في وقت بحت فيه الأصوات، هنا في المغرب، أرض العروبة والعراقة، مُطالبةً باحترام لغة الشعب المغربي من استعمارية لغة الشعب الفرنسي التي أمست لغة الخطاب الرئيسية في وطننا غصبا وبالقوة وضدا على الدستور والقرارات الحكومية التي توالت منذ عهد رئيس الحكومة الأسبق السيد عبد الرحمن اليوسفي، وضدا حتى على أحكام القضاء؛ في كندا، وعلى الرغم من أن اللغتان، الفرنسية والإنكليزية رسميتين باعتراف دستور المملكة، غير أن في بلاد القانون، حيث لا يُقبل أي تجنٍ على حقوق المواطن، بما فيها حقوقه اللغوية والثقافية التي لا تعترف بها حكومتنا المغربية، كان القضاء في هذا البلد الأميركي صاحب كلمة الفصل، وهو يحكم ضد شركة طيران كندية لأنها أهملت اللغة الفرنسية في نظامها التواصلي على متن الطائرة. حدث ذلك عندما قرر زوجان رفع شكاوى قضائية ضد شركة الطيران الوطنية، تُطالب بالإنصاف جراء الضرر المعنوي الذي تعرضا له داخل الطائرة، على إثر تهميش لغتهم الفرنسية. فحسب الشكاوى التي تقدموا بها، كتبت بعض الكلمات الفرنسية بخط أصغر من نظيرتها المكتوبة بالانكليزية، ونوع من الإهمال لكلمات أخرى. هذا، بكل تأكيد، درس بليغ للحكومة المغربية، ولرئيسها الذي يُصرُّ إلى اليوم على عرقلة تنفيذ أحكام القضاء التاريخية التي نطقت بها محاكم مغربية ضد لغة المستعمر، وأبرزها حُكم قضائي قضى بعدم قانونية اللغة الفرنسية في الإدارات المغربية، وعلى الرغم من أن الفرنسية في المغرب لا تتخذ أي طابع شرعي ولا يوجد لها أي سند قانوني وليس لها أي مشروعية في الدستور، إلا أن معاليه يصر على تحصينها ضد الأحكام القضائية. وفي الوقت الذي تطالب فيه حكومته المغاربة باحترام القانون والقضاء، نجده هو ووزراء حكومته لا يبخلون بجُهد للتمكين للغة الاستعمار الجديد، الاستعمار الذي يستعمرنا عن طريق اللغة، وعن طريق اللغة يتدخل في شؤونا الداخلية، وعن طريق لغته أيضا يحمي مصالحه الاقتصادية والسياسية، وكذلك عن طريق هذه اللغة التي لا يُوليها الأوروبيين أدنى أهمية، يُحسسنا هذا الاستعمار بأننا أقل شأنا وقيمة، وأن قيمتنا تحتاج لكي تتشكل إلى التخلي عن لغتنا والتحول إلى أتباع للفرنسيين، أو إلى ببغاوات ناطقة بالفرنسية. رئيس حكومتنا الذي يقدم نفسه كدكتور نفسي ومعالج أمراض عقلية ونفسية، يحتاج إلى طبيب نفساني حقيقي على أن يكون كندي الجنسية والشخصية، عله يكون اليد التي سيكون شفاءه بإذن الله عليها، من ازدواجية الشخصية والإلتوائية التي أصبحت سمة الشهرة. المقترنة باسمه.. فمعالي رئيس الوزراء الذي دعا المجتمع المدني وهو يلقى كلمة في مؤتمر اللغة العربية العام الماضي، دعاه إلى الدفاع عن اللغة العربية، وهو يقدم نفسه كمنافح عن هذه اللغة التي كانت من أهم الثوابت التي تبناها حزبه الحاكم، كما كانت أحد أسباب شعبيته، قبل أن يتخلى عنها علانية، غير أن هذا "الأخ" كما قلنا هو صاحب شخصية إلتوائية، بحيث أنه يقول الشيء ويغلفه بثوب التقيّة، وهو يتحدث أمام العلن، ثم ما يلبث أن يتحول إلى ساركوزي فرنسا في المغرب، كأكثر المتعصبين المعادين للغة الوطن والمواطن، المدافعين بشوفينية وشراسة عن لغة الاستعمار الجديد ولغة العبودية والإذلال، وقد راسلنا عبر إحدى الهيئات رئيس الحكومة عملا بدعوته للمجتمع المدني، غير أن مكتب الرجل لم يكلف نفسه عناء الرد على أي من مراسلاتنا سواء الورقية أو نسخها التي وضعناها في بوابة الشكاوى الإلكترونية التي خصصتها حكومته، ضدا على الخطابات الملكية التي تؤكد على التعامل مع شكاوى المواطنين، وعدم إهمالها، وقد قدمنا تظلماتنا بالدليل القاطع معززة بالنصوص الدستورية وبما أفادت به الأحكام القضائية. إن "حادثة الطائرة" تبين لنا بشكل واضح الفرق بين أن تكون مواطنا كنديا تحت رعاية الحكومة الكندية وفي حماية قوانينها ودستورها، وبين أن تكون مواطنا مغربيا تحت رعاية نزوات المتفرنسين وخاضعا لإرادة الدولة الفرنسية التي بواسطة لوبياتها أمست تفرض علينا لغتها التي تحتل الرتبة الحادية عشر، أي خارج قائمة عشر لغات دولية، تفرضها علينا حتى في الصفحة الرسمية لمعالي رئيس الحكومة. رئيس المنظمة العربية للتعريب والتواصل