مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    لبؤات الأطلس يلدغن الكونغو في مباراة لا تُنسى    ارتفاع مقلق في حوادث السير المميتة بمدينة طنجة    سان جرمان يهزم ريال مدريد برباعية    العلمي يشارك في لقاءات للفرنكوفونية    باريس سان جيرمان يكتسح ريال مدريد برباعية ويتأهل لنهائي مونديال الأندية    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    أنشيلوتي يُدان بسنة حبسا بتهمة "الاحتيال المالي"    المنتخب الوطني فئة فريق مختلط للتايكوندو يتوج بفضية في كأس العالم للفرق بجمهورية كوريا    إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق    وسط ملء لا يتعدى 37% للسدود.. أخنوش يترأس اجتماعا لتسريع تنزيل برنامج الماء    مراكش.. توقيف فرنسي من أصل جزائري مطلوب دوليًا في قضايا تهريب مخدرات    خروقات قطاع التعمير تضع منتخبين وموظفين تحت طائلة العزل والمتابعة    حموشي يؤشر على تعيينات أمنية    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    مازغان يطلق المطعم الموسمي الجديد    الصحراء المغربية.. توافق دولي لا رجعة فيه حول مغربية الصحراء ودعم ثابت للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل سياسي وحيد لهذا النزاع الإقليمي    بنسعيد: التحولات التي يشهدها قطاع الصحافة أفرزت الحاجة إلى تحيين الإطار التشريعي المنظم لمهنة الصحافة    أزيد من 160 مفقودا بفيضانات تكساس    الوكيل العام بالرشيدية ينفي تعرض طفل بومية لاعتداء جنسي ويكشف نتائج تشريح الجثة    نشرة إنذارية من المستوى البرتقالي: زخات رعدية قوية بعدد من مناطق المملكة    21 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية ‏خلال الأسبوع المنصرم    مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض رقم 54.23    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    أكثر من 790 مليون شخص في 12 دولة عانوا من درجات حرارة قصوى في يونيو 2025    المدافع المغربي محمد حمدون ينضم إلى ريال بيتيس إشبيلية    ترامب يدفع بتطبيع موريتانيا وإسرائيل                المغرب يفتح باب المشاركة بالأوسكار    إسرائيل تنفذ عملية برية بجنوب لبنان    اليونان توقف طلبات اللجوء للأفارقة    "مجرم حرب يدعم تاجر سلاح".. بوريل ينتقد ترشيح نتنياهو لترامب لجائزة نوبل        هذه توقعات أحوال الطقس بالريف واجهة الشرقية اليوم الأربعاء    الغرفة الثانية تصادق على مشروع قانون المسطرة المدنية    الحسابات الوطنية توضح المسيرة الإيجابية للاقتصاد الوطني    أصيلة تحتضن الدورة الخامسة للأكاديمية المتوسّطية للشباب من 11 إلى 19 يوليوز    بنك المغرب: 58% من المغاربة يمتلكون حسابات بنكية بنهاية 2024    الصين تعتزم توسيع شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة لتصل إلى 50 ألف كيلومتر بنهاية 2025    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    أكثر من مليون متابع لفرقة تولّد موسيقاها بالذكاء الاصطناعي    أسعار النفط تتراجع وسط تقييم اقتصادي لتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة    سايس يعود إلى التداريب بعد غياب دام لأربعة أشهر بسبب الإصابة    من أين جاءت هذه الصور الجديدة؟ .. الجواب داخل واتساب    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النبوة والرسالة.. الضرورة لصلاح العباد في المعاش والمعاد
نشر في هوية بريس يوم 05 - 11 - 2019

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن من واجبات الدين المحتَّمة، الإيمانَ بالرسول الخاتم محمد بن عبد الله، الرسول الأعظم والنبي الأكرم، الذي أرسله الله رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. صلوات الله وسلامه عليه.
مَنَّ الله على المؤمنين ببعثته فقال: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران:164].
