انهار الفعل الثقافي بمدينة خريبكة بشكل مخيف مما جعل الكل يتساءل عن الأسباب الحقيقية لإهمال المجال الثقافي بهذه المدينة وجمود أي فعل مرتبط به . ومن خلال تشريح للوضعية انطلاقا من نظرتنا لعمل المؤسسات الساهرة عليه ، والمسؤولين الذين وظفتهم الدولة للنهوض بالقطاع الثقافي والفني بهذه الرقعة الجغرافية يتبين أن الجمود والتجميد هما الغالبان . وما تبقى سوى أنشطة ضعيفة ولا يحضرها سوى العشرات من الأشخاص و تنظم لغرض في نفس يعقوب . فالمجلس البلدي لمدينة خريبكة يغيب ما هو ثقافي وفني في قراراته حيث طغى عليها المشاريع المدرة للدخل لهم و من اجل الانتخابات القادمة . وإذا ما حولنا معرفة السبب فانه ناجم عن طبيعة مكونات المجلس البلدي ، حيث أن اغلبها لا علاقة له بالمعرفة بشكل عام وبالثقافة والفن بشكل خاص إذا ما استثنينا 3 أو 4 منهم ؟؟ فكم يضم هذا المجلس الذي يبلغ عدد أعضائه 43 من مسرحي وموسيقي ( بالمعنى الأكاديمي ) ونحات وكاتب أدبي وسينمائي .. أما مندوبية وزارة الثقافة فهي وسمة عار في جبين الثقافة والفن ، ولا نعرف لماذا ترسل الدولة مسئولين في هذا المجال من طينة خاصة تعمل على تأديب المدينة عبر الحفاظ على الجمود المستمر والتجميد الدائم للحقل الثقافي والفني والاستهتار به؟؟ فمقر المندوبية عبارة عن فيلا فاخرة موصدة ومنزوية في مكان مجهول يضنيك البحث عنها، وإذا ما وجدتها فتلك حكاية أخرى... إن لم نقل خاوية على عروشها.. أما بعض موظفيها فيتسكعون في الشوارع و مقاهي المدينة بحثا عن أغراضهم الشخصية . وهذا ما يعد سببا من أسباب إغلاق المنشات الثقافية والفنية المغلقة بالإقليم كدار الثقافة بأبي الجعد والخزانة بأبي الأنوار وباقي المؤسسات بكل من بئر مزوي وحطان وابي الجعد وبوجنيبة . ويعاني الفاعلون في الحقل الثقافي والفني بخريبكة من صعوبة التواصل مع القسم الاقتصادي والاجتماعي بعمالة خريبكة بجهل المسئول الأول عن القسم بالشؤون الثقافية والفنية حيث يحول أي جلسة لمناقشة مشروع إلى جلسات لاستنطاق القائمين عليه . مما يصبح صاحب المشروع هدفا في حد ذاته. وبالمجمع الشريف للفوسفاط بخريبكة الذي يخصص مبالغ مالية ضخمة للنهوض بالعمل الثقافي والفني و الاجتماعي ، فان بلوغ الهدف المنشود اصطدم بمزاجية احد المؤولين القدامى و الضالعين في الميدان الذي لا يرى الهدف الا في نصيبه في الصفقات المبرمة لإقامة التظاهرات الفنية والثقافية والرحلات دون النظر إلى مضمون هذه الأخيرة وطبيعتها ونسبة مرد وديتها .. ليبقى في أخر المطاف هو المستفيد الأول والأخير من كل العمليات و اقتناء المشتريات التي يراها مناسبة له وحتى وان لم تكن مناسبة لطبيعة النشاط الثقافي والفني، وما الأنشطة الجوفاء سوى مبررا للفواتير المنفوخة دون علم المسئولين عليه ويبقى التساؤل مطروحا حول عملية إغلاق جل المؤسسات الثقافية والفنية بالإقليم ، وعلى سبيل المثال المتحف الذي كلف المجمع الشريف للفوسفاط ملايين الدراهم ويضم تحف و مستحثات نادرة و مجسمات لعمال الفوسفاط تحت الأرض . وما إسكات " الغواثة " التي هي عبارة عن منبه كبير يعلو هذا المتحف . إلا دليل رمزي يدل على أن عهد العمل والحركة بمدينة خريبكة قد انتهى وأنها دخلت مرحلة السكتة القلبية .