إن ظاهرة العنف ضد المرأة، لهو أبشع طريق لانتهاك حقوق الإنسان وحقوقها خاصة، ثم كيف نقوم بالتمييز بين المرأة والرجل وهي رفيق دربه ومؤمن طريقه في الحياة وشريك ماضيه وحاضره ومستقبله، فوراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، وإن الذين يدعون السلم، ويحرضون على العنف ضد المرأة لهم شر خلق الله في الأرض كلها. هذه الظاهرة تدفعنا للتحرك العاجل من أجل إيقافها وإنصاف المرأة المعنفة بشتى الطرق ، كما سأحاول في هذه المقالة إلقاء الضوء على الأسباب واللبوسات الكامنة خلف كواليس وأسباب هذا النوع من العنف: أولا تعتبر المرأة نفسها هي أحد العوامل الرئيسية لبعض أنواع العنف والاضطهاد، وذلك لتقبلها له واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت عليه كرد فعل لذلك، مما يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرؤ أكثر فأكثر. وقد تتجلى هذه الحالة أكثر عند فقد المرأة من تلتجئ إليه، ومن يقوم بحمايتها. ثانيا: الأسباب الثقافية،كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه، وما يتمتعه من حقوق وواجبات تعتبر كعامل أساسي للعنف. وهذا الجهل قد يكون من الطرفين المرأة والمُعنِّف لها، فجهل المرأة بحقوقها و واجباتها من طرف، وجهل الآخر بهذه الحقوق من طرف ثان مما قد يؤدي إلى التجاوز وتعدي الحدود.بالإضافة إلى ذلك تدني المستوى الثقافي للأسر وللأفراد، والاختلاف الثقافي الكبير بين الزوجين بالأخص إذا كانت الزوجة هي الأعلى مستوى ثقافيا مما يولد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج كردة فعل له، فيحاول تعويض هذا النقص باحثا عن المناسبات التي يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الإهانة أو حتى الضرب.ثالثا: الأسباب التربوية، قد تكون أسس التربية العنيفة التي نشأ عليها الفرد هي التي تولد لديه العنف، إذ تجعله ضحية له حيث تشكل لديه شخصية ضعيفة وتائهة وغير واثقة، وهذا ما يؤدي إلى جبران هذا الضعف في المستقبل بالعنف، بحيث يستقوي على الأضعف منه وهي المرأة، وكما هو المعروف أن العنف يولد العنف.ويشكل هذا القسم من العنف نحو83 بالمئة من الحالات.وقد يكون الفرد شاهد عيان للعنف كالذي يرد على الأمهات من قبل الآباء بحيث ينشأ على عدم احترام المرأة وتقديرها واستصغارها، فتجعله يتعامل بشكل عنيف معها، ويشغل هذا المورد 39 بالمئة من الحالات.رابعا: العادات والتقاليد، هناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين، والتي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى مما يؤدي ذلك إلى تصغير وتضئيل الأنثى ودورها، وفي المقابل تكبير وتحجيم الذكر ودوره. حيث يعطى الحق دائما للمجتمع الذكوري للهيمنة والسلطنة وممارسة العنف على الأنثى منذ الصغر، وتعويد الأنثى على تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه إذ إنها لا تحمل ذنباً سوى أنها ولدت أنثى. كما أن الأقوال والأمثال والتعابير التي يتداولها الناس في المجتمع عامة بما في ذلك النساء أنفسهم والذي تبرز مدى تأصيل هذه الثقافة، بحيث تعطي للمجتمع الذكوري الحق في التمادي ضد الإناث مثل: قول المرأة عند ضربها من قبل الرجل (ظل رجل أحسن من ظل الحائط)، أو... ولا يخفى ما لوسائل الإعلام من دور لتساهم في تدعيم هذا التمييز وتقبل أنماط من العنف ضد المرأة في البرامج التي تبث واستغلالها بشكل غير سليم، إلى غير ذلك من الأسباب و هي عديدة ذكرنا منها الأهم و هي المتداولة في مجتمعنا المغربي لكن فمهما اختلفت الأسباب والمسببات تبقى ظاهرة العنف ضد المرأة ترصد نسبة 7%من جميع النساء اللاتي يمتن مابين سن15 و44 سنة في جميع أنحاء العالم حسب التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية.وأكد تقرير أصدره مؤخرا مرصد "عيون نسائية" المغربي، أن المرأة المغربية لا تزال تعاني من العنف بشكل كبير، إذ أظهرت إحصائيات المرصد أن 18 امرأة أقدمت على الانتحار بسبب العنف الموجه ضدها عام 2008. بينما تعرضت121 أخرى لعاهات مستديمة للسبب ذاته خلال نفس الفترة، في حين تسبب العنف ل 13 امرأة في الإجهاض. وهذه الأرقام جزئية لأنها لا تشمل كل الحالات.وكشف التقرير الذي قدمته الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع والإرشاد القانوني للنساء ضحايا العنف (أناروز) خلال بداية شهر مارس الجاري، أن العنف الاقتصادي والجسدي هما الأكثر انتشارا بين الضحايا إذ يسجلان على التوالي 37.6 في المائة و32.7 في المائة، ليحتل العنف الجنسي المركز الثالث بنسبة 10.7 في المائة.