تركي آل الشيخ يهنئ الملك محمد السادس والشعب المغربي بتأهل أشبال الأطلس إلى نهائي كأس العالم    الهيئة الوطنية للنزاهة توقف صفقة "خريطة الفساد في قطاع الصحة" بسبب شبهات تضارب مصالح    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة.. "أشبال الأطلس" يحققون إنجازاً تاريخياً ويتأهلون إلى النهائي    مئات المغاربة يحتفلون بالرباط بوقف العدوان على غزة ويرفضون التطبيع (فيديو)    الاتحاد المغربي للشغل يعقد حوارا اجتماعيا مثمرا مع كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    عشية زيارة بوريطة، موسكو تعتبر المغرب "شريكا مهما" لروسيا في القارة الإفريقية    هذا الموريسكي..ما يكتبه الماء لن يقرأه أحد (3)    هشام الدكيك يستدعي 23 لاعبا للمشاركة في وديتي المغرب ضد إسبانيا    ريتشارد ديوك بوكان الثالث يحل بالمغرب سفيرا جديدا لواشنطن... ذو خلفية اقتصادية ومقرب من ترامب (بروفايل)    طقس الخميس ..امطار متفرقة مرتقبة بالريف    لقاء يجمع ولد الرشيد ببرلمان "سيماك"    أحكام ثقيلة ضد مثيري الشغب بسوس    حسن طارق ينوه بمنشور رئيس الحكومة الداعم للتعاون بين الإدارات ومؤسسة الوسيط    منتخب الفتيات ينشد التألق المونديالي    الذكاء الاصطناعي الدامج يفتح آفاقاً جديدة للشركات في الاقتصادات الناشئة    محكمة الإستئناف بتونس تصدر أحكاما في قضية اغتيال شكري بلعيد منها حكمان بالإعدام    نشرة إنذارية: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة غدا الخميس بعدد من مناطق المملكة    بسبب المهاجرين غير النظاميين.. تشديد المراقبة الأمنية بمحيط الفنيدق    طنجة.. نهاية مطاردة مثيرة لمتهم فرّ من الأمن خلال إعادة تمثيل جريمة قتل    استخراج جثة الطفل الراعي بميدلت    رئيس مجلس النواب يتباحث مع الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب    تحذير أممي من زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو    تجدد المطالب لأخنوش بالحد من خسائر تعطيل التكرير بمصفاة "سامير" والحفاظ على حقوق الأجراء    «تمغرابيت».. عمل فني جديد يجسد روح الوطنية والانتماء في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    عبد الله ساعف يحاضر حول «العلوم الاجتماعية في المغرب» بتطوان    «مغربيات ملهمات» لبنحمو بالمقهى الثقافي بالرباط    طنجة تتربع على عرش السياحة بالمغرب سنة 2025..    لقاء بنيويورك يعزز التعاون اللامركزي بين جماعتي الداخلة وغريت نيك الأمريكي    وهبي: سنلعب أمام فرنسا بأسلوبنا وقوتنا المعتادة    علامة الأزياء العالمية «GUESS» تحتفل بالذكرى الخامسة والأربعين بمؤتمر «عالم واحد، علامة واحدة» في مراكش    "ذاكرة السلام" شعار الدورة 14 لمهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور    المنتخب المغربي... رمز للوحدة الوطنية لا ساحة لتصفية الحسابات    بركة: الموسم الفلاحي المنصرم سجل تحسنا نسبيا    أسعار الذهب ترتفع قرب مستوى قياسي جديد    في ‬مفاهيم ‬الخطاب ‬الملكي:‬ من ‬تأطير ‬المواطنين ‬إلى ‬ترسيخ ‬ثقافة ‬النتائج    نزهة بدوان: "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء" ترسيخ للمحلمة الوطنية    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    إسرائيل تستعد لإعادة فتح معبر رفح للسماح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة    وليد الركراكي: التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال 2026..