في لقاء لها مع أحد مستشاري الرئيس التونسي المخلوع أوردت المراسلة الخاصة لصحيفة لوموند الفرنسية بعض تفاصيل المحادثات التي كان زين العابدين بن علي وبعض المقربين منه يجرونها خلال مواجهتهم لثورة الشعب التونسي, وكشفت عن خطة كان يعد لها لتولي ليلى زوجة بن علي مقاليد الحكم خلفا له في العام 2013. وقالت إيزابيل مادرو إن الوصول إلى البيت الذي يختبئ فيه هذا الرجل بحي باردو مهمة شاقة تتطلب المرور عبر متاهة من الطرق الملتفة التي تخضع لحراسة بعض أقرباء المستشار. ويتحدث الرجل الذي اختارت المراسلة أن تطلق عليه اسم "زياد" عن مؤامرة كانت تحاك داخل قصر قرطاج حتى قبل انطلاق شرارة الثورة للإطاحة ببن علي. مشاجرة بين ليلي وبن علي ويكشف في هذا الإطار عن مشاجرة قوية وقعت بين بن علي وزوجته في شهر سبتمبر، أصبح بعدها أخوها بلحسن وابن أخيها عماد يتواجدان في القصر بشكل متزايد. ويضيف هذا المستشار السابق اسم سليم شيبوب -وهو زوج إحدى بنات بن علي- إلى بلحسن وعماد بوصفهم زمرة كانت تعد للإطاحة ببن علي في بداية العام 2013 من خلال سيناريو يشمل الإعلان عن استقالة الرئيس لأسباب صحية والدعوة لانتخابات عامة تتوج بفوز ليلى، التي سيكون الحزب الحاكم قد رشحها بعد أن نظم مسيرة مليونية بتونس العاصمة تطالب بذلك. وتصف مادرو الخوف الشديد الذي ينتاب زياد كلما سمع دوي الرصاص في المنطقة التي يوجد بها، ففرائصه ترتعش رغم أنه – حسب قوله- يغير مكان وجوده كل ساعة. ويحاول الرجل استحضار تفاصيل ما دار في القصر الرئاسي بتونس خلال اللحظات الأولى لشرارة الثورة, فيقول إن بن علي لم يكترث عندما أخبر بإحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه في بلدة سيدي بوزيد واقتصر على القول: "فليمت!". ومنذ تلك اللحظة يقول زياد, أصبح عبد الوهاب عبد الله هو الحاكم الفعلي وعبد العزيز بن ضياء المصفاة التي لا يتسرب شيء إلا من خلالها, كما انضم لهؤلاء قائد الأمن الرئاسي علي السرياطي. محاولة إقحام القاعدة ويقول زياد إنه حضر اجتماع أزمة يوم 29 ديسمبر الماضي، بعد الخطاب الأول للرئيس، اقترح خلاله عبد الله أن ينحى باللوم في كل ما يحدث على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، "لأن ذلك هو الحل الوحيد حسب أصدقائنا الفرنسيين". لكن بن علي سخر من هذا الاقتراح قائلا إنه يعني "قتل السياحة في تونس، وهو ما يمثل انتحارا بالنسبة لنا". ووصف زياد الارتياح الكبير الذي دب في نفوس المسؤولين التونسيين عندما اقترحت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل أليو ماري مساعدة السلطات التونسية في التصدي للاحتجاجات عبر تكوين الشرطة التونسية. وأضاف أن النائب اليميني بالبرلمان الفرنسي أريك راؤول ظل يتصل بالمسؤولين التونسيين ويحذر من فتح الباب أمام الإسلاميين. وقد اعترف راؤول باتصالات أجراها مع التونسيين لكنه نفى أن تكون مع رئاسة الجمهورية هناك. ويختم زياد بوصف ما دار في الاجتماع الذي سبق فرار بن علي فيقول إن السرياطي كان غاضبا من قوات الجيش الذين وصفهم ب"الأوغاد" لأنهم انحازوا للشعب، على حد تعبيره, مضيفا "نعم قد نغادر لكننا سنحرق تونس, فلدي 800 رجل مستعدون للتضحية بأنفسهم, وخلال أسبوعين فقط سيقوم من يحتجون اليوم بالتوسل إلينا للأخذ بزمام الأمور من جديد". هرب بدون ملابس من جهه نسب موقع "العربية.