يمكن استظهار التفاصيل السرية للمخططات الإيرانية ضد سلامة الأراضي المغربية و أمن و وحدة الوطن المغربي من خلال مناورات جديدة تحاول استعمال ورقة جبهة البوليساريو الإرهابية بأفق جيو – استراتيجي يعتمد على تغيير معادلات الصراع و تحويل المنطقة الشمالية لأفريقيا إلى ساحة حرب بالوكالة خدمة لمشروع الحكومة الإيرانية الكبرى من الخليج إلى المحيط . فجبهة البوليساريو التي اقتربت ساعة شَتَاتِهَا ، كانت تعمل وفق مخطط المخابرات الإيرانية على تنفيذ ما يلي : أولا : تسهيل عملية نقل المخيمات ، و تنقيل المُحتجزات و المُحتجزين بمنطقة تندوف جنوب دولة الجزائر ، و إعادة توطين المُهَجَّرين الجدد ضمن أراضي المنطقة العازلة لإستكمال مسلسل المخاتلة و التحايل على بعض شروط القانون الدولي و ميثاق الأممالمتحدة. ثانيا : إعلان الاعتراف الإيراني بالواقع الجغرافي الجديد للدويلة المزعومة و تسويقها دوليا ب " عناوين جديدة " ، مع توقيع اتفاقيات و عقود معاهدات تضمن عملية تبييض مختلف النشاطات الارهابية التي تستهدف السلم و السلام الافريقي و الأوروبي. ثالثا : تكليف ميليشيا حزب الله الإرهابي بإعادة أدلجة تنظيم البوليساريو عقائديا و عسكريا ، و الإشراف بشكل مباشرعلى بناء هياكل هذه الدويلة المزعومة و الوصاية على مفاصلها بشكل يجعلها ورقة استراتيجية قابلة للإستعمال الإيراني بالمنطقة. رابعا : إشعال الحرب في صحراء شمال إفريقيا تحت غطاء الدفاع عن حق الشعوب في مقاومة الاحتلال . و قد تَمَّ مَنْحُ قيادة هذه العمليات الإرهابية الخطيرة إلى المدعو حسن نصر الله قائد ميليشيات الضاحية الجنوبية بلبنان ، و ذلك لأن الاشتغال على هذا المخطط السري يتم تحت قناع العروبة و القومية العربية بتمويل فارسي . لأنه من الصعب على شبكة الأعمال الإيرانية بأفريقيا أن تقوم بالتغلغل في ملف الصحراء من خلال طائفية المذهب الجعفري ، لذلك تشتغل المخابرات الإيرانية بصفة منتظمة على تعريب قضية التدخل في شؤون صحراء شمال افريقيا . و يبدو أن هذا الغطاء يمنح عناصر المخابرات الإيرانية حرية تامة في التنقل و سرعة التنسيق بين خلاياها السرية دون إثارة الانتباه ، و ذلك عبر تنظيم لقاءات و ندوات جمعوية ظاهرها الحوار الاسلامي و التضامن العربي و باطنها التنفيذ العملي للمخططات التوسعية للحوزة السياسية الحاكمة بدولة إيران. غير أن حزم و صرامة الدولة المغربية كشفت معالم المخطط الإيراني المُغلَّف بقناع ديبلوماسية التقية ، فالذكاء الإستراتيجي والكفاءة المهنية لدى المؤسسات الساهرة على أمن الوطن و سلامة حدوده جعلت الحوزة السياسية الحاكمة بإيران عاجزة عن دحض الحجة بالحجة ، و صامتة بصورة غير ديبلوماسية عن تقديم اعتذار يناسب حجم الضرر الجيو- سياسي الذي يهدد المنطقة بهبوب رياح حرب مُدمرة تُعاكس مصالح الشعوب و رغبتها في الأمن و الاستقرار و النماء و التقدم . و لعل واقعة الدولة الجزائرية المُخترقة من طرف المخابرات الإيرانية، تؤكد بالملموس أن النظام الجزائري الذي فقد بوصلة تنزيل القرارات الأممية، لا يريد إيجاد تسوية نهائية سلمية للنزاع المُفتعل حول الصحراء المغربية وفق مبدأ رابح – رابح ، و الذي تجسده المبادرة المغربية العقلانية والديمقراطية التي تضمن للجزائر والمغرب تدشين مرحلة مصالحة شجاعة و فتح الحدود المغلقة وإحقاق الوثبة الثقافية، الاجتماعية و الاقتصادية لشعوب المنطقة. إن النظام الجزائري فقد السيطرة على سيادة أراضيه التي أصبحت مرتعًا لشبكة الأعمال الايرانية بأفريقيا ، هذه الشبكة التي استغلت انتشار حالات الفراغ الروحي بالجزائر و الغضب الشعبي لدى الشباب لزعزعة العقيدة و الوجدان بمذهب التشيع السياسي . ثم قامت هذه المخابرات الإيرانية بالإستثمار في حالة الوهن الرئاسي و مرض عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يعد قادرا على تدبير شؤون البلاد و حماية سيادتها من اختراق أجهزة المخابرات الإيرانية، و التي تحاول تصفية حسابات الصراع بين " حوزة قم المُؤَدْلَجَة " و بين دول الاتحاد الأوروبي من خلال تغلغل مخابرات إيران في أراضي خط الغاز بالجزائر، و التحكم في قرارات سيادية تخلى عن ممارستها الحكم الوَهِن بقصر مرادية بمدينة الجزائر.