لعل أحدث إهانة وجهت للثورات العربية الحقيقية ،مع بداية عام جديد، هو قيام السعودية بعقد صفقة سلاح جديدة مع واشنطن (هى الصفقة رقم 56 فى تاريخ العلاقات الدافئة بينهما) الصفقة التى أعلن عنها الأسبوع الماضى (مقدارها 29.4 مليار دولار) لشراء طائرات (إف – 15) ؛ عادة يتم تخزينها، وتصدأ ولا تستعمل ، لأن المملكة لا تحتاجها ، إلا أن هذه الصفقة تأتى فى أجواء ثورات الربيع العربى ، مما يعنى أنها جزء من سياسة أمريكية عامة فى المنطقة من أجل تقوية الحلف المعادى للثورات ، ومن أجل امتصاص خيرات الشعوب العربية ، وتشغيل المصانع الأمريكية ، حيث ستوفر هذه الصفقة فرصة عمل مميزة ل 50 ألف أمريكى وفقاً للعقد المبرم بين آل سعود والإدارة الأمريكية ؛ ولا ينبغى لك أن تسأل عن الشعب فى الجزيرة العربية ، ولا عن فقراء المملكة ، ولا عن مجلس شورى أو شعب يراقب هذه الصفقات ، ويراقب العمولات والفساد بداخلها ، فكله يتم بعيداً عن الشعب وياللغرابة أن من يعقد هذه الصفقات الفاسدة بعيداً عن الرقابة الشعبية هم أول من يتاجر بالثورات العربية ويدعون الدفاع عنها ، رغم أنها أول من يكرهونها ، انظر كيف يعقد آل خليفة وآل ثانى وآل سعود الصفقات ، ثم انظر كيف يتبجحون فى الدفاع عن ثورات سوريا وليبيا ومصر ، وهم أول من يحتاج إلى ثورات مشابهة . * على أية حال نعود إلى الصفقة الجديدة التاريخية ، لنقرأ ما نشرته الصحف والذى جاء فيه : أعلن البيت الأبيض يوم 30/12/2011 ، إبرام صفقة بيع وتطوير طائرات " إف – 15 " المقاتلة للسعودية بقيمة 29.4 مليار دولار، وأشاد بأهميتها للاقتصاد الأمريكى حيث أنها ستؤدي إلى دعم عشرات آلاف الوظائف ومدّ الاقتصاد ب3.5 مليارات دولار سنويا، كما اعتبرها إثباتاً ل" التزام " واشنطن ب " قوة القدرات الدفاعية " السعودية فى وجه " الأخطار الخارجية" بحسب مسئول فى وزارة الخارجية، كجزء من " أمن المنطقة " ، وذلك فيما يتصاعد التوتر في منطقة الخليج على خلفية تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز فى حال فرض حظر غربى على نفطها. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست فى بيان من هاواى حيث يقضى الرئيس الأمريكى باراك أوباما عطلة الأعياد ، إن " الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية قد وقعتا اتفاقاً حكومياً ضمن برنامج المبيعات العسكرية الخارجية لتزويد القوات الجوية السعودية الملكية بطائرات مقاتلة متطورة من طراز " إف 15 اس ايه " . وأضاف ارنست أن «الاتفاق المقدرة قيمته ب29.4 مليار دولار، يشمل إنتاج 84 طائرة جديدة، وتطوير 70 طائرة، إضافة إلى الذخيرة، قطع الغيار، التدريب، الصيانة، والأعمال اللوجستية " ، وأوضح أن " هذه الطائرات المصنوعة من شركة " بوينج " هى بين الأكثر تعقيدا وقدرة فى العالم " . وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض أن الصفقة " ستؤثر إيجاباً على الاقتصاد الأمريكى ، وتعزز من التزام الرئيس أوباما بخلق وظائف جديدة عبر زيادة الصادرات. وبحسب خبراء الصناعة، سيدعم هذا الاتفاق أكثر من 50 ألف وظيفة جديدة ، بما يشمل 600 مزود فى 44 ولاية، وتأثيرا اقتصاديا سنويا يقدر ب3.5 مليارات دولار " . * انتهى الخبر والذى يعنى ببساطة مزيداً من إهدار الثروة العربية ومزيداً من توجيه السلاح إلى ثورات البحرين وشعب الجزيرة العربية فى المنطقة الشرقية وفى غيرها ، ومزيداً من الاستعداد للحرب مع إيران لصالح واشنطن وهى تعقد ويدفع فيه 30 مليار دولار فى الوقت الذى يبخلون فيه على (مصر الثورة) ب 9 مليار دولار وعدوا مصر بها ولم يرسلوا منها سوى 500 مليون دولار فقط !! . * إن هذه الصفقة تعنى فى جوهرها ؛ الحرب ضد الثورات الحقيقية ، وتأييد الثورات الزائفة ، إنها تعنى إعادة تأسيس الشرق الأوسط الجديد الذى يكون آل سعود فيه هم – ياللغرابة – المثال للديمقراطية رغم عمالتهم التاريخية لواشنطن العدو الأكبر للحقوق العربية فى فلسطين والعراق ، ترى هل تنتظروا خيراً من أصدقاء أمريكا تجاه الثورات العربية سوى الصفقات ، والضربات المجهدة للشعوب الحرة ؟! سؤال لا يحتاج إلى إجابة بل إلى (ضمير )!!.