المنتخب المغربي يواصل استخلاص الدروس والتحسن استعدادا لكأس أمم أفريقيا    أمني إسرائيلي يعلن التوصل بجثة رهينة "خاطئة"    أزيد من 36 ألف شاب دون 40 سنة استفادوا من برنامج دعم السكن منهم 44.5 في المائة من النساء الشابات    برلماني يسائل تدبير مؤسسة في وجدة    واشنطن.. صندوق النقد الدولي ومحافظو بنوك مركزية إفريقية يجددون تأكيد التزامهم بالتنمية المستدامة في إفريقيا    تتويج جمعية دكالة ضمن أفضل جمعيات المجتمع المدني بالمغرب في اليوم الوطني لمحاربة الأمية    كرة القدم: 16 فوزا متتاليا.. رقم قياسي عالمي جديد من توقيع أسود الأطلس    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهزائم العشر للحركة الأمازيغية
نشر في لكم يوم 28 - 06 - 2019

"الحركة الأمازيغية" Amussu Amaziɣ بمعناها الدقيق هي مجموع الجمعيات والمنظمات والتنسيقيات والمبادرات الجماعية المدافعة عن اللغة الأمازيغية والهوية الأمازيغية للمغرب وبلدان العالم الأمازيغي.
وبمعناها الواسع العام فهي تشمل نظريا أي مواطن مغربي Amurakucan أو أي مواطن مازغاوي Amazɣan (= مغاربي) يساند ويدافع بشكل متواصل وممنهج عن اللغة الأمازيغية أو عن الهوية القومية الأمازيغية.
يدعي كثير من المنتسبين إلى الحركة الأمازيغية بالمغرب أن الحركة الأمازيغية "تمارس فضيلة النقد الذاتي". ولكن هذا الزعم ينتهي هناك. ولن تسمع منهم أي شيء محدد ينقدونه وينتقدون بشأنه أنفسهم أو زملاءهم. النقد الذاتي منعدم لدى الحركة الأمازيغية ولدى أنصار الأمازيغية.
الحقيقة هي أن الحركة الأمازيغية مصابة بمرض تمجيد الذات ومدح الذات مثل كل الحركات الأيديولوجية والدينية والسياسية الأخرى.
ولكن المقياس الحقيقي لما أنجزته/أخفقت فيه الحركة الأمازيغية أفرادا ومنظمات إنما يكون بفحص تلك المنجزات/الإخفاقات الملموسة المحسوسة المحددة وليس بالإطناب في الإنشائيات والتمجيديات الفارغة.
ها هي الهزائم العشر للحركة الأمازيغية فافحصوها واحكموا عليها بأنفسكم:
1 – الهزيمة الأولى: الحركة الأمازيغية طالبت بترسيم اللغة الأمازيغية واللغة العربية بالمساواة التامة بينهما في الدستور المغربي. فجاء رد الدولة المغربية والإسلاميين والتعريبيين: "لا. لا. لا. لن نرسم الأمازيغية والعربية بالتساوي في الدستور. العربية أعلى درجة ومنزلة من الأمازيغية في الدستور!".
بضغط مباشر من حركة 20 فبراير الثورية الشعبية في 2011، وافقت الدولة المغربية على مضض ومكرهة ومتثاقلة على أن ترسم اللغة الأمازيغية في الدستور. ولكن بأي نوع من الترسيم؟
قررت الدولة بضغط من الإسلاميين والتعريبيين في 2011 أن ترسم العربية كاللغة الأولى والعليا في الدستور المغربي وأن ترسم الأمازيغية كلغة ثانوية المكانة وسفلية المرتبة ومؤجلة الترسيم ومقيدة الترسيم ب"قانون تنظيمي" ممرحل يكون تشكيله وتصميمه تحت رحمة الأحزاب المخزنية واللوبيات التعريبية والإسلامية، ويكون تأويل آياته المتشابهات الكريمات تحت رحمة البيروقراطيين وتحت رحمة "اجتهاد" التعريبيين والإسلاميين وأشباه الأميين المندسين في الإدارات والمدارس. اللغة الأمازيغية إلى حد الآن ليست مرسمة ترسيما حقيقيا في الدستور المغربي.
