الشقيقة (ما يسمى بالصداع النصفي): هي نوبات شديدة من الصداع الذي يحدث غالباً في جانب واحد من الرأس، ويكون نابضاً، وقد يترافق أحياناً مع غثيان وإقياء وانزعاج من الضوء والأصوات المرتفعة. للشقيقة نوعان هما: 1- شقيقة بدون نسمة. 2- شقيقة مع نسمة. حيث أن النسمة هي أعراض عدة تسبق نوبة الشقيقة، منها ما هو بصري (مثل تشويش في الرؤية والشعور بوجود وميض أو بقع سوداء أمام العينين)، ومنها ما هو عصبي كإحساس بالتنميل والخدر في الوجه وتلعثم بالنطق. يعتقد بعض مرضى الشقيقة أن شهر رمضان المبارك قد يمثل تحدي ومعاناة أكبر من غيره من أشهر السنة، فهل هذا الأمر هو حقيقة من الناحية العلمية أم لا؟ وما هي النصائح والوسائل الوقائية للتقليل من شدة نوبات الشقيقة وتكرارها خلال صيام شهر رمضان؟ ما هي العلاقة بين صيام شهر رمضان وتزايد شدة نوبات الشقيقة وتكرارها؟ مرض الشقيقة ليس له سبب دقيق معروف لحد الآن، ولكن هناك عوامل تسبب حدوث نوبات الشقيقة؛ ومنها بشكل أساسي انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم ونقص الماء وانسحاب الكافيين، وهذه العوامل الثلاثة قد تحدث خلال فترات الصيام في شهر رمضان وخصوصاً في حال عدم اتباع نظام غذائي صحيح لوجبتي الإفطار والسحور. والآن سنتكلم بشيء من التفصيل عن هذه العوامل المسببة والوقاية منها خلال شهر رمضان. 1- انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم: عندما يصوم الصائم يقل مستوى الغلوكوز في الدم بشكل تدريجي ويستعيض الجسم عنه بتحليل مخزون الغلوكوز في الكبد المسمى بالغليكوجين الذي يمد الجسم بما يحتاجه من الغلوكوز، وإذا نفذ هذا المخزون فينخفض مستوى الغلوكوز الذي يصل لخلايا الجسم، وبما أن خلايا الدماغ (من الخلايا المعتمدة بشكل أساسي على الغلوكوز في الحصول على الطاقة) تتأثر أكثر من غيرها بنقص الغلوكوز، وخلايا الدماغ التي تلعب الدور الأكبر في التحكم بمرض الشقيقة فإن نقص الغلوكوز سوف يؤثر بدوره على شدة نوبات الشقيقة وتكرارها. ولكن هذا الأمر يمكن الوقاية منه من خلال: – النظام الغذائي الصحيح في شهر رمضان؛ عن طريق تناول كمية كافية من السكريات على فترات متقطعة. (حيث أنه يجب عدم تناول كمية كبيرة من السكريات في وقت واحد وخصوصاً في وقت السحور لأن هذا قد يحرض كذلك نوبة الشقيقة، إضافة إلا أنه يزيد العطش خلال النهار.) – يقترح بعض العلماء أن تحتوي وجبة السحور على الحبوب الكاملة لأنها تحتوي على السكريات المتحللة ببطء وبالتالي تتحلل خلال النهار ببطء لتمد الجسم بالغلوكوز. 2- نقص الماء: الدماغ من أكثر الأعضاء تأثراً بنقص الماء، وعندما يحصل هذا النقص خلال الصيام فيقوم الدماغ بإنتاج مواد لتصحيحه، ولكن هذه المواد على ما يبدو لها دور في حدوث نوبة الشقيقة وتفاقم شدتها. ولكن هذا الأمر يمكن الوقاية منه بشرب كمية كافية من الماء وخصوصاً على وجبة السحور. 3- انسحاب الكافيين: أغلب مرضى الشقيقة هم من اعتادوا على شرب الكافيين (من خلال القهوة أو غيرها من المنبهات)، ويبدو أن الكافيين له تأثير في الوقاية من نوبات الشقيقة أو التخفيف منها، لذلك فإن الامتناع عن تناول القهوة لدى بعض مرضى الشقيقة في رمضان قد يزيد من تكرار نوبات الشقيقة كرد فعل عكسي (ما يسمى أعراض انسحاب الكافيين). ولكن هذا الأمر يمكن الوقاية منه بالتقليل التدريجي قبل رمضان وخصوصاً لمن اعتاد تناول الكافيين بكميات كبيرة. (وإذا كان لابد من تناول القهوة فيفضل تناولها عند السحور للتقليل من أعراض الانسحاب خلال النهار). نتائج بعض الدراسات العلمية حول تأثير الصيام على شدة نوبات الشقيقة وتكرارها: – أُجريت دراسة في عام 2013 على عدد من مرضى الشقيقة لتقييم أثر الصيام على شدة نوبات الشقيقة وتكرارها لديهم، وأشارت تلك الدراسة إلى أن الصيام لم يكن له تأثير سلبي على أغلب المرضى. – وأُجريت دراسة أخرى (أشارت إلى عكس ما أشارت إليه الدراسة السابقة) وهو أن الصيام له تأثير سلبي على تكرار وشدة نوبات الشقيقة. – أُجريت دراسة حديثة (جمعت بين نتيجتي الدراستين السابقتين) فأشارت إلى أن المرضى الذين اتبعوا نطاماً غذائياً ووقائياً مناسباً خلال شهر رمضان لم يجدوا فرقاً مهماً بشدة نوبات الشقيقة وتكرارها بعد شهر الصيام، بل إن بعضهم قلت لديهم نوبات الشقيقة وشدتها خلال شهر رمضان. أما المرضى الذين لم يتبعوا نظاماً غذائياً ووقائياً مناسباً خلال شهر رمضان فإنهم قد عانوا من شدة نوبات الشقيقة وتكرارها أكثر من غيره من الأشهر. الخلاصة: يشير العلم والدراسات الحديثة إلى أن الصيام ليس له تأثير سلبي على مرضى الشقيقة عند اتباع النصائح الغذائية والوقائية والتي سنذكر بعضاً منها: يُنصح مرضى الشقيقة بمراجعة الأطباء والصيادلة السريرين قبل البدء بصيام شهر رمضان لتقييم الحالة الطبية تماماً وإعطائهم إذا أمكن الأدوية الوقائية المناسبة لحالتهم، لأن هذه الأدوية الوقائية قد تكون فعالة كثيراً في التقليل من شدة نوبات الشقيقة وتكرارها. يجب على مرضى الشقيقة تجنب العوامل المسببة لنوبات الشقيقة لديهم مثل الإضاءة الشديدة والحر الشديد والأصوات العالية وبعض الروائح وبعض المأكولات والشدة النفسية والجسدية واضطرابات النوم وغيرها. يجب اتباع نظام غذائي مناسب لمرضى الشقيقة خلال شهر رمضان من حيث وفرة السكريات المتناولة، وتقسيم وجبة الإفطار على فترات، وتجنب إهمال وجبة السحور، وتناول كمية كافية من الماء.