بعد سنوات من جموده، أعلنت الحكومة المغربية، الاثنين، سحب مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب، وبررت ذلك ب"ضرورة مناقشة مشروع القانون المثير للجدل في شموليته". وأورد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الأخيرة قررت سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان لصعوبة مناقشته بشكل مجزأ. وأوضح المسؤول الحكومي خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية للوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الثلاثاء، أنه "في الولاية السابقة، كنا نعاتب الحكومة لأنها كانت تقدم هذا المشروع بطريقة تجزيئية وليست شمولية". واعتبر بايتاس أنه "يصعب في كل مرة مناقشة مقتضى من مقتضيات هذا القانون"، مشيرا إلى أن ما كان يعاب على الحكومة السابقة هو عدم وضعه بشكل كامل على أنظار البرلمانيين لمناقشته في شموليته. وكشف مصدر من وزارة العدل أن مسطرة السحب عادية من أجل توسيع التعديلات ومراجعة القانون برمته، وليس بعض الفصول فقط كما هو الحال في المشروع الحالي. وكان مكتب مجلس النواب كشف، الإثنين، توصله بطلب من طرف رئيس الحكومة لسحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي. وأعلن طارق القادري، أمين مجلس النواب، خلال افتتاح جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة أمس، عن توصل مكتب الغرفة الأولى بطلب سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي المحال على المجلس يوم الجمعة 24 يونيو 2016. ومنذ تاريخ الإحالة، ظل مشروع القانون المعدل والمتمم لأحكام القانون الجنائي مجمدا بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، بسبب عدم توافق الفرق البرلمانية حول مجموعة من مقتضياته طيلة السنوات الماضية. وينص مشروع القانون على جرائم جديدة، من بينها الاختفاء القسري وتهريب المهاجرين واستفادة الغير بسوء نية من الجرائم المالية المتعلقة بالاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ وتجريم الإبادة، بالإضافة إلى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. لكن أبرز مقتضى جديد تضمنه المشروع هو تجريم الإثراء غير المشروع بهدف تعزيز منظومة مكافحة الفساد، ويتجلى هذا الإثراء في الزيادة الكبيرة وغير المبررة للذمة المالية للشخص الملزم بالتصريح الإجباري للممتلكات أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح مقارنة مع مصادر دخله المشروعة دون استطاعته إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة. وفي مرات عديدة، اعتبر وزير الدولة السابق المكلف بحقوق الإنسان أن السبب وراء عدم تمرير التعديلات التي أعدتها وزارته عندما كان وزيرا للعدل، هو رفض ما ورد فيها من تجريم للإثراء غير المشروع، وهو ما نفاه مسؤولون عدة، من بينهم وزير العدل في حكومة سعد الدين العثماني محمد بنعبد القادر.