نت" إلى مصدر أمني تونسي قوله إن الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، غادر بلاده فجأة وعلى وجه السرعة بعد اجتماع استمع خلاله لتقرير شفهي من مدير الأمن الرئاسي، الجنرال علي السرياطي، الذي يؤكد المصدر أنه خدع بن علي وغرر به وأقنعه في الاجتماع بمغادرة البلاد فورا بحجة أن هجوما يستهدف القصر "فاستعجل المغادرة خشية على حياته" وفق تعبير المصدر الذي طلب من "العربية.نت" عدم ذكر اسمه. وكشف المصدر أن زين العابدين بن علي لم يغادر تونس مستقيلا من منصبه كرئيس للجمهورية، كما أشيع، وإلا لكان أصدر بيانا متلفزا، أو مكتوبا وممهورا بتوقيعه، أو ما شابه، يشرح فيه الأسباب ويذاع بعد سفره. وذكر أن الرئيس التونسي السابق ظهر على التلفزيون قبل ليلة من مغادرته تونس باكرا صباح الجمعة الماضي، فعبر عن حزنه لما تشهده البلاد وأسف لاستخدام الشرطة القوة المهلكة ضد المتظاهرين وأعلن عن نيته عدم ترشحه لولاية جديدة بعد 3 سنوات ومنح الاعلام حرية كاملة وقرر التحقيق بالفساد "وهذا ما يؤكد رغبته في الاستمرار، لا بالاستقالة والمغادرة". خدعة الجنرال السرياطي وتابع المصدر قائلا: "بما أن الرئيس بن علي غادر مؤقتا بناء على تقرير الجنرال السرياطي فإنه من غير المعقول أن يسلم منصب الرئاسة لرئيس وزرائه، محمد الغنوشي، بحسب ما زعم الغنوشي فيما بعد". وقال إن زين العابدين بن علي "ربما لم يدرك حقيقة ماجرى إلا بعد وصوله إلى جدة، أو ربما وهو في الطائرة، عندها اكتشف خطة مدير الأمن الرئاسي" وفق تعبيره. وفسر المصدر خطة الجنرال علي السرياطي، الذي اعتقلته وحدة من الجيش التونسي فيما بعد، بأنها كانت انقلابا أعده ودبره للاستيلاء على الحكم لنفسه، مستغلا الفوضى التي سادت البلاد "لكن الجيش كان له بالمرصاد" كما قال. ومن المقدر أن الرئيس التونسي السابق ربما لم ينم في الساعات التي أعقبت إلقاء خطابه المتلفز الأخير واستماعه إلى "نصيحة" الجنرال السرياطي ليلة الخميس الماضي بضرورة الخروج من البلاد ريثما تهدأ الأوضاع، فغادر على عجل ولم يرافقه إلا اثنان من أبنائه الستة وزوجته وشقيقتها و 6 من مرافقيه "ولم يحمل معه أي أغراض خاصة، إلى درجة أنه ركب الطائرة حتى من دون ملابس إضافية" كما قال، وهي معلومة تنفي ما نشرته صحيفة "لو موند" الفرنسية أمس الاثنين من أن زوجة بن علي حملت معها 1500 كيلوغراما من احتياطي الذهب المودع في البنك المركزي التونسي، إلى جانب أن مصدرا بالبنك نفسه نفى الخبر أيضا. إقامته في السعودية لن تطول وهناك معلومات تناقلتها بعض المصادر منذ أمس، وملخصها أن إقامة زين العابدين بن علي لن تطول في السعودية، سوى إلى أوائل الصيف المقبل على الأكثر، حيث يقيم الآن في جدة ومعه زوجته ليلى طرابلسي، وابنه الأصغر منها، وهو الذكر الوحيد بين أبنائه واسمه محمد (6 سنوات) وكذلك ابنته الصغرى حليمة، وعمرها 18 سنة، إضافة إلى إحدى شقيقات زوجته، ومن معهم من مرافقين. وهناك شائعات سرت بأن نسرين (25 عاما) ابنة زين العابدين بن علي وزوجة صخر الماطري قد سافرت في 11 من الشهر الجاري إلى مونتريال، أما بنات الرئيس التونسي السابق من نعيمة الكافي، وهي زوجته الأولى التي اقترن بها قبل 46 سنة، فلا أحد يعرف مكانهن الآن، وهن: غزوة، المتزوجة من رجل الأعمال، سليم زروق، ودرصاف المتزوجة من رجل الأعمال والرياضي، سليم شيبوب (اعتقلوه يحاول الهرب برفقة الجنرال السرياطي) ثم سيرين، المتزوجة من رجل الأعمال مروان مبروك. المصدر: لوموند، الجزيرة.نت، العربية.نت