"يرغبن في التعارف والتواصل قصد الزواج، سجل الآن وتواصل معهن"،"تبحثين عن زوج، تبحث عن زوجة، موقع مجاني لتجد شريك الحياة"،" شعارات لمواقع إلكترونية تشجع الراغبين في الارتباط على استخدام هذه الوسيلة العصرية، كبديل عن الطرق التقليدية المتعارف عليها في إيجاد النصف الآخر. كثرة المواقع الاجتماعية، غرف الدردشة وكذا مواقع الزواج المختلفة، جعلت هامش التواصل بين رواد الشبكة العنكبوتية يتسع تدريجيا، مما يسمح بتطور العلاقات بشكل مضطرد، ليتحول من مجرد تواصل افتراضي مؤقت إلى علاقات عاطفية قد تتوج أحيانا بالزواج. "زواج الإنترنيت ليس مجازفة" "لم أفكر يوما في إمكانية الزواج عن طريق الإنترنيت، لكنه حصل دون سابق إنذار"، تقول منال، 29 سنة، مصففة شعر. فكرة الارتباط العاطفي في العالم الافتراضي لم تكن تشغل بالها، بقدر ما كانت تبحث عن نسج علاقات صداقة وتعارف، وهي التي كانت تؤمن بضرورة التواصل في الواقع، خاصة حينما يتعلق الأمر باتخاذ قرار مصيري وحاسم كالزواج، يستوجب ضرورة اقتناع الطرفين ببعضهما ومعرفة مختلف تفاصيلهما الحياتية، بكل ما تحمله من جوانب إيجابية وسلبية بعيدا عن التصنع. تحكي بتأن شديد مسترجعة ذكريات اللقاء الأول"التقيت بزوجي في أحد مواقع التعارف، أعجبت بشخصيته وطريقته في الحديث والتعبير عن أفكاره، تبادلنا الصور والأرقام الهاتفية، تواصلنا دام لفترة لا بأس بها، ترددت بداية في لقائه لكن الأمر لم يستمر طويلا، حيث تطورت علاقتنا بشكل تصاعدي ليقرر بعدها أن يطلب يدي للزواج". بالنسبة لمنال، فالزواج عن طريق الإنترنيت لا يشكل مجازفة محفوفة بالمخاطر كما يعتقد البعض، لكونه يتيح التعرف على الشخصيات عن كثب وتكوين صورة شاملة عنها،"المشكل لا يكمن في الوسيلة أو طريقة التعارف، بل في نفسيات بعض الناس الله يهديهم، كاين اللي واخة يعرف البنت في الدراسة، الشارع أو العمل، ما يصدقش ليها من بعد، وعموما كاتبقى مسألة أرزاق"، تضيف بابتسامة عريضة. "الوقت تبهدلات ماشي تبدلات" يحتل المغرب المرتبة الأولى في إفريقيا من حيث استخدام الإنترنيت، حيث استعمل حوالي 16 مليون مغربي الشبكة العنكبوتية خلال سنة 2012، وفق إحصائيات رسمية، ويرى باحثون في الحقل الإعلامي أن الشباب المغربي لم يحتكم بعد إلى ثقافة للإنترنت تدفع به للبحث في آفاق جديدة لا يوفرها المكتوب أو المسموع أو المرئي، لكونه لايزال في مرحلة اكتشاف الشبكة العنكبوتية ويتلمس سبل التعامل المفيد معها. تستقطب مواقع الزواج عددا هائلا من الطلبات من طرف الباحثين عن شريك العمر، حيث يكفي التسجيل بها وملء استمارات الطلب ليصبح الحساب مفعلا، عن طريق إدراج المعلومات الأساسية وكذا مواصفات الطرف الآخر من مظهر خارجي، سن، عمل، دولة الإقامة وكذا المواصفات المراد توفرها. طريقة قد تشكل استفزازا صريحا لرافضيها، خاصة أنها تتعارض مع مبدإ تكوين حياة زوجية مشتركة ملؤها التفاهم والتواصل، تؤكد عائشة، ربة بيت"اللي كايديروا بحال هاد الشي كايقللوا من قيمتهم، هي عادات دخيلة على المجتمع المغربي، البنت هي اللي تكون بهمتها وشانها وتسنى ولد الحلال بلاما دير الإشهار لراسها وكأنها سلعة تباع وتشترى". تستغرب عائشة من إقدام البعض على استخدام مواقع الزواج، خاصة أن أشكال الاتصال تطورت عكس السابق، حيث أصبحت الفتيات يدرسن ويعملن بما يسمح بالتعارف في نطاق مقبول مع الآخر،"ماعرفتش واش الرجال ولاو عايشين في قارة، والبنات في قارة باش كل واحد يعرض راسه للآخر، الوقت صراحة تبهدلات ماشي تبدلات"، تضيف بلهجة غاضبة. علاقة افتراضية: شك وخيانة تعدد طلبات الارتباط عبر مواقع الدردشة والزواج لا يعكس نية صريحة في التعارف قصد تكوين حياة أسرية مستقرة كما يظهر البعض، حيث لا يعدو الأمر كونه وسيلة لجذب الانتباه قصد معرفة الآخر واختبار نواياه وما يمكن إخفاؤه لاحقا، يقول ياسين، 26 سنة، عامل"كنت أفكر في استخدام الإنترنيت للزواج، لكنني ألغيت هاته الفكرة مؤخرا، أستخدمه كوسيلة للتعارف لا أكثر ولا أقل". رأي الشاب يعكس تحفظه على الطريقة التي يتم نهجها في اختيار شريكة الحياة من قبل من يفضلون العالم الافتراضي، وهو التحليل الذي لا ينبع من فراغ، بقدر ما يعكس تخوفه من النتيجة التي قد تؤول لها هذه العلاقة الغير مضمونة، خاصة بعد التجربة التي مر بها أحد أصدقائه والذي كان يمني نفسه بالزواج من فتاة تعرف عليها في موقع للدردشة قبل أن يصطدم بالحقيقة المؤلمة، يحكي ياسين"أوهمته بأنها تحبه وأنه فارس الأحلام الذي كانت تنتظره منذ زمن، ليكتشف لاحقا أنها تتحدث مع شباب آخرين دون علمه، وذلك بعدما تقمص شخصية أخرى ليختبر مدى صدق عواطفها"، قبل أن يستطرد متسائلا" ودابا كيفاش الواحد غادي يتيق واش ماشي التسطية هادي؟".