2 – الهزيمة الثانية: الحركة الأمازيغية وأكاديميو اللغة الأمازيغية طالبوا إلى حدود يناير 2003 بتدريس وكتابة اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني العالمي لكي تنجح وطنيا وتشع عالميا ولكي تنتشر بسهولة في المدرسة والإعلام والاقتصاد والحياة العامة. فجاء رد الدولة المغربية والإسلاميين والتعريبيين: لا. لا. لا. الحرف اللاتيني حرام على اللغة الأمازيغية. لن نسمح بتدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني العالمي القوي الخطير لأنه سيقوي اللغة الأمازيغية أكثر من اللازم وسينشرها في كل مكان أكثر من اللازم وسيسهل تدريسها أكثر من اللازم. سنكتب الأمازيغية بالحرف التيفيناغي والحرف العربي (كما يحدث في القناة التلفزية الثامنة التي تكتب الأمازيغية بتيفيناغ والحرف العربي وتتحاشى كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني). الحرف اللاتيني حلال على الفرنسية بالمغرب ولكنه حرام على الأمازيغية. ولسان حال الدولة والإسلاميين والتعريبيين يقول: "نريد تدريس الفرنسية لأولادنا بالحرف اللاتيني الرائع ولكننا نرفض الحرف اللاتيني الصليبي الصهيوني الشرير إذا كتبت به اللغة الأمازيغية، ويجب أن نحجّب الأمازيغية بالحرف العربي (أن نلبسها الحجاب العربي الإسلامي) ولا بأس من بعض الزينة التيفيناغية. أما الحرف اللاتيني فهو ممنوع على اللغة الأمازيغية لأنه حرف عالمي خطير شرير يقوي اللغة الأمازيغية ويجعلها لغة حداثية معولمة ومعلمنة خارج سيطرتنا السياسية والدينية!".
ومن طرائف وغرائب المغرب أننا نلاحظ منذ سنوات وإلى حد اليوم أنه تتم كتابة بعض كلمات وعبارات اللغة الدارجة بالحرف اللاتيني في الإشهارات التلفزية وملصقات الشوارع وإعلانات الجرائد وحتى في بعض مطبوعات وملصقات المؤسسات الرسمية للدولة دون أن يعترض أحد. وهذا يعني أن الحرف اللاتيني حلال على الفرنسية والدارجة وحرام على اللغة الأمازيغية بالمغرب.
3 – الهزيمة الثالثة: أنصار الحركة الأمازيغية طالبوا الأحزاب ب"قانون تنظيمي" رائع وجميل ينصف اللغة الأمازيغية ويضمن لها المساواة الكاملة مع العربية وهي مساواة معدومة أصلا في الفصل الدستوري الخامس الذي بني عليه ذلك القانون التنظيمي! (ولسان حال الحركة الأمازيغية يقول: نريد قانونا تنظيميا رائعا يصلح ما أفسده الفصل الخامس من الدستور المغربي). ولكن ماذا حدث؟
بعد ما تيسر من التسويف والتأجيل جاء رد الأحزاب الإسلامية والتعريبية: "ها هو قانون تنظيمي للأمازيغية هلامي غامض ممرحل تسويفي تأجيلي لا يلزم الدولة بأي شيء جوهري باستثناء شكليات حرف ثيفيناغ وبقية الديكوريات والقشوريات ويرسخ منزلة الأمازيغية كلغة ثانوية أقل مرتبة من العربية، وسيدخل الأمازيغية في دوامة من التعقيدات البيروقراطية مستقبلا!". والآن بدأت بعض منظمات الحركة الأمازيغية مسلسل استعطاف تلك الأحزاب من جديد لتعديل أو تغيير أو تجويد أو إلغاء هذا القانون التنظيمي!
