هوية بريس- متابعات يكشف استشهاد 9 صحفيين وإصابة آخرين خلال أقل من أسبوع، سجلا طويلا من القتل الممنهج الذي يستهدف به الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين ومقار عملهم، في إطار يُوصف بأنه "نمط فتاك مستمر منذ عقود"، بينما مرّت كل هذه الجرائم بلا محاسبة. والجمعة الماضية، استشهد الصحفي اللبناني عصام عبد الله -الذي يعمل في وكالة رويترز- وأصيب 6 صحفيين آخرين هم: الزميلان في شبكة الجزيرة كارمن جوخدار وإيلي براخيا، وثائر السوداني وماهر نازح، من رويترز، وكريستينا عاصي وديلان كولنز، من وكالة الصحافة الفرنسية. وأكد مصدر أمني لبناني أن طائرة "أباتشي" إسرائيلية هي التي استهدفت الصحفيين بصاروخ موجه في علما الشعب جنوبيلبنان. وكان الصحفيون فوق تلة لرصد الأحداث في جنوبلبنان، وبعيدين عن أي موقع عسكري، كما كانوا يضعون إشارات للتعريف بهم بوصفهم صحفيين. وقد أدانت شبكة الجزيرة الإعلامية الاعتداء الإسرائيلي الجديد على الصحافة، وحمّلت إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن هذا "الاعتداء الغاشم"، كما طالبت المجتمع الدولي بالتحرك لضمان سلامة الصحفيين ومحاسبة كل من يقف وراء هذا "العمل الإجرامي" الذي لن ينجح في إرهاب طواقمها. اعتداء على فريق "بي بي سي" والجمعة أيضا، أعلنت شبكة "بي بي سي" البريطانية أن فريقها الصحفي في إسرائيل تعرض للاعتداء والاحتجاز تحت تهديد السلاح، بعد أن أوقفتهم الشرطة في مدينة تل أبيب. وقالت الشبكة -في بيان نشر على موقعها الرسمي-، "كان مهند توتنجي، وهيثم أبو دياب، وفريق بي بي سي عربي في طريقهم إلى أحد الفنادق، عندما اعتُرضت سيارتهم". وأضافت، "سُحبت السيارة -التي تحمل علامة تلفزيون بالخط الأحمر- وفُتِشوا ودُفعوا باتجاه الحائط". وقال توتنجي وأبو دياب، إنهما عرّفا نفسيهما على أنهما صحفيان في "بي بي سي"، وأظهرا للشرطة بطاقات الهوية الصحفية. وأثناء محاولته تصوير الحادثة، قال توتنجي، إنه رُمي هاتفه على الأرض، وضُرب على رقبته. ولغزة النصيب الأكبر وفي غزة -التي تتعرض لقصف مكثف على مدار الساعة منذ إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري- وثّقت وحدة الرصد والمتابعة بالمكتب الإعلامي في قطاع غزة، عشرات الاعتداءات بحق الصحفيين، ومن يمكنهم نقل جرائمه -التي يرتكبها بالصوت والصورة- ما أسفر عن استشهاد 8 منهم حتى الآن. وأعلن المكتب أسماء الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال؛ وهم: إبراهيم لافي، ومحمد جرغون، ومحمد الصالحي، وأسعد شملخ، وسعيد الطويل، ومحمد صبح أبو رزق، وهشام النواجحة، والصحفية سلام ميمة التي استشهدت وزوجها وأطفالهما الثلاثة. وفي غزة أيضا، فإن من لا يُستهدف بالنيران، ينتظره الاعتقال؛ فقد أعلنت عائلة الصحفي نضال الوحيدي، الأحد الماضي، أن ابنها أسير لدى قوات الاحتلال، عقب اعتقاله برفقة آخرين، خلال تغطية الأحداث التي اندلعت أثناء اقتحام حاجز إيرز "بيت حانون" شمالي قطاع غزة. كما تعرض طاقم قناة "القاهرة الإخبارية"، للاعتداء خلال تغطية الأحداث في القدس، ووجهت قوات الاحتلال السلاح في وجه الطاقم وأجبروهم على إخلاء المكان. شيرين أبو عاقلة.. المهمة الأخيرة وقبل عام ونيّف، وتحديدا في 11 مايو/أيار 2022، كان اغتيال مراسلة قناة الجزيرة الزميلة شيرين أبو عاقلة فاجعة كبرى للجمهور العربي، الذي اعتاد وجهها وصوتها وتقاريرها على مدى أكثر من 25 عاما. وفي صبيحة ذلك اليوم، توجهت شيرين إلى مهمتها الصحفية الأخيرة لتغطية اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين في الضفة الغربيةالمحتلة، وبرفقتها صحفيان فلسطينيان والمنتج علي السمودي، وكانوا جميعا يرتدون سترات تحمل شارة "صحافة" باللغة الإنجليزية بأحرف بيضاء كبيرة على الصدر وعلى الظهر. فجأة، دوّت 6 رصاصات، أصابت إحداها السمودي في كتفه. انحنى الصحفيون للاختباء ثم أُطلقت دفعة ثانية من الرصاص، أصابت رصاصة شيرين خلف رأسها في الفجوة الموجودة بين خوذتها وسترتها الواقية من الرصاص، مما أدى إلى قتلها فورا. وعلى الرغم من محاولة الاحتلال في البداية الادعاء بأن إطلاق النار كان على "إرهابيين"، فإنه عاد مرة أخرى إلى التشكيك بمصدر إطلاق النار وقال، إن الصحفيين أصيبوا برصاص الشبان المقاومين، وهو ما نفاه شهود العيان من الصحفيين الذين رافقوا شيرين خلال إصابتها. وجاء في بيان شبكة الجزيرة -آنذاك- "في جريمة قتل فاجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد على اغتيال مراسلتنا شيرين أبو عاقلة". وطالبت الجزيرة ب"إدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي، لتعمدها استهداف وقتل الزميلة شيرين أبو عاقلة"، لكن شيئا من هذا لم يحدث حتى الآن. ولاحقا، أجريت تحقيقات مستقلة عدة من مؤسسات إخبارية أميركية، بما فيها صحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست، ووكالة أسوشيتد برس، إضافة إلى المجمع البحثي "بيلنغكات" الذي يتخذ من هولندا مقرا له، وجميعها خرجت بالنتيجة ذاتها: أن عنصرا من قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلق -على الأرجح- الرصاصة. ووجدت محطة "سي إن إن" دليلا على أن هذا الاعتداء مقصود. كما وجدت المجموعة البحثية "فورينزك آركيتيكتشر" -التي تتخذ من لندن مقرا لها- ومنظمة "الحق" -المعنية بحقوق الإنسان التي تتخذ من رام الله مقرا لها- دليلا على أن الجيش الإسرائيلي استهدف شيرين أبو عاقلة وزملاءها الصحفيين بنية القتل.