وتكررالخطاب للمؤمنين بالإيمان به في مثل قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ [النساء: 136] على معنى الأمر للمؤمنين بتجديد إيمانهم وترسيخه والثبات عليه والزيادة منه، لأن الإيمان مراتب بعضها أرفع من بعض، والإيمان يزيد وينقص، كما جاء صريحا في القرآن الكريم في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: 2].
وقوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: 4].
ومثلما ورد في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» رواه مسلم رقم 35.
ولا شك أن من عرف للإيمان فضله وعقل منزلته سيسعى جاهدا في البحث عن السبيل إلى تجديد إيمانه والثبات عليه والزيادة منه، وذاك هو سبيل العلم النافع الذي سأتحدث عن ثلاثة من أهم أسسه ومرتكزاته في هذا المقام.
1– العلم بأن النبوة والرسالة ضروة للبشرية لا غنى عنها في صلاح أحوالهم في المعاش والمعاد.
2– العلم بحقيقة الإيمان عامة و بالرسول صلى الله عليه وسلم خاصة
3– دلائل الإيمان بنبوته ورسالته، صلى الله عليه وسلم
1 – العلم بأن النبوة والرسالة ضروة للبشرية لا غنى عنها في صلاح أحوالهم في المعاش والمعاد.
النبوة والرسالة ضرورة للبشرية؛ لأن العقل الذي يعوَّل عليه في معرفة الحق بما أودعه الله تعالى من نور القطرة، فيه من النقص والقصور ما هو بحاجة إلى الوحي الذي يكمله بواسطة النبوة والرسالة.
لأن العقل محدود الإدراك، كما العين محدودة النظر والإبصار.
ولأن العقل لا يسلم من التأثر بحظوظ النفس وسلطان الشهوة وشبهات الفكر التي تلبس عليه الحق بالباطل.
أنى للعقل أن يصل إلى معرفة الغيوب الماضية والمستقبلة؟!
أنى للعقل أن يروي ظمأ القلب المتعطش إلى معرفة ربه؟!
أنى للعقل أن يدبر حياة الناس وينظم حقوقهم وواجباتهم بالعدل اللازم لدفع الخصومات بينهم.
لذا فالعقل مفتقر أشد الافتقار إلى سراج الوحي الذي ينير له ظلمات الجهل والشك التي تحيط به من كل جانب، وصدق الله تعالى إذ قال: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور:40] .
فالوحي ضياء العقل الذي يبصربه، كما الشمس ضياء العين الذي تبصر به.
ولو أمكن أن يستقل أحد بعقله في معرفة الحق وهداية الناس إليه، لكان نبيَّنا محمدا صلى الله عليه وسلم؛ حيث لا أكمل منه عقلا ولا أزكى منه نفسا، ومع ذلك يخاطبه الله تعالى فيقول له: ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ [ سبأ: 50]
والوحي بما هو الموجه للعقل والضابط له، فهو أيضا الذي يوسع له الآفاق الضيقة ويمدها إلى أبعاد واسعة، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأعراف 185].
والرسالة ضرورة لإقامة الحجة على الناس، قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: 165].
وقال سبحانه: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15].
وقال عز شأنه: ﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى﴾ [طه: 134].
الرسالة ضرورة لحاجة الخلق إلى التأسي بالقدوة والمثال الذي يتجسد فيه الكمال البشري، وليس يتأتى ذلك إلا في صفوة خلق الله المعصومين من الأنبياء والمرسلين.
الرسالة ضرورة لإجراء المعجزات الباهرات والحجج الواضحات للناس على أيدي أنبياء الله ورسله .
يقول ابن تيمية رحمه الله: "وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسول كحاجتهم إلى الشمس والقمر، والرياح والمطر، ولا كحاجة الإنسان إلى حياته، ولا كحاجة العين إلى ضوئها والجسم إلى الطعام والشراب، بل أعظم من ذلك وأشد حاجة من كل ما يقدر ويخطر بالبال" (النبوات 1/27).
إذا تقرر ما سبق فإن من الضروري أيضا أن يكون للرسالات حقوقها وواجباتها. وأول حقوقها، وآكد واجباتها حق الإيمان بها.