الحركة الأمازيغية تتناسى وتتغافل عن حقيقة أن المشكل الجذري كامن في الفصل الدستوري الخامس الذي يجب أن يتم تعديله لإقرار المساواة الحقيقية بين الأمازيغية والعربية ولترسيم اللغة الأمازيغية بقوة الدستور وبحراسة المحكمة الدستورية، بدون أي قانون تنظيمي يغرق الأمازيغية في الأوحال البيروقراطية.
4 – الهزيمة الرابعة: أنصار الحركة الأمازيغية طالبوا بأن يتم تخصيص نسبة 30% من وقت البث باللغة الأمازيغية في كل القنوات التلفزية والإذاعية التابعة للدولة والممولة من طرف الدولة (ولا أعرف من وضع في أدمغتهم نسبة ال 30% العجيبة هذه ولماذا لم يطالبوا بالمناصفة، أي 50% للأمازيغية وَ 50% للعربية والدارجة. ومن يشفق على الفرنسية ويريد منحها قطعة من الكعكة فليمنحها لها من حصة العربية والدارجة وليس من حصة الأمازيغية). ماذا كان رد الدولة وأجهزتها الإعلامية؟
باختصار: تم رمي مطلب ال 30% العجيب من النافذة رغم التزام كل القنوات التلفزية الرسمية به على الورق. وما زالت العربية والفرنسية والدارجة (والمصرية واللبنانية والسورية…إلخ) تسيطر على كل القنوات الرسمية الرئيسية. ومثلا لم تظفر الأمازيغية من سراب ال 30% في قناة 2M إلا بنشرة إخبارية يتيمة مدتها بضع دقائق يتم بثها في وقت القيلولة بعد الزوال والناس نيام أو في العمل والمدرسة. عقلية "نشرة اللهجات" ما زالت حية وبخير. وتم نفي الأمازيغية إلى كراج معزول اسمه "القناة الثامنة".
5 – الهزيمة الخامسة: رغم معاداة حزب العدالة والتنمية (فرع تنظيم الإخوان المسلمين بالمغرب) لترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور وتسببه المباشر في ترسيمها الأعوج المشوه في الفصل الدستوري الخامس عام 2011، ورغم تسبب هذا الحزب عام 2003 في حرمان اللغة الأمازيغية من استعمال الحرف اللاتيني، ورغم نزعة الحزب الإسلامي الإخواني التعريبية المعادية للأمازيغية طولا وعرضا فقد فشلت الحركة الأمازيغية فشلا ذريعا في إقناع الناطقين بالأمازيغية بمقاطعة هذا الحزب وعدم التصويت له. واستمر الناطقون باللغة الأمازيغية في التصويت بكثافة منقطعة النظير لصالح هذا الحزب التعريبي الإسلامي خصوصا في منطقة سوس. ربما انخدع العوام والبسطاء والسذج ببضع كليمات تيفيناغيات دأب هذا الحزب الإسلامي التعريبي على وضعها كديكور دعائي تحت اسمه العربي في مقراته ومهرجاناته ومطبوعاته.
6 – الهزيمة السادسة: أنصار الأمازيغية افتتنوا وانبهروا بنموذج "العربية الفصحى" فطالبوا بأن تتم صناعة لغة يسمونها "الأمازيغية المعيار" وهم يقصدون "الأمازيغية الفصحى" لتقليد حالة "العربية الفصحى" التي هي لغة كتابية مختلفة عن الدارجات والعاميات العربية. لا أحد على كوكب الأرض يعرف بالضبط ما هي هذه "الأمازيغية المعيار الفصحى" وما الذي تتميز به عن الأمازيغية العادية الطبيعية الشعبية. فالإيركام والناطقون باسمه يقولون تارة أن الإيركام قد أنجز تلك "الأمازيغية المعيار" ويقولون تارة أخرى أنه في طور إنجازها ويقولون حينا آخر أنه سوف ينجزها في المستقبل. الحقيقة الصادمة هي أنه لا يوجد شيء اسمه "أمازيغية معيار" ولا "أمازيغية فصحى". هذه كلها مفرقعات إعلامية. مرة أخرى أكرر: لا يوجد شيء اسمه "الأمازيغية المعيار" ولا "الأمازيغية الفصحى". الإيركام لم يخترع لغة أمازيغية معيارية فصحى جديدة ولن يستطيع. كل ما يفعله الإيركام هو أنه يكتب اللغة الأمازيغية بحرف ثيفيناغ وبالطريقة الإملائية Orthography السوسية ويسمي ذلك "أمازيغية معيارا".
