عدد من الشخصيات المعروفين في مجالات مختلفة لم يخطر ببالهم يوما أن الأموال التي كانوا يعتقدون أنهم يساهمون بها لمساعدة مرضى معوزين خضعوا للعلاج بمصحة الشفاء، لصاحبها طبيب التجميل الشهير حسن التازي، تذهب إلى حسابات بنكية، بعضها لأشخاص. ووجد هؤلاء، الذين يشغلون مواقع المسؤولية في شركات كبرى وفي مؤسسات معروفة، أنفسهم ضحايا "عملية احتيال"، بعدما تم التواصل معهم من طرف المتهمة "زينب. ب" بداعي التضامن وتقديم المساعدة لمرضى معوزين يعالجون بمصحة الشفاء. سكينة أخنوش ضمن الأسماء التي تم الاحتيال عليها في هذه القضية التي ما زال كثيرون يبحثون عن تفاصيلها، سكينة أخنوش، نجلة رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش. فقد وجدت رئيسة هولدينغ "أكوا"، الذي تملكه عائلة أخنوش، بعد تواصل المتهمة في هذه القضية "زينب. ب" معها، نفسها تقدم مبالغ مالية بشكل مستمر من أجل مساعدة آباء بعض الأطفال المرضى الذين يرقدون بمصحة "الشفاء" على تسديد فواتير العلاج. ووفق ما حصلت عليه جريدة هسبريس الإلكترونية، فإن نجلة رئيس الحكومة سبق أن تلقت اتصالا من لدن المتهمة بجناية الاتجار بالبشر "زينب. ب"، عرضت عليها خلاله تقديم مساعدة لأحد المرضى ليس بمقدوره تسديد مصاريف الاستشفاء، بعدما قدمت نفسها كمسؤولة بجمعية تعنى بمساعدة الأطفال والعمل الخيري. وأقدمت سكينة أخنوش على إيفاد سائقها الخاص ومعه ظرف مغلق به مبلغ مالي من أجل تسليمه إلى المسؤولة بالمصحة الاستشفائية المملوكة للطبيب المعروف. وفي مرات أخرى، منحته مبالغ مالية أخرى توزعت بين 33 ألف درهم و25 ألف درهم. المثير في هذه القضية، وفق ما كشفه سائق نجلة أخنوش الذي كان يوصل المبالغ المالية إلى المتهمة الرئيسية في الملف، أن هذه الأخيرة كانت قد طلبت منه وضع المبلغ المالي في حسابها الشخصي. ممون الحفلات "رحال" ضمن الشخصيات المعروفة التي تم الاستماع إلى إفاداتها من لدن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ممون الحفلات كمال السلمي، الذي يشغل رئيس الفيدرالية المغربية لمموني الحفلات، نجل الراحل الممون الشهير على الصعيد الوطني رحال السلمي. وأكد كمال السلمي، خلال الاستماع إليه من طرف الشرطة القضائية، أن المتهمة "زينب. ب" سبق لها أن طلبت منه سنة 2019 توفير كمية من التمر لمساعدة إحدى الجمعيات بمناسبة شهر رمضان، فسلمها 500 كيلوغرام من مخازن شركته. ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد استمرت علاقة المعنية بالأمر مع ممون الحفلات؛ إذ كانت تطلب منه، وفق تصريحاته دائما، مدها بمبالغ مالية من أجل مساعدة أطفال في وضعية صعبة. ويبلغ المبلغ الذي قدمه كمال السلمي للمتهمة، بحسبه، ما يناهز 80 ألف درهم، سلمه لها عبر شيكات بنكية باسم مصحة الشفاء. المدير العام لشركة كوبرفارما إلى جانب هؤلاء، جرى أيضا الاستماع من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى المدير العام لشركة كوبر فارما، أيمن الشيخ لحلو، حول تحويله مبلغا ماليا إلى مصحة الشفاء. ووفق تصريحاته، فقد تردد كثيرا في يناير الماضي في الرد على إحدى المكالمات الواردة على هاتفه، لكن بعد التيقن من كون الرقم المتصل يعود إلى مصحة الشفاء، اتصل هو به، ولم تكن المجيبة سوى السيدة التي تقدم نفسها بأنها تقوم بأعمال اجتماعية، لتطلب منه مساعدة عائلة في حاجة ماسة لتسديد تكاليف سيارة إسعاف ومراسيم دفن طفل متوفى تبلغ 6800 درهم. المدير العام لشركة كوبرفارما أبدى على الفور تفهمه لهذه الوضعية وقرر مساعدة الأسرة، غير أن المتهمة في هذه القضية طلبت منه تحرير الشيك باسمها، وليس باسم المصحة، الأمر الذي رفضه ودبج اسم مصحة الشفاء في الشيك. أنيس اليوسفي وجد الإطار المعروف في مؤسسة بنك المغرب أنيس اليوسفي نفسه، في شهر يناير الماضي، يؤدي مبلغا ماليا قدره 25 ألف درهم، كان يخاله إحسانا ودعما لأحد المرضى. فخلال الاستماع إليه من لدن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أكد أنيس اليوسفي أنه تلقى اتصالا من المتهمة في هذه القضية "زينب. ب" التي قدمت نفسها بأنها مساعدة اجتماعية تجمع تبرعات للمعوزين الذين يتعالجون بمصحة الشفاء. وخلال هذه المكالمة الهاتفية، وفق إفادات المعني بالأمر، فقد عرضت المتهمة عليه مساعدة طفل رضيع، لتبعث له بعدها صور الطفل وفاتورة العلاج. وبحسب إفادات المسؤول المعروف وسط بنك المغرب ولدى رجال المال دائما، فقد طلبت منه أن يودع المبلغ في حسابها الشخصي، لكنه رفض ذلك على الفور وقدم المبلغ المحدد في 25 ألف درهم إلى المصحة. المدير العام لشركات مرجان في شهر نونبر من سنة 2018، ستصل "زينب. ب" إلى المدير العام لشركات مرجان، أيوب الأزمي، لتقدم له نفسها كمهتمة بالأعمال الخيرية وجمع التبرعات للمعوزين. وأكد الأزمي خلال الاستماع إليه من لدن الضابطة القضائية أن المشتبه فيها بعثت له صور رضيع سيخضع لعملية جراحية من داخل مصحة الشفاء وتقارير طبية عنه، لكن الرجل لم يكترث بذلك. ووفق ما صرح به، فإن السيدة رغم عدم جوابه على مكالماتها، لم تيأس وأعادت المحاولة من جديد سنة 2019، وهذه المرة أثارت حالة مريض يعاني من ورم سرطاني على مستوى الرأس. فما كان من المدير العام لشركات مرجان إلا أن يتوجه صوب المصحة ويقوم بتحرير شيك بقيمة 7000 درهم. وفي سنة 2021، ستعاود الاتصال به مجددا، وتبعث له صور رضيع آخر في حاجة لمبلغ 36 ألف درهم لاستكمال مصاريف استشفائية، فانتقل الأزمي رفقة زوجته إلى المصحة وعاين هذه الحالة، وبعدها حرر شيكا بمبلغ 7 آلاف درهم بعثه مع سائقه الشخصي. وفي مرة ثالثة، قام أيوب الأزمي، بحسب تصريحاته، بتحرير شيك بمبلغ 5 آلاف درهم للمصحة نفسها من أجل حالة مرضية لطفل يعاني من ورم سرطاني. وإلى جانب هذه الأسماء، فإن العشرات من المسؤولين، ومدراء شركات ومكاتب دراسات، ومقاولين، وأطرا بمؤسسات خاصة، إضافة إلى الفنان عبد الرحيم الصويري، جرى الاستماع إليهم من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وكشفوا تلقيهم اتصالات وتوصلهم بصور لمرضى من مصحة الشفاء وفواتير العلاج قصد تقديم المساعدة، وهو ما قاموا به حينها وقدموا مبالغ مالية. متقاعدون ضحايا ومن غرائب هذه القضية المثيرة للجدل، أن مجموعة من الأشخاص المتقاعدين جرى الاتصال بهم من طرف السيدة التي تقدم نفسها مساعدة اجتماعية للمرضى المعوزين بمصحة الشفاء بالدار البيضاء. وهكذا، فقد توصلت المتهمة الرئيسية بمبالغ من طرف متقاعدين لم يكن همهم، وفق تصريحاتهم خلال الاستماع إليهم، سوى المساعدة في عمل خيري وإنقاذ المرضى الذين توصلوا بصورهم. ووجد أحد المتقاعدين من وزارة العدل نفسه يدفع مبلغ 250 درهما للمعنية بالأمر عبر إحدى وكالات تحويل الأموال، مساهمة منه في مصاريف عملية ستجريها ابنتها كما أخبرته بذلك.