إن جريمة الاغتصاب جريمة عالمية ولا تقتصر على مجتمع دون آخر ولا على فئة دون أخرى لكنها انتشرت انتشارا واسعا في الآونة الأخيرة وسط المجتمع المغربي وهذه الجريمة معروفة بكثرة في المجتمعات الغربية اصبحنا نعيش في قانون الغاب! ما هذا الذي اصبحنا نشاهده؟ ما هذا الذي اصبحنا نسمعه؟ نعيش في مستنقع لا مخرج منه إلا بالرجوع إلى شريعة الرحمان الرحيم.. المشكل ليس في الفقيه إن وقع أو في زيد أو عمرو وقع في اغتصاب إلى غير ذلك.. فإنه كأي إنسان في هذه الأرض معرض للخطأ إلى غير ذلك من المعاصي والذنوب أو سمها ما شئت فنحن لا ننفي عن شخص مهما بلغت منزلته الخطأ. ولكن المشكلة هي استغلال بعض المرضى هذه الأحداث لضرب الإسلام وتشويه تعاليمه، ونحمل الإسلام أخطاء أتباعه كأن المسلم معصوم. والمسألة الأخرى المهمة وهي الأساس في الموضوع الأسباب في انتشار هذه الجرائم هو عدم تطبيق القصاص والحدود فكل من وقع في هذه المنكرات لا بد أن يطبق عليه القصاص مهما كانت مكانته. فيجب إقامة الحد إذا ثبت على من أصابه باقتراف موجبه؛ وكل من يتجاوز حدوده بالتعدي على أعراض الناس وأموالهم وأنفسهم، فهذا لا بد من كبح جماحه بإقامة حدود الله التي تردعه وتردع غيره، وتحفظ الأمة من الشر والفساد في الأرض. صيانة للأمن، ودفعاً للفساد، وحماية للحقوق، وزجراً للمجرمين. 1- قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [33]} [المائدة: 33]. 2- وقال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2]} [النور: 2]. 3- قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [38]} [المائدة: 38]. الحدود كلها رحمة من الله، ونعمة على الجميع. ولغيره رادعة عن الوقوع في المعاصي، وهي ضمان وأمان للأمة على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبإقامتها يصلح الكون، ويسود الأمن والعدل، وتحصل الطمأنينة. عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النّسَاءِ: أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِالله شَيْئاً، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِيَ، وَلاَ نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضاً. «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدّاً فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى الله، إنْ شَاءَ عَذّبَهُ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». متفق عليه العقوبات على الجرائم في الإسلام شرعت لتحقق ما يلي: 1- زجر الناس وردعهم عن اقتراف الجرائم الموجبة لها. 2- صيانة المجتمع من الفساد، ومنع وقوع الجريمة أو تكرارها. 3- زجر المتهم عن الوقوع في الجريمة مرة أخرى. 4- إصلاح الجاني وتهذيبه لا تعذيبه. 5- قطع دابر الجريمة، وعدم إشاعة الفاحشة. 6- منع عادة الأخذ بالثأر التي تُوسِّع رقعة انتشار الجريمة. 7- إطفاء نار الحقد والغيظ المضطرمة لدى المعتدى عليه أو أقاربه. 8- حصول الأمن وتحقيق العدل في شعب الحياة كلها. 1- قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [179]} [البقرة: 179]. 2- وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [15] يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [16]} [المائدة: 15- 16]. إقامة الحدود بكافة أنواعها والتعزيرات موكولة للإمام أي الحاكم أو نائبه وليس للأفراد، فلا يجوز أن يتفرد فرد أو جماعة أو تنظيم بإقامة الحدود . "اتفق أئمة الفتوى أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وإنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض" ( جامع أحكام القرآن للقرطبي ، 2 \256). الحدود فيها خير للمسلمين، ولو شرق بها الكفار والمنافقون والجمعيات الذين يزعمون أنهم حقوقيون . حقوقيون في نشر الرذيلة والتشجيع لها إلا من رحم الله، ولو وصموها بالوحشية والهمجية، ولو زعموا أن العالم قد تغير، ولا يناسبه إقامة القصاص والحدود فيه؛ فإن الإجرام هو الإجرام، والاعتداء هو الاعتداء. بل إن أمن البشر بات يتقلص بسبب القوانين الوضعية التي زعموا بها حفظ حقوق الإنسان، بينما هم يحفظون حقوق المجرمين، ويتغافلون عن ضحاياهم. والله تعالى قد أمرنا بالتسليم لحكمه ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء:65]. فنسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ويؤمنهم ويكف عنهم شر أهل الفساد.