منذ مدة طويلة لم يشهد حدث كروي يتم خارج الملعب كل هذه الضجة الإعلامية والجماهيرية مثلما حصل مع كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد عندما قرر إقامة حفل عيد ميلاده بعد ساعات قليلة من لقاء ديربي العاصمة مدريد، لكن لن نتعجب من هذه الضجة ما دام مفتعلها هو النجم البرتغالي الأكثر شهرة في ملاعب كرة القدم. ولعل فعلة رونالدو بالاحتفال اثر تلقي هزيمة مدوية قوامها أربعة أهداف دون رد تحولت من قضية شخصية، أو إعلامية إلى قضية رأي عام، حتى أن المسألة انتقلت من جماهير ريال مدريد إلى الجماهير الأخرى التي تناولت القصة بطريقة أو بأخرى. ورغم ظهور بعض الآراء المدافعة عن الدون والتي تنبثق من فكرتين رئيسيتين، الأولى تتمثل في الحرية الشخصية للاعب خارج المستطيل الأخضر، والثانية تنبثق من قيام رونالدو بتحديد موعد الحفل قبل أن ينطلق لقاء فريقه أمام اتلتيكو مدريد، وبعد تلقي الهزيمة التاريخية لم يستطع الدون الغاء الحفل بسبب ارتباط الكثير من الأشخاص والمؤسسات والأطفال معه في ذلك اليوم. وإذا أردنا تحليل كلا وجهتي النظر لوجدنا أنهما يفتقران للإقناع، لأن الحرية الشخصية لا تبرر له التطاول على مشاعر الملايين من عشاقه وعشاق فريقه، وبمعنى أصح، ما دام هناك الملايين ممن يشترون التذاكر لرؤية رونالدو وريال مدريد ويدفعون الاشتراكات لمتابعة المباريات خلف الشاشات ويشترون القمصان دعماً له ولفريقه، فمن المنطقي عندها أن يحترم كيانهم وصدمتهم اثر تلقي هزيمة تاريخية على يد اتلتيكو مدريد وأن يتضامن مع حزنهم كأقل الواجب بعد تقديمه أداء كارثي على أرض الملعب. أما الفكرة الأخرى فهي تنم عن سخرية بحتة لأن الدون ما كان عليه من الأساس تحديد موعد الحفل بعد ساعات من الديربي كونه نجم محترف وعلى دراية بأن المواجهات الحساسة وارد حدوث أي شيء خلالها ووارد جداً أن تتلقى هزيمة قياسية أو تاريخية. لذلك لم يكن غريباً مشاهدة بعض الردود الغاضة من جماهير ريال مدريد حيث قام بضعة أشخاص برفع لافتة مكتوب عليها "ابتساماتكم، عارُنا" في وجه نجوم الريال أثناء توافدهم لمركز التدريبات فالديبيباس أمس الاثنين. ردة الفعل الغاضبة نستطيع القول أنها مبررة، لكن هل حقاً ابتسامات لاعبي الريال واحتفالهم بعد الهزيمة التاريخية عار على النادي أو جماهيره؟ في الحقيقة فإن تصرف رونالدو الغريب عار عليه بالدرجة الأولى، وعار على لاعبي ريال مدريد الذين لم ينصحوه بمحاولة تأجيل الحفل بالدرجة الثانية، وعار على أفضل لاعبي كرة القدم بالدرجة الثالثة. تصرف رونالدو ينم عن تحول شخصيته من اللاعب الأكثر احترافية في العالم إلى لاعب هاوٍ أو نجم مشاكس غير مسؤول عن تصرفاته. الدون وضع نفسه في موقف محرج مرة أخرى ووضع ريال مدريد في مأزق كبير وصعب، لا نريد تضخيم الأمور لكن جيل الجالاكتيكوس فقد اللقب تلو الآخر موسم 2003-2004 بسبب استهتار بعض نجومه ولا مبالاتهم وعدم تقييمهم للمواقف بطريقة سليمة واحترافية، مما أدى اثر ذلك إلى فناء جيل بأكمله. حفل رونالدو مخزي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويجب أن يعتذر لجماهير ريال مدريد من خلال تقديم أداء مقنع مع الفريق على أرض الملعب، الاعتذار بالكلمات لا يؤتي أكله في حالات كهذه.