هوية بريس – مريم الحجازي في سهول الحجاز وتلاله، في الوديان، وعلى قمم جباله، لا صوت يعلو فوق صوت التلبية، ولا لون يضاهي البياض وينافسه ؛ لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ؛ إي والله لبيك، لبيك إن تدافعنا مع حُجاجك، لبيك وإن كنا في المنازل نكفكف دموعنا، ونحبس أشواقنا ؛ لبيك نصدع بها في البيوت، وعلى النوافذ والشرفات، في الطرقات، وفي الأسواق، في المدن، والقرى، والبوادي، لبيك من المشرق حتى المغرب، لبيك يضج بها الفضاء، وتملأ ما بين الأرض والسماء؛ جموع تدفقت، وأفواج اندفعت، وحشود احتشدت؛ غص الحجاز بضيوف الرحمن، واكتظ بطلاب الجنان، وازدحم بسائلي الرحمة والغفران؛ إييييه يا حجاز إييييه هل نالت أرض غير أرضك مثل هذا الشرف!؟ هل حَظِي تراب غير ترابك بهذه الكرامة!؟ ها هم يتدفقون إليك من كل أطراف الأرض، وحوافها، من مدنها، وغاباتها، من جزرها، وأدغالها، من بواديها، وصحرائها، يبذلون الغالي والنفيس لتلامس أقدامهم صحراءك الجرداء، ولتنتصب أجسادهم على جبالك السوداء؛ ياللكرامة!! هل كنت تعلم يا حجاز أن سيدنا إبراهيم حين وقف بين جبالك السوداء، وترك مهجته وحبيبته أنه كان يضع لبنات مجدك! وبعد أن كانت أرضك قفر، جرداء، لا ماء، ولا كلاء؛ لا قوافل ترتادك، ولا رحال تحط بك، ولا نفوس تنزل وتستقر عليك، أصبحت حِيَاض القلوب، ومصب الأفئدة، ومهوى الأنفس؛ بكف ارتفع، ولسان لهج "فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ" أصبحت أمنية لكل موحد، وبضربة قدم من طفل رضيع، انفجرت صحراءك بماء عذب، قَرَاح، يروي الظمآن، ويشبع الجَوْعان، يشفي السقيم، ويُبرئ العليل، الله أكبر، الله أكبر، ياللكرامة! لئن ارتديت ثوب الفخر فلا غرابة، ولئن توشحت بوشاح العز فلا والله عليك ملامة، فهذه مكة تنام في حجرك، وتلك المدينة تسكن في حضنك، فمن مثلك ياحجاز.. من مثلك!!