باستثناء إبداعات فردية نادرة، فشلت الحركة الأمازيغية في تجنيد أنصارها لإطلاق حركة تأليفية وتدوينية وترجمية أمازيغية اللغة. وفشلت الحركة الأمازيغية في أن تكتب أدبياتها ومنشوراتها الدورية وبياناتها باللغة الأمازيغية بأي حرف يعجبها (لاتيني، ثيفيناغ، عربي) إلا في حالات نادرة ورمزية. الحركة الأمازيغية لا تكتب باللغة الأمازيغية ولكنها تطلب من الدولة (المكونة من موظفين أميين في الأمازيغية) بأن تكتب لها كل شيء باللغة الأمازيغية، وحصريا بحرف ثيفيناغ الذي لا يقرأه أحد!
في كل حركات النهضة اللغوية المعاصرة في بلدان العالم (اللغة العربية الحديثة الفصحى في مصر وسوريا ولبنان، اللغة الهولندية في بلجيكا، اللغة الفيتنامية في فيتنام، اللغة التركية في تركيا، اللغة الكردية في كردستان، اللغة الكاطالانية في كاطالونيا…) كان الإنتاج التأليفي والترجمي باللغة المعنية في قلب وجوهر الحركة النهضوية. أما في المغرب فالآية معكوسة. لدينا حركة أمازيغية ولكن هذه الحركة لا تنتج شيئا باللغة الأمازيغية بل تنتظر من الآخرين أن يكتبوا لها اللغة الأمازيغية!
وحسب معطيات مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء فإن عدد الكتب الورقية المنشورة باللغة الأمازيغية بالمغرب في موسم 2017 / 2018 بلغ ما مجموعه 41 كتابا بنسبة أقل من 2% من مجموع الكتب المنشورة بالمغرب. والغالبية الساحقة من تلك المؤلفات الأمازيغية مطبوعة بالحرف اللاتيني، إما حصريا بالحرف اللاتيني وإما بشكل مزدوج: حرف لاتيني – حرف ثيفيناغ.
7 – الهزيمة السابعة: فشل الحركة الأمازيغية في امتحان النقاش الوطني حول لغة تدريس المواد المدرسية. اصطفت الحركة الأمازيغية بلا حياء ولا حشمة وراء الفرنسية وتخندقت في خندق سياسة الفرنسة وأصبحت ناطقة رسمية باسم اللوبي الفرنكوفوني وتناضل من أجل تأبيد وتخليد اللغة الفرنسية بالمغرب عبر فرنسة التعليم الثانوي والإعدادي. بدل أن تناضل الحركة الأمازيغية من أجل تمزيغ Asemzeɣ المواد المدرسية في إطار ثلاثية لغوية متساوية أمازيغية – عربية – إنجليزية، اختارت الحركة الأمازيغية الانبطاح للفرنسية ولعب دور المحامي المجاني المتطوع لخدمة سياسة الفرنسة بالمغرب. يخدع أنصار الحركة الأمازيغية أنفسهم أو غيرهم حين يقولون: "نريد فرنسة التعليم الآن، أما الإنجليزية فيجب تدريسها في المستقبل حين يكون المغرب جاهزا ومتطورا!"
