لم يجد العديد من المعطلين بخنيفرة وسيلة للتعبير عن معاناتهم المأساوية وسخطهم الشديد على العطالة، وكذا عن موقفهم من «أوراق» غير نافعة في نظرهم، سوى إحراق نسخ من شهاداتهم الجامعية ودبلوماتهم التي حصلوا عليها، وذلك في وسط الشارع العام، وأمام مرأى من حشد كبير من المواطنين الذين التحقوا بمسيرتهم التي استغرقت حوالي أربع ساعات إلى حين أسدل الليل سواده، وقد حمل بعض المتظاهرين الصور الملكية والأعلام الوطنية، ولم يفتهم الإعلان عن استعدادهم لخوض ما يتطلبه الموقف من أشكال تصعيدية يمكنها الضغط على مختلف الجهات في سبيل استصدار حوارات جادة تعمل على توظيفهم بالمباشر وتستجيب لانتظاراتهم وتطلعاتهم، ذلك قبل انفضاض المسيرة وعودة المشاركين فيها إلى مقرهم حاملين شارات النصر في مشهد صامت ومؤثر. مسيرة «فرع الشهيد» للمعطلين انطلقت من شارع الزرقطوني، حيث جابت شارع محمد الخامس ذهابا وإيابا، ردد المشاركون فيها عدة هتافات نددت ب «البطالة والمحسوبية، وبسياسة اللامبالاة والتجاهل والوعود العقيمة»، وكذلك ب»الفساد والزبونية والمحسوبية والسياسوية والرشوة والولاءات في التوظيف»، ولم تتوقف حناجر المتظاهرين عن ترديد العشرات من الشعارات والأناشيد الغاضبة والحماسية، كما تلا أحدهم قصيدة بعنوان «ارحل يا عباس أنت وعشيرتك»، وقد حملوا نعشا رمزيا لشهيدهم مصطفى حمزاوي المتوفي تحت التعذيب بمخفر الشرطة بخنيفرة خلال ماي من عام 1993، وكتبوا على الجانب الأيمن من هذا النعش عبارة «نعش المعطل» وعلى جانبه الأيسر «أموات بلا مقابر»، في إشارة منهم لموتهم وهم أحياء يرزقون، وكان لافتا للانتباه عدم تسجيل أي حصار أو قمع ولا حتى استفزاز للمسيرة، بينما اقتصر حضور عناصر من الأمن والسلطة المحلية وبعض أعوانها على مراقبة الوضع عن بعد وتدوين ما يجري. المتظاهرون أكدوا خلال كلمتهم على الاستمرار في نضالهم «حتى آخر قطرة من دمنا، وحتى آخر معطل من جمعيتنا»، وقالوا «لقد وعدنا ولم نخلف وعودنا كما يفعل المسؤولون، وعدنا بالدخول في التصعيد فدخلنا، وعدنا بإحراق الشهادات فحرقناها، فليتحمل المسؤولون تبعات التصعيد الذي ركبناه، فلو أنهم لبوا مطالبنا ما كان لندخل فيه»، ولم يفتهم التعبير عن امتعاضهم من «أساليب الإهانة والحكرة والاستصغار والحلول الترقيعية» التي يتم التعامل بها معهم ومع ملفهم المطلبي. كما تساءل المتظاهرون بمرارة عما وصفوه ب»الوظائف التي توزع في مختلف المدن المغربية من الصحراء إلى المتوسط باستثناء مدينة خنيفرة، ألسنا من أبناء الوطن؟ ألسنا مغاربة؟»، كما أضافوا أيضا «كلما ولجنا مقاطعة أو إدارة عمومية وجدنا موظفين جدد ليس لهم أي مستوى دراسي مشرف»، ورأوا كيف أن المدينة تكبر وتحدث بها أوراش وإدارات يستوردون إليها أطرا من مدن أخرى بينما المئات من المعطلين بالإقليم يتخبطون في مظاهر الفقر والحرمان والإقصاء والتهميش وميز في المباريات الوطنية. وفي ذات كلمتهم أعلن المتظاهرون للرأي العام المحلي والوطني عن إدانتهم ل»كل التوظيفات المشبوهة التي عمت مختلف الإدارات العمومية»، و»للإحصاءات التي طالت المعطلين في هذا الإقليم دون نتائج تذكر»، وأيضا ل»للحوارات الماراطونية التي تم إجراؤها مع المسؤولين في هذا الإقليم ولم ترق إلى المستوى المطلوب»، كما أدانوا بشدة مظاهر «نهب المال العام والفساد الإداري»، وكما في كل محطة، فقد طالبوا بفتح تحقيق نزيه وشفاف في «قضية وفاة شهيدهم حمزاوي ومعاقبة الجناة»، معبرين عن تمسكهم بمواصلة نضالاتهم إلى حين تمكينهم من حقهم المشروع والعادل في التشغيل والكرامة والعيش الكريم. الاتحاد الاشتراكي