2– العلم بحقيقة الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم.
إجمالا:
– الإيمان بالرسول محمد، والرسل عامة – صلوات الله وسلامه عليهم – لا ينفك عن الإيمان بالله تعالى، لأن من الإيمان بالله تعالى الإيمانَ بما أخبر به، والتصديق للصادقين من عباده المؤيدين بالمعجزات من عنده.
– الإيمان بالرسول الواحد، يقتضي الإيمان بجميع الرسل؛ لأن مصدر رسالاتهم واحد وهو الله تعالى. والتكذيب برسول واحد يستلزم التكذيب بجميع الرسل، قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: 150] ونوح عليه السلام أول الرسل، وعد تكذيب قومه له تكذيبا بجميع الرسل.
– حقيقة الإيمان الشرعية تتركب من أمرين هما: التصديق والإقرار، ولا بد منهما معا، لأن التصديق المجرد لا يقتضي الإقرار الذي يعني الطمأنينة والانقياد، وهو ما أكده الله تعالى في كتابه حيث قال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [الحجرات:15].
– وقال سبحانه: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ما﴾ [النساء: 65].
– فحقيقة الإيمان بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم هي: تصديق نبوته ورسالته وطاعته واتباعه.
تفصيلا:
الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم تفصيلا يقتضي الإيمان بعدة أمور هي:
– الإيمان بنبوته ورسالته.
– الإيمان بعموم رسالته للناس جميعا، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158] وقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: 28].
– الإيمان بأن رسالته خاتمة الرسالات والنبوات، قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40].
– الإيمان بعصمته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم 3-4].
وقال سبحانه: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: 44 – 47].
– الإيمان بتبليغ رسالته بمقتضى وحي الله الذي انزله عليه وبلغه للناس في قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3] وبمقتضى شهادة الجمع الأكبر له من المؤمنين في عرفة حيث استشهدهم على بلاغه فشهدوا له فقال: اللهم فاشهد. [صحيح البخاري رقم 4403].
3– دلائل الإيمان بنبوته ورسالتة.
– جوهر رسالته الخالدة؛ القرآن الكريم.
– خلقه العظيم وسيرته التي لو لم يكن له معجزة غيرها لكفى بها معجزة.
– إخبار الرسل السابقين بصفاته، وانطباقها عليه، قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف 157].
– المعجزات الحسية التي أجراها الله على يديه؛ مثل انشقاق القمر [صحيح الخاري 3636] و[صحيح مسلم 2800]، ونبع الماء من أصابعه الشريفة [صحيح البخاري رقم 169] و[صجيح مسلم 2279] وحنين الجذع إليه [صحيح البخاري رقم 3583]…
أ – شواهد جامعة لدلائل الإيمان بالنبوة والرسالة
– محاورة جعفر ابن أبي طالب للنجاشي رضي الله عنهما
– قَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، " فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ "، قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ… [أخرجه أحمد في مسنده رقم 1740].
– شهادة عبد الله بن سلاَم وانطباعه أول ما رأى وجه النبي صلى الله عليه وسلم وأول ما سمعه يتكلم.
– عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ» [أخرجه الترمذي رقم 2485]، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".
– المحاورة بين هرقل وأبي سفيان رضي الله عنه،
– حيث قال هرقل تعليقا على أجوبة أبي سفيان عن أسئلته:
– سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ، فَقُلْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يُزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ، فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ، قَالَ: إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ… [صحيح البخاري رقم 4553]
-ولا تزال دلائل الإعجاز في رسالته- صلى الله عليه وسلم – تترا عبر العصور، وفي العصر الحديث تأسست لرصدها وإبرازها مراكز ومجلات جزى الله القائمين عليها خير الجزاء، وهدى الله بتلك الجهود إلى صراطه المستقيم .
رزقنا الله الإيمان الحق الصادق به وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وجميع أنبيائه ورسله وملائكته وكتبه وجميع ما أخبر به في وحيه، ووفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه عنا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.