(سؤال بسيط: إذا تقدم وتطور المغرب حقا بالفرنسية والفرنسة كما يتوهم المتوهمون فما حاجته إلى الإنجليزية مستقبلا بعد 20 أو 40 عاما من الآن؟!).
نسيت أو تناست الحركة الأمازيغية ضرورة تمزيغ التعليم فتطوعت لخدمة فرنسة التعليم. والحركة الأمازيغية تعرف جيدا أن تمزيغ المواد العلمية والأدبية في الابتدائيات والإعداديات والثانويات بحرف ثيفيناغ متعذر الآن ومتعذر بعد 20 عاما من الآن ومتعذر بعد 40 عاما من الآن. والتمزيغ انطلاقا من الآن أو انطلاقا من السنوات القليلة المقبلة متيسر فقط باستعمال الحرف اللاتيني في تدريس الأمازيغية. ولكن كما نعلم فالحرف اللاتيني ممنوع ومحظور على اللغة الأمازيغية لا يجوز لها أن تلمسه وذلك وفقا ل"فتوى سياسية" صادرة عن فرع تنظيم الإخوان المسلمين في المغرب الممثل في "العدالة والتنمية/التوحيد والإصلاح". إذن ماذا بقي للحركة الأمازيغية أن تفعله ما دامت تتهرب من مناطحة الإسلاميين رأسا لرأس؟ شيء واحد: الهروب إلى الأمام لخدمة الفرنسية لإغاظة الإسلاميين والتعريبيين ولإتمام فرنسة المغرب بالحرف اللاتيني نفسه الذي حرمه الإسلاميون والتعريبيون على اللغة الأمازيغية!
8 – الهزيمة الثامنة: فشلت الحركة الأمازيغية في التعرف على ظاهرة الاستعراب الطوعي (التحول الطوعي إلى الدارجة وتربية الآباء الأمازيغوفونيين أطفالهم بالدارجة حصريا) وهي ظاهرة اجتماعية متفشية في المدن بشكل متزايد كنوع من الموضة. وقد بينت أرقام الإحصاء الرسمي للسكان تقهقر وتراجع نسبة الناطقين بالأمازيغية في المغرب من نسبة 28.4% عام 2004 إلى نسبة 26.7% عام 2014. وهذا انهيار فظيع في مدة زمنية صغيرة جدا تبلغ ثلث الجيل الواحد (الجيل الواحد حاليا تبلغ مدته حوالي 30 عاما). إذن في ظرف ثلث جيل (10 سنوات) انكمشت نسبة الناطقين بالأمازيغية في المغرب بمقدار 1.7% بالنسبة لمجموع المغاربة وبمقدار 6% بالنسبة لكتلة المغاربة الناطقين بالأمازيغية. لقد فشلت الحركة الأمازيغية في التنبيه إلى هذه الظاهرة الاجتماعية (الاستعراب الطوعي) وفشلت في تشكيل خلية تفكير وفشلت في تصميم استراتيجيات عملية للتصدي لهذه الظاهرة في المدن مثل: تنظيم دورات تكوينية مجانية للأطفال والشباب الناطقين بالدارجة لتعلم الكلام بالأمازيغية في مقرات الجمعيات والمراكز الثقافية، توعية الناس باستعمال الأسماء الأمازيغية للأولاد والبنات، توعية المستثمرين المحليين لتأسيس مدارس خصوصية لتدريس اللغة الأمازيغية،…إلخ.
