هوية بريس- لحسن معتصم* الملاحظة الثانية: النخبة الفرنسية تحكم قبضتها على مفاصل الدولة وتتحكم في العجلة الاقتصادية بالمغرب. كتبت في ملاحظتي الأولى أن هناك بعدا تاريخيا جعل من المكون الفرنسي محورا أساسيا في أي تحول مجتمعي ببلادنا، وهو ما جر علي انتقادات عدة تيارات منها الاسلاموية بالدرجة الاولى، ولبسط تصوري وفكرتي سأحاول من خلال هذه الملاحظة الثانية ان ابرز كيف أن التراكمات التاريخية لم تفرض فقط اللغة الفرنسية كلغة حاضرة بجميع مناحي الحياة، بل وضعت المغاربة أمام واقع يفرض فرنسا كثابت غير متحول. لقد تابعنا كيف تحولت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دول الخليج وتراجعت في لحظة وحين، فيما بقيت علاقتنا بالجمهورية الفرنسية في تحسن كبير وتطور غير مسبوق، وحتى حينما صعد الرئيس هولاند ذو الأصول الجزائرية الى سدة الحكم بفرنسا ، تحرك اللوبي الاقتصادي الفرنسي لتنبيه الاخير الى اي خطأ يمكن أن يقع به تجاه المغرب, فشاهدنا كيف تعززت علاقة الفرنسيين بالمغرب مع تولي ماكرون لرئاسة الجمهورية ، بل إن فرنسا هي قائدة الأوراش الكبرى ببلادنا، وما دعمها بما يفوق 7 ملايير درهم للقطار فائق السرعة ودعم إعادة وإنشاء 5 محطات القطارات من الجيل الجديد بكل من الرباطالقنيطرةالدارالبيضاء وطنجة، والدفع بشركات صناعة السيارات للاستقرار بالمغرب اضافة الى فتح عشرات شركات الأوفشورين الفرنسية لفروعها بكافة المدن المغربية ، سوى دليل على كلامي. التواجد الفرنسي بالمغرب هو من المسلمات والمناقشة فيه يقتضي فهما سليما للصيرورة التاريخية والمجتمعية، واليوم اثارة موضوع تدريس المواد التقنية والعلمية بالفرنسية ومحاولة نشر فكرة أن هناك من يدافع عن الطرح الاستعماري الفرنسي هو هراء وذا حمولة إيديولوجية غير مقبولة ومزايدة واضحة لا تعليل واقعي لها. النخبة المغربية درست بفرنسا خلال البعثات وما تزال تدرس بحيث ان عدد الأطر التي تتواجد بمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية غالييتها درست بالمدارس الفرنسية وحتى التي أكملت مشوارها بكندا فغالبيتها نخبة فرونكوفونية ، عمليا يستحيل إعادة التاريخ واستبدال هذه النخبة باخرى أنجلوساكسونية، والا فالحل هو ابادة جماعية لأطر من خيرة ما انجب الوطن وهذا لن يكون ولن يتحقق لان الوطن محتاج لابنائه وبناته على اختلافهم مرجعياتهم ولغاتهم. اقتصادنا مرتبط بشكل كبير بالقطاع السياحي بحيث ان عددا من المدن المغربية بفضل السياحة أصبحت تتوفر على بنيات أساسية مهمة كأكادير ومراكش لكن الاكيد ان هذه السياحة بدون الفرنسيين كسوق تقليدية لاشيء ، الارقام تؤكد انه فقط خلال الفترة الممتدة ما بين يناير ومارس 2019 زار المغرب قرابة 2،506 مليون سائح تطور عدد الفرنسيين منهم بنسبة +11 بالمئة وهي اعلى معدل سجل مقارنة مع باقي الجنسيات، السياحة جلبت الى المغرب مقدرات مالية مهمة بحيث سجل مرصد السياحة التابع لوزارة السياحة المغربية نموا مقدرا في 75 مليار درهم سنة 2018 مقابل 69،6 مليار درهم سنة 2017 هذا التحسن في النمو الاقتصادي راجع الى ثقة الشركاء الدوليين في قطاعنا السياحي، فلذلك اعتقد انه يستحيل إقناع العاملين بهذا القطاع يجدوى غير الفرنسية في تكوين أطرها مادام القاعدة تقول الاكثر عددا هو الاولى بالاهتمام. فاذا كنا سوف نسمع لصوت ايديولوجي غاضب من قرار الفرنسية في تكوين الاطر السياحية وتاهيلها الاكيد ان المغرب سيفقد سوقا سياحية تمده بالقوة فلا يمكن بأي حال المجازفة بالسوق الفرنسية مقابل مثلا السوق الصينية التي لم يصل عدد زوارها للمغرب رغم كل التشجيعات سوى 200 الف سنة السنة الفارطة . يتجه كل سنة آلاف المغاربة للتسجيل في المعهد الفرنسي بحيث يتواجد بالمغرب ما مجموعه 12 معهدا فرنسيا تساهم من خلال أنشطتها الثقافية والفنية وكذا من خلال فضاءاتها الموجهة للقراءة في تنمية اللغة والثقافة الفرنسيتين لدى عامة المغاربة، وهو ما يؤكد ان لا احد يجادل في أن فرنسا تستثمر كثيرا ببلدنا وتوليه أهمية كبيرة من خلال ،دعم مشاريع كثيرة ، إذ فقط من حيث البحث العلمي فإن الوكالة الجامعية للفرنكوفونية تدعم سنويا أبحاث الأكاديميين باللغة الفرنسية وتشجع جامعاتنا ا على الارتقاء ببحثها العلمي ، الهدف طبعا دعم تواجد الفرنسية ببلدنا، لكن بالمقابل جهود الدول الأخرى بالمغرب مقارنة ما تقوم به فرنسا تظل بطيئة وغير مستقرة. لذلك اعتقد ان السؤال المشروع اليوم ه ما البديل ليس فقط لغة وإنما اقتصادا ، سياحة ودبلوماسيا اما المزايدة فلن تغنينا ولن تشفع لنا فقط ستؤدي الى خلق شرخ آخر يستحيل ان يتم اصلاحه والشعب هو من سيتضرر كما دائما. *صحافي متخصص في لغات الإعلام