الشعب عندما يختار رئيسه بطريقة ديمقراطية يعترف بها القاصي والداني، فإنه بذلك يبرم عقدا مفاده أنت أيها الرئيس الحكم لمدة صلاحيتك في الحكم فاحكم بيننا بما تراه صائبا لخير الأمة. في مصر الآية انعكست والقاعدة تغيرت فبعدما كانت المعارضة في الإنتخابات الرئاسية صمتت بحكم إرادة الشعب بفوز الرئيس المنتخب مرسي وأخرست لسانها أناذاك، أصبحت اليوم تلفق مختلف التلفيقات فالرئيس مثلا لم يفزبالأغلبية ومنهم من يقول أن الإنتخابات كانت مزورة والآخرون يبحثون عن الباطل ليلبسوه عنوة بالحق علما أنه بريء منهم برائة الذئب من دم يوسف. لماذا عندما تكون الإنتخابات الرئاسية يتنازل الكل عن بروجهم العالية وينزلون إلى القاعدة أي الشعب ويحتكمون إليه مهما كانت درجة مستوى معيشة ووعي هذا الشعب سواء كان فقيرا أم غنيا متعلما أم أميا الكل يستمع إلى نبضات فسيفسائه فالشعب هو مصدر كل السلطات ولا إرادة تعلو على إرادة الشعب. إذا تعلق الأمربأمور تسيير الحكم ولم تتفق الأطراف عليه واقترح الرئيس الذي اختير بطواعية وليس تحت الضغط والإكراه استفتاء شعبه على القضية المتنازع عليها بشفافية وبطريقة ديمقراطية هنا في هذه الحالة يجب على الكل الإذعان سواء الموالين أو المعارضين. لا يجب على من بهم صمم أو حاجة في نفس يعقوب أن يحطوا من قدر الشعب ويلغونه من خريطتهم كأنه غير موجود ترتفع ألسنتهم وتحذف ألسنة وضمير الشعب من قاموسهم السياسي، والأنكى من ذلك والأمر أنها تمثل نفسها مكان الشعب وتعتبره قاصرا غير مؤهلا للمسئولية، سبحان الله لما كانت الإنتخابات الرئاسية فالشعب في نظرهم كان موجودا أما الآن فهو في نظرهم كفاقد الشيء الذي لا يعطيه إنه في حكم العدم ما هكذا تقاس وتحاك الأمور أيها العقلاء. إذا كان الرئيس سيتنازل ويستفتي شعبه في المسألة المتنازع عليها فمن تكونواحتى تتعالوا وتتكبروا على صوت الشعب؟ لماذا لا تحتكموا إلى المواطنين؟ إذا ما قالوا نعم فكفانا الله شر القتال وإذا ما قالوا لا فعليهم التحية والسلام وإليكم السلام فابدئوا أناذاك عملكم ورتبوا أموركم وافعلوا حينئذ ما تروه صائبا للوطن. الديمقراطية التي يفهمها كل الأفراد هي حكم الأغلبية على الأقلية فإذا كنتم أيها المعارضين تؤمنون بهذه القاعدة حقا وفعلا وتعتبرون أنفسكم في موقع القوة فلما لا تنزلون إلى رأي الجماهير مادمتم تعتبرون أنفسكم سلطان زمانكم. المعارضة في مصر تقول إما أكون أو لا أكون فأنا فوق الجميع فوق الشعب فوق الرئيس ولن أتواضع وأتنازل عن شروطي ولن أجلس بمائدة الحوار. الرئيس يده ممدودة للتعاون والتشاور والتحاور ولكن أيدي المعارضة طويلة تريد النيل ليس فقط من الإعلان الدستوري أو الدستور نفسه بل تريد الكرسي الذي يجلس عليه سعادة الرئيس. أنا لست ضد حرية الرأي والتعبير فهذا حق من حقوق المواطنة ولكني ضد فساد الرأي وفساد الحكمة فما بين الحكمة والفتنة خيط رقيق سيتمزق مع استمرار المجاذبات بين الطرفين. حمى الله مصر الحبيبة من كل أيد خفية تريد العبث بأمنها وسلامتها وكثر الله من حكمائها وعقلائها. فلا يجهلن أحد على مصر المحروصة بعناية الله وإلا سوف يجهل عليه الجاهلين ويبقى للمستور بقية.