدود اليوم، لم يستجب. تحقير الإتحاد وذكر نجمي أن عدم الدعوة إلى عقد اجتماع للمكتب السياسي بل وعدم الرد (بالإيجاب أو حتى بالسلب) على رسائل ثلث أعضاء المكتب السياسي من طرف إدريس لشكر شَكّلَا تحقيرًا، واستخفافًا بأخلاق المسؤولية، وأفاد نجمي أن الهدف من الاجتماع هوَ السعي لإنقاذ سمعة الإتحاد الإشتراكي وتبرئة ذمته أمام الجماهير من ما وصفه ب”العبث”. وفي معرض رده عما إنَّ كان يُدافع عن وزير العدل محمد بنعبد القادر، باعتبار وجود إبنه، حسن لشكر، في منصب رئيس ديوان وزير العدل، قال لشكر "من يطرح هذه المسألة يكون إما مريضًا أو ذاتي حتى يقارن هذا النبل السياسي، بالأمور الصغيرة والتافهة كهذه، وأنا أنأى بنفسي حتى أنزل لهذا المستوى من الإسفاف، ونحن في ظروف صعبة بحجم الكارثة، ومن يربط هذه الأمور بهذا النقاش، غير واعي بحقيقة الكارثة وحجمها التي تتربص بالبشرية، لذلك يمارسون هذه الألاعيب". “لشكر يمسك الحزب من رقبته” وقال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية، لموقع “لكم”، في تعقيبه على الموضوع، إنَّ إدريس لشكر، أبانَ بأنه يتفرد بالحزب مستغلا جائحة كورونا، بعدمَا تعنت في عقد اجتماع مكتبه السياسي، كما أنه يُمارس وصاية على الحزب، مشيرًا إلى أنَّ الخيار الوحيد المتبقي لدى حزب الإتحاد الإشتراكي لحفظ ماء الوجه، هوَ التخلص من وزير العدل من خلال تعديل حكومي جديد. ومن جهته يرى أستاذ القانون الدستوري مصطفى السحيمي، أنَّ الخلاف المتصاعد حاليًا جاءَ نتيجة تضرر صورة الحزب، مشيرًا إلى أنه في الوقت آنه هناك طائفة وسط الإتحاد الإشتراكي، لا تُريد من إدريس لشكر أنَّ يقود الحزب في الإنتخابات القادمة باعتباره أمين عام غير مقبول وليسَ لديه مصداقية. واعتبر السحيمي، في تصريح خص به “لكم”، أنَّ وزير العدل لن يقدم استقالته، وقال في هذا الصدد “حاليًا لا يوجد حل لدى الإتحاد الإشتراكي للخروج من الأزمة، ولا يمكنهم إلزام وزير العدل بالإستقالة، وأيضًا لشكر لن يستطيع تقديم استقالته، وليسَ هناك أغلبية للعصف بإدريس لشكر معتبرًا أنَّ “لشكر يمسك الحزب من رقبته”. أما إدريس لشكر، فيرى في حديثه لموقع “لكم” أنه منتخب عن المؤتمر وأنَّ قرار الحزب بالدخول للحكومة والمشاركة فيها هوَ قرار صادر عن برلمان الحزب قائلا “لا أدبر وجود فلان من عدمه ووجودنا في الحكومة واختياراتنا هي قرارات لبرلمان الحزب، وليسَ فيها ذاتية الأشخاص”. حلم لشكر العودة إلى الوزارة وعادَ المحلل السياسي عبد الرحيم العلام للقول إنَّ صورة الإتحاد الاشتراكي تضررت بشكل كبير، لذلك يدافع اليوم لشكر عن حكومة الوحدة الوطنية، يُريد أن يضمن لنفسه مكانة داخل الحكومة بأيّ وجه كان، حتى ولو فاز بمقعد واحد، وتابع العلام “يُريد إدريس لشكر أن يستغل تاريخ الحزب لكي يكون في الحكومة بداعي “حكومة وحدة وطنية” رغمَ أنَّ هذه الحكومة لا يوجد لها أي تفسير في الدستور”. وأفاد العلام أن لشكر يسعى إلى أنّ يحل محل وزير العدل في حالة قدم هذا الأخير إستقالته، حتى يضمن لنفسه منصبًا وزاريًا فيما تبقى، وقال العلام في هذا الصدد “إدريس لشكر يعلم جيدًا أنّ مستقبله على رأس الحزب تضرر بشكل كبير، وأيضًا مستقبله السياسي كباقي الأحزاب السياسية الأخرى التي فقدت حاضنتها الشعبية ولم تعد تراهن على التغلغل داخل القواعد الشعبية”. آخر من تبقى من الحرس القديم وقال