9 – الهزيمة التاسعة: حاول بعض نشطاء الحركة الأمازيغية إقناع الدولة بتغيير اسم منظمة "اتحاد المغرب العربي" إلى اسم "اتحاد المغرب الكبير" فرفضت الدولة. وحاولوا أيضا إقناع الدولة بتغيير اسم "وكالة المغرب العربي للأنباء" إلى "وكالة المغرب الكبير للأنباء" فرفضت الدولة أيضا. والذي نلاحظه في هذا هو أن نشطاء الأمازيغية يتحدثون عن تغيير الصيغة العربية لتلك الأسماء ولم يقدموا الصيغة الأمازيغية لتلك الأسماء لأنهم ما زالوا يفكرون بالعربية ولا يفكرون بالأمازيغية. والغريب أنهم لم يطالبوا باستعمال كلمة Tamazɣa (ثامازغا) أو Amaḍal Amaziɣ "العالم الأمازيغي" أو Timura Timaziɣin "البلدان الأمازيغية" كأسماء مقترحة لتلك المنظمات الرسمية. وما يزيد الطين بلة هو أن نشطاء الأمازيغية تجاهلوا الاسم الأمازيغي لبلد "المغرب" نفسه الذي هو Murakuc (موراكوش) كما هو معروف لدى الحركة الأمازيغية. لم نسمع نشطاء الأمازيغية يطالبون الدولة المغربية بتبني اسم Murakuc كالاسم الأمازيغي الرسمي للمغرب. أما الاسم الشائع Elmeɣrib (لمغريب) فهو ينتمي إلى اللغة الدارجة.
10 – الهزيمة العاشرة: تراجعت وتخلت غالبية الحركة الأمازيغية ضمنيا عن فكرة "المغرب بلد أمازيغي الهوية وأمازيغي الأرض وأمازيغي القومية". وأصبحنا نلاحظ انبطاحا متزايدا للحركة الأمازيغية أمام مقولة "المغرب متعدد المكونات والروافد الهوياتية العربية والإسلامية والأمازيغية والصحراوية والأفريقية والأندلسية الأوروبية واليهودية…إلخ" التي تروجها الدولة والأحزاب التابعة لها.
وسقطت الحركة الأمازيغية في فخ الخلط بين شيئين مختلفين:
– الثقافات المغربية = الأديان والمذاهب والأيديولوجيات واللغات واللهجات.
– الهوية المغربية = القومية الأمازيغية والأرض الأمازيغية.
فشلت الحركة الأمازيغية في ترسيخ حقيقة أن المغرب ذو هوية واحدة هي الهوية الأمازيغية. وسقطت الحركة الأمازيغية في ضجيج المغالطات التعددوية التي تخلط بين الثقافة والهوية.
وهكذا تم "احتواء" الحركة الأمازيغية من طرف الخطاب الرسمي ومن طرف الخطاب الحزبي الذي يطبل للخطاب الرسمي.
لم يعد أتباع الحركة الأمازيغية ومثقفو الأمازيغية يجرؤون أن يقولوا أمام الكاميرا أو في الصحافة أن المغرب بلد أمازيغي ذو أرض أمازيغية وشعب أمازيغي وقومية أمازيغية وأنه ينتمي حصريا إلى "العالم الأمازيغي". الموضة الحالية التي تبنتها الحركة الأمازيغية ونجومها الثقافيون والإعلاميون والإيركاميون هي أن هوية المغرب "خليط" من بقايا هويات القوميات الأجنبية في آسيا (الحجاز وإسرائيل) وأوروبا (الأندلس) وأفريقيا جنوب الصحراء.
كل بلدان العالم لها هوياتها القومية التاريخية المحلية العريقة الأصيلة إلا المغرب! المغرب Murakuc غير مسموح له بأن تكون له هويته القومية الأمازيغية الحضارية التاريخية. لا. لا. لا. المغرب يجب أن يكون خليطا من بقايا هويات الأجانب والمهاجرين واللاجئين والهاربين من مذابح الأندلس ومحارق إسرائيل ومجاهل أفريقيا جنوب الصحراء ومقاحط الحجاز ومسالخ الشيعة والسنة والخوارج في الشام والعراق وخراسان. اللاجئون والمهاجرون والهاربون إلى المغرب الأمازيغي أصبحوا يحددون هوية المغرب الأمازيغي!
تلكم إذن هي الهزائم العشر للحركة الأمازيغية والنخب المثقفة الأمازيغية.
هذه ليست شماتة وإنما هذه محاولة للإيقاظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.