كشف رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الخميس تشكيلة أوّل حكومة في السودان منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في أبريل، ما يشكّل مرحلة رئيسية في العملية الانتقالية التي يُفترض أن تؤدّي إلى حكم مدني. وأرجئ إعلان الحكومة الجديدة أيّاماً عدّة لمنح رئيس الوزراء وقتاً كافياً للاختيار بين الأسماء التي رشّحها المجلس العسكري و”قوى إعلان الحرّية والتغيير”، رأس حربة الحركة الاحتجاجيّة التي أطاحت البشير. وقال حمدوك في مؤتمر صحافي “أعلن الآن تشكيل الحكومة (…) اليوم نبدأ مرحلة جديدة من تاريخنا”، مؤكّداً أن “أهمّ أولويّات الفترة الانتقاليّة إيقاف الحرب وبناء السلام”. واضاف “هذه الفترة الانتقاليّة إن أحسنّا إدارتها، ستفتح لنا الطريق (…) حاليّاً موفّر لنا مناخ وفرصة كبيرة جدّاً للوصول إلى السّلام”، مؤكّداً “الالتزام بالعدالة والعدالة الانتقالية”. وأفاد مراسل وكالة فرانس برس انّ الحكومة الجديدة تضمّ 18 وزيراً، بينهم أربع نساء أبرزهنّ وزيرة الخارجية أسماء محمد عبدالله. ومن الوزراء أيضاً وزير رئاسة مجلس الوزراء عمر بشير مانيس ووزير الدفاع جمال عمر محمّد ووزير الداخليّة الطريفي إدريس ووزير العدل نصر الدين عبد الباري ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي ابراهيم احمد البدوي. وتشكّل مجلس سيادي في السودان بعد توقيع اتّفاق تاريخي بين المجلس العسكري الانتقالي الذي تولّى الحكم بعد البشير وقادة الاحتجاجات في 17 غشت. ويتضمّن هذا الاتّفاق الخطوط الكبرى لمرحلة انتقاليّة من المقرّر أن تستمرّ ثلاثة أعوام ونيّفا وتمهّد لإجراء انتخابات ديموقراطيّة. النهوض بالاقتصاد وأحد أبرز تحدّيات الحكومة الجديدة هو النهوض باقتصاد السّودان الذي طالته عقوبات أميركيّة طوال عقدين. ورفعت واشنطن الحظر على السودان في العام 2017 مع إبقاء البلاد في لائحتها السّوداء “للدول الداعمة للإرهاب”، الأمر الذي أضرّ حسب المسؤولين السودانيّين بالنموّ الاقتصادي وعطّل جذب مستثمرين أجانب. وتسلّم عبدالله حمدوك منصبه رئيساً للوزراء في 21 غشت. ويُعدّ السودان بين أفقر دول العالم. وصنّفته الأمم المتّحدة العام الماضي في المرتبة ال167 من 189 على مؤشّرها للتنمية البشريّة. ويُتوقّع أنّ تُكافح حكومة حمدوك الفساد المستشري، إضافةً إلى تفكيك التيّار الإسلامي المتوغّل في الدولة العميقة خلال حكم البشير. وكانت المشاكل الاقتصاديّة منطلق التظاهرات التي اندلعت في ديسمبر 2018 بعد رفع سعر الخبز. وسريعاً ما تحوّلت إلى احتجاج على نظام البشير الذي حكم البلاد منذ العام 1989. وقُتل أكثر من 250 شخصاً في قمع الحركة الاحتجاجيّة، وفقاً للجنة أطبّاء قريبة من حركة الاحتجاج. كذلك، سيكون على الحكومة الجديدة التّعامل مع تحدٍّ مهمّ آخَر يتمثّل في إبرام اتّفاقات سلام في غضون ستّة أشهر مع حركات التمرّد في الولايات التي تشهد نزاعات. وشنّت مجموعات متمرّدة من مناطق مهمّشة، بينها دارفور والنيل الأزق وجنوب كردفان، حروباً استمرّت أعواماً ضدّ القوّات الحكوميّة قُتل فيها آلاف ونزح ملايين. والسّبت، أعلنت أربع حركات متمرّدة في دارفور أنّها “ستتفاوض مع السُلطات الانتقاليّة برؤية موحّدة”، من دون أن تقدّم تفاصيل. ووعد حمدوك “بوقف الحرب وبناء سلام دائم” في السودان. وقال مجلس السيادة الانتقالي في بيان الثلاثاء إنّ حمدوك أكّد “رغبته في أن تكون الحكومة أكثر تمثيلاً لولايات السودان”.