الباحث السياسي في “مركز كارنيغي للشرق الأوسط” محمد مصباح في حديثه لموقع “لكم” إن لشكر يعرف أنَّ هناك عملية تدوير للنخب في المغرب خلال السنوات الأخيرة، وأن دوره قادم لا محالة. وكشف مصباح أنَّ جميع النخب التي صعدت في 2011 انتهت اليوم وتبددت أبرزها عبد الإله بنكيران، إلياس العماري، حميد شباط، وقال إنَّ الوحيد المتبقي من هذه النخبة هوَ إدريس لشكر، لذلك لشكر يُقاوم، حتى لا يُنهي مساره السياسي بهذا النوع من التصدعات. وأوضح مصباح، أنَّ الإجماع الذي يدعيه لشكر بقوله “حكومة وحدة وطنية” حتى ولو افتراضنا وجود ذلك انطلاقًا من مخيلة لشكر، تبخر هوَ الأخر، بسبب وزيره في العدل، وقال إنَّ مشروع القانون 20.22 معادلة صفرية، إذ كسر التضامن والإلتفاف حول الحكومة إزاء تدبير جائحة وباء كورونا، وبالأخص الثقة التي كانت لدى المواطنين في الحكومة خلال تدبيرها للأزمة في البداية”. ويقول مصباح عن موضوح حكومة الوحدة الوطنية التي يدعيها لشكر،”إنه حتى ولو افترضنا مع لشكر أنَّ هناك وحدة حكومية، ولكن في الواقع لا اثر لذلك في الواقع”، مشيرًا إلى أنّ النسخة الحالية من الحكومة عبارة عن “فسيفساء حكومية، ولا يوجد فيها أيَّ انسجام”. ويرى الباحث مصباح أنَّ مشروع القانون 20.22 كانَ نقطة التحول في المعادلة الحكومية، إذ من بعده، باتَ المواطنون ينظرون للحكومة بعين الشك، وبالتالي ساهمت الحكومة في إضعاف رصيد الثقة الذي منحه لها الجمهور بسبب الإجراءات، بينما كان الأمر مختلف منذ بدء التدابير لمواجهة كورونا إلى حين مصادقة المجلس الحكومي على مشروع القانون. 20.22 القشة التي قسمت ظهر البعير ومباشرة بعد الرجة التي اثيرت حول القانون، خرجَ الوزير الاتحادي محمد بنعبد القادر للقول إنه اعتبارا للظرفية الخاصة التي تجتازها البلاد في ظل حالة الطوارئ الصحية، قرر أن يطلب من رئيس الحكومة وأعضاء اللجنة الوزارية تأجيل أشغال هذه اللجنة بخصوص مشروع القانون 22.20. وذكر أنه لجأ إلى هذا الإجراء الجديد “إلى حين انتهاء هذه الفترة، وإجراء المشاورات اللازمة مع كافة الهيئات المعنية، وذلك حتى نبقى جميعا حريصين على أن تكون الصياغة النهائية لهذا المشروع مستوفية للمبادئ الدستورية ذات الصلة ومعززة للمكاسب الحقوقية ببلادنا”. وعقد إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اجتماعًا مع رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، للبحث عن مخرج للأزمة التي خلقها مشروع القانون المتعلق بتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح. وكشفَ أستاذ العلوم السياسية مصطفى السحيمي في حديثه لموقع “لكم” أنَّ عزيز أخنوش التقى إدريس لشكر للتداول في موضوع القانون قبل تقديمه للمجلس الحكومي، مشيرًا إلى أنَّ بنود مقاطعة السلع المدرجة في القانون لم تكن هناك من فراغ. وأفاد السيحيمي، أن أخنوش ليسَ في موقف سليم حتى عند مكتبه السياسي هوَ الأخر، مشيرًا إلى أن محمد أوجار ، وزير العدل السابق، اثار توجسه من مشروع قانون 20.22 وعبر عن رفضه، مما أبان عن اختلافات داخل قيادة الأحرار نفسها. وتابع السحيمي قائلا إنَّ قانون 20.22 جاء بإيعاز من وزارة الداخلية من أجل تنظيم مواقع التواصل الاجتماعي ومكافحة الأخبار الزائفة، مشيرًا إلى أنه في الوقت الراهن تجري متابعة 86 شخصًا بتهمة الأخبار الزائفة منذ إعلان حالة الطوارئ في المغرب.