اعلموا أيها الفضلاء -رحمني الله وإياكم- أنه ليس كل متصدر للوعظ أو الخطابة.. أهلاً لذلك مستحقاً له. ولو كان له معجبون ومتابعون ومصفقون كثيرون..؛ فهؤلاء المساكين معذورون، إذ ليستْ لهم قدرةٌ على التمييز بين طالب العلم والدخيل. وليست العبرةُ بأسلوب الوعظ (الحسن) وجذب المشاهدين وتشويقهم بالبكاء أو التباكي.. إذا لم يكن مع ذلك أساسياتُ العلم ومبادئُ التصوّر والإدراك، فضلًا عمّا بعد ذلك مما يجب وجوباً عينياً على المتصدر معرفتُه وطلبه.. ((ولتعرفنهم في لحن القول)) فأوّل شرط وركن تتوقف عليه ماهيّةُ الدعوة إلى الله والتصدر لها ان تكون مدركاً ومتقناً لمبادئ العلوم الشرعية وأساسيتها على الأقلّ!، ولا يكون هذا الا بالجلوس وثني الركب عند أهله والتواضع وكثرة السؤال عما تستشكله ويعسر عليك فهمه والجدّ والاجتهاد حفظاً واستشراحاً ومذاكرةً ومراجعةً.. الخ. ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة..)) فمن لم يحقق شيئاً من هذا -قل لي بربك- كيف يكون من الدعاة والوعاظ والخطباء؟ وكيف يقدم في المجالس؟ وكيف يشجع على ذلك؟؟؟ بل من نصحه وإرادة الخير له بحق أن يرشد لطلب العلم ويوجّهَ لثني الركب..، ولو كان ذلك عسيراً على النفوس شاقاً على الأبدان؛ لأن النفوس تحب البروز وتميل إلى الشهرة والظهور، فيكون سهلًا عليها ركوبُ أسبابه وامتطاء وسائله..؛ فكثيراً ما صرنا نسمع (الشيخ الفلاني) لمن كان بالأمس لعب كرة قدم او سلة أو مضرب أو ممثلاً أو غير ذلك ممن لم يطلب علماً قطّ ولا عرف شيئاً عن أساسيته وأصوله، والمبتدئ في الطلب فضلاً عن صاحب الصنعة يدرك هذا من كلامه، ولكن أكثر الناس لايعلمون. فأعينوهم -يا طالبة العلم ومعشر الدعاة رعاكم الله- على ما ينفعهم -فهم اخوانكم- ودلوهم وأرشدوهم إلى التعلّم قبل الدعوة، ولو كان ثقيلاً عليكم وعليهم، فلا مداهنة في قول الحق ولا محاباة في دين الله تعالى. جزاكم الله خيراً…