ليس توقيف بث الحلقة الثانية من "البرنامج" من طرف فضائية "سي بي سي" المصرية يوم الجمعة، سوى حلقة جديدة، من حلقات مسلسل طويل من التشويق والإثارة، أهم أبطاله هو مقدمه ومنشطه باسم يوسف، الذي لم يجعل من برنامجه، مجرد دقائق همها إضحاك المشاهدين، ولكنه حوّله إلى مساحة واسعة تثير الجدل حول حدود الإعلام في السخرية وإمكانية تجاوزه للخطوط الحمراء التي تُرَى أحيانا ولا تُرى أحيانا أخر، في بلد يحاول الخروج من عنق الزجاجة بعد حسني مبارك المخلوع ومحمد مرسي المعزول. توقيف البرنامج، أدى إلى سخط كبير بين متابعيه، الذين نظم العشرات منهم، وقفة احتجاجية اليوم السبت وسط القاهرة احتجاجا على هذا القرار، زيادة على عدد من السياسيين، منهم عمرو موسى، محمد البرادعي، عدلي منصور، ممن اعتبروا أن قناة "سي بي سي" تمارس الحد من حرية التعبير ولا تتقبل طريقة باسم في الانتقاد، مشيدين بما اعتبروه جرأة منه في التعبير عن رأيه ضد كل المضايقات التي يتعرض لها. باسم يوسف، الإسم الذي صار يشغل العديد من المتتبعين للإعلام المصري، ليس خريج كلية صحافة، أو تنشيط مسرحي، أو حتى برامج كوميدية، هو طبيب حصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة، واشتغل في التدريس وجراحة القلب والأجهزة المعاونة، إلا أنه خلع سترة الطب البيضاء واستقال مؤخرا من عمله كأستاذ بقسم الجراحة بكلية الطب البشري بني سويف ليقرر التركيز في عمله الإعلامي. الطبيب الساخر بدأ شهرته من موقع اليوتوب سنة 2011، وبالضبط بعد نجاح الثورة المصرية في إسقاط مبارك، فقد كانت إطلالته من خلال حلقات برنامج "باسم يوسف شو"، وقد تحدثت أولها عن ميدان التحرير، وحققت مشاهدة عالية وصلت إلى أزيد من مليون مشاهدة، الأمر الذي أدى إلى توالي الحلقات اتباعا، لتسجل قناته على اليوتوب، رقم مشاهدة خيالي بأزيد من 10 مليون مشاهدة خلال مدة وجيزة، ممّا شجع قناة "أون تيفي" على التعاقد معه من أجل إنشاء برنامج جديد اختار له من الأسماء "البرنامج". رمضان 2011 كان لباسم يوسف موعد مع الشاشة الصغيرة، موعد جعله أوّل منشط برامج عربي ينتقل من مواقع التواصل الاجتماعي إلى التلفزيون، إلا أنه لم يستمر طويلا مع "أون تي في" بعد ان انتقل إلى قناة "سي بي سي" بنفس البرنامج، الذي لم يعلن مَعه القطيعة مع اليوتوب، بل استمر في عرض حلقاته داخل هذا الموقع، الذي وصلت فيه عدد المشاهدات الإجمالية لصفحة "البرنامج" أزيد من 120 مليون مشاهدة. يُحْسب لباسم يوسف أن كان المنشط الذي جعل العديد من الجنسيات العربية تقبل على مشاهدة برنامجه بكثير من النهم، وحسب الإحصائيات التي يقدمها موقع اليوتوب، فليس المصريون وحدهم من يشاهدونه، ولكن كذلك مواطنو غالبية البلدان العربية، وهذا ما يفسر الضجة الكبيرة التي خلقها خبر منعه من عرض حلقته الأخيرة على "سي بي سي". وقد استطاع في هذا الصدد، أن يكون ضمن قائمة جريدة التايمز الأمريكية الخاصة بأفضل مئة شخصية مؤثرة بالعالم خلال العام 2012، وأن تتحوّل قناته إلى واحدة من القنوات المعتمَدة باليوتيوب. إلا أن باسم الذي نقل فكرة برنامجه من الإعلام الغربي، وكما خلق له آلاف المعجبين الذين يتقاطرون على صفحته بالفيس بوك، برقم يقترب من الأربعة ملايين، فقد خلق له كذلك الكثير من المناوئين الذين يتنوعون بين السياسيين، الإعلاميين، الفنانين، وحتى الرياضيين. فكثرت ضده الدعاوى التي حملت اسم إهانة الرئيس المعزول محمد مرسي بعدما سخر منه بشكل لاذع، وحملت كذلك ازدراء الدين الإسلامي، وقد أثارت محاكمته التي خرج منها بكفالة، الكثير من الجدل العالمي، لدرجة أن الخارجية الأمريكية اعتبرت أن الأمر يتعلق بتقييد حرية التعبير. يقول باسم في حوار أجري معه مؤخرا: "أعتقد أن قطاعا كبيرا من الجمهور معجب بالبرنامج، هناك من يعجبهم جزئيا، وهناك من يعجبون بكل ما فيه، وكذلك هناك من يرفضونه بشكل كلي. فالبعض تعجبه السخرية اللاذعة والبعض الآخر يرفضها، لذلك لا يستطيع الإعلامي إرضاء كل الناس، ولو حاولتَ إرضاء الجميع ستفشل" ويقول كذلك :"لست محايدا، أنا حر، ولى رأيى أضعه بالبرنامج، وقد يرانى البعض على حق، وقد يرانى البعض الآخر على باطل، لكن في كل الأحوال هذا موقفي ولن أغيره". حاليا وبعد توقيف عرض برنامجه حتى ولو كان الأمر مؤقتا كما تزعم إدارة قناة "سي بي سي"، قد لا تتسع لبرنامج باسم يوسف أي قناة مثلما اتسع له موقع اليوتيوب..خاصة وأن الرجل لم يترك حتى الرجل القوي في مصر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي..عندما سخر منه في الحلقة الأولى